طباعة هذه الصفحة

معرض فن الخط العربي والمنمنمات

لوحــات تشـــدّ الأرواح بجـلال المعنـى

أمينة جابالله

 تمّ اختيار شهر رمضان الفضيل هذا العام لإقامة المبادرة الطيبة التي سطرها الديوان الوطني للخط العربي والزخرفة والمنمنمات بقصر الثقافة مفدي زكرياء، المتمثلة في معرض خرافي لأكثر من مئة لوحة بالرقي تميزت، وبالدقة تجلت، وبالحروف والزخارف والمنمنمات والألوان المتناسقة أبهرت العيون والقلوب وأكسبت الروح سموا وحسنات وسرورا، عن محتوى 103 لوحة أبدع فيها 59 خطاطا، تراصت لأول مرة في قاعة رواق باية لتثري فعالية ثقافية من الطراز الرفيع التي أعلنت أمس عن اختتامها، في جو بهيج لن ينساه زوار الرواق لاسيما خدام الحرف العربي الذين تفاعلوا مع الحضور وقدّموا لعشاق الكلمة الطيبة حروفا مخطوطة كهدية أقل ما يمكن أن نقول عنها تحف تشكيلية محلية ذات صبغة عالمية.


حاولت «الشعب» من خلال الاستطلاع أن تنقل فرجة فنية فاقت حدود الجمال، زيّنت رواق باية بقصر الثقافة مفدي زكرياء منذ 19من افريل المنصرم إلى غاية 03 ماي الجاري من جهة، وأن تنقل «كواليس» وقفت عليها من خلال دروس وورشات مفتوحة لخّصت جهود ثلة من أساتذة الخط العربي في الجزائر، الذين نابوا عن 53 مشاركا قدموا من مختلف ولايات الوطن من جهة أخرى.
 خدمة للحرف العربي..وتكريما لكتاب الوحي
كشف رئيس النادي الجزائري للخط العربي والزخرفة محمد بن ڤانيف أن المعرض الذي دام من 19 أفريل إلى غاية اليوم، كان تحضيرا لطبعة ثانية من مسابقة أشرف عليها النادي لاسيما نتائجها التي سيتم الإعلان عنها مع نهاية هذا الشهر الفضيل. وقال في هذا السياق: «لأول مرة بادر النادي بإقامة معرض للخط العربي شارك فيه نخبة من فنانين محترفين ومبتدئين مثلوا عشرين ولاية، تنوّعت أعمالهم بين الخط والزخرفة والمنمنمات، هذا على هامش الطبعة الثانية من المسابقة الوطنية للخط العربي والزخرفة التي جاءت تحت شعار «مسابقة رمضان»، والتي عرفت هذه السنة مشاركة 43 مشاركا من 22 ولاية، إضافة الى مشاركتين خارجيتين لجزائريين مقيمين بالخارج في كلا من أسطنبول ونيويورك. عرفت المناسبة مشاركة أبرز الخطاطين الجزائريين على المستوى العالمي كالخطاط المحترف، وهو ثالث نساخ في العالم صفار باتي إلى جانب الخطّاط الشاب عبد الرحيم مولاي، بالاضافة الى كوكبة من خدام الحرف العربي، في حين عرفت الطبعة الأولى من المسابقة التي كانت في السنة المنصرمة مشاركة 32 فنانا مثلوا 20 ولاية، أثبتوا طاقاتهم الإبداعية التي سمحت لعدة أسماء من عودتها إلى الساحة بعد وتيرة الركود التي عرفتها الظروف الصحية من جهة، والمعيقات التي يواجهها الفنانون من ناحية التسويق والدعم والتشجيع من جهة أخرى.
 النّادي الفتي يحتضن أبرز الخطّاطين
من جهته صرّح أحد أعضاء مؤسّسي النادي الجزائري للخط العربي والزخرفة الخطاط كريم بالجي، أنّ الفعالية التي نظمها النادي بمعية قصر الثقافة مفدي زكرياء، جاءت في شهر فضيل وتزامنت مع الذكرى الوطنية الخالدة ألا وهي يوم العلم، عرفت عرض باقة من لوحات ذات نوعية وتميز، اختارها النادي بعناية، تكريما لجهود المشاركين وتثمينا لسطوع موهبة الفن التشكيلي الضارب في عمق الخط العربي. كما أعطى المتحدث في ذات السياق نبذة عن النادي الفتي الذي ينبض بأنامل صنعت الحدث في أول يوم من افتتاح المعرض الذي أسدل ستاره يوم 3 من الشهر الجاري، فقال في هذا الصدد: هذا النادي هو حديث النشأة، تمّ تأسيسه منذ عام ونصف، استطاع أن يشارك في عدة فعاليات وطنية ودولية، وتمكّن مؤخرا خلال مشاركته في مسابقة وطنية إحراز الجوائز الأولى، ونحن بصدد مباشرة الإعلان عن نتائج المسابقة الثانية التي كانت من خلال هذا المعرض، الذي أتاح الفرصة لبروز عدّة أسماء حاورت ضجة أدواتها صمت اللوحات، وجعلت أروع صور فنية تشكيلية سجل فيه الخط العربي بصمته بامتياز، إلى جانب اصطفاف لوحات جميلة بتصاميم ونقوش لزخارف ومنمنمات فاقت الروعة.
 الباب مفتوح لكل عشّاق هذا الفن
أما الخطّاطة الفنانة في مجال الزخرفة والمنمنمات، أمال ضيف الله، أكّدت بأنّ المعرض كان فرصة لاظهار مبدعين جدد، من خلال عرض أعمالهم التي تميزت بالاحترافية وذلك بشهادة أستاذة النادي، وأضافت بأن النادي نقل معداته على هامش المعرض إلى قصر الثقافة لينظم ورشات تكوينية مفتوحة للجمهور، وكانت فرصة مباشرة لتفاعل الزوار مع أعضاء النادي والاجابة على الكثير من الأسئلة حول تقنيات الكتابة وتقديم شروحات لأهم أساسيات التعليم النموذجية لفن الخط العربي، كما أعربت المتحدثة العضو النسوي الوحيد من بين كل الأعضاء المؤسسين، أن على الراغبين في إشباع فضولهم وإرواء عطشهم حول مهارات الخط والكتابة السامية ما عليه إلا التقرب من النادي الذي سيتولى أعضاؤه الاشراف على تقديم خبراتهم لهم.
 توفير المادة الأولية..مازال هاجسا
سمحت الدعوة العامة التي وجهها مدير المعرض الخطاط، رضوان شكال عفاري، منذ أول يوم من المناسبة الثقافية التي احتضنتها قاعة رواق باية إلى غاية يوم أمس وهو آخر يوم، تسجيل حضور منقطع النظير للورشات المفتوحة للجمهور الكبير والصغير المتعطّش لزيارة ما جادت به أنامل النادي واكتشاف تقاسيم فنون الخط العربي، الذي مازال يفرض نفسه من بين سائر الفنون الجميلة التي كانت مناسبة فعالة لاستقطاب عشّاق الحس الفني بمحتوى أعمال ضاهى المستوى العالمي، الذين سيكونون إبتداء من اليوم إلى غاية 08 من الشهر الجاري على موعد مع المهرجان الثقافي الوطني للخط العربي.
كما تطرّق الخطّاط رضوان شكال عفاري من خلال ثالث ورشة مفتوحة أمام الجمهور إلى الحديث عن أهمية المادة الأولية التي مازالت طرق توفيرها تشكّل أزمة لدى الخطاطين، رغم تواجدها بكثرة على مستوى حديقة التجارب الحامة، كما أعطى تعريفا حول مواد الرسم المستعملة التي تستدعي توفير خشب البامبو التي تعتبر المادة الأولية الأساسية الداخلة في صنع أقلام الكتابة، والتي يتطلب في تجهيزها عدة مراحل، وفق عدة درجات بالإضافة إلى تنوع في الأحجام والأشكال التي يشرف على صناعتها وتحضيرها الخطاط بنفسه. وشرح بإسهاب المادة الأولية وهو يجيب على سؤال أحد الزوار: يعتبر خشب البامبو المادة الأولية التي نعتمد عليها في صناعة اقلام الكتابة، بحيث يستلزم في مراحل جهوزيتها التطرق إلى عدة خطوات من بينها تنقيع خشب البامبوفي زيت البامبو الأصلي ثم الانتقال إلى مرحلة التجفيف التي يجب أن تكون عبر الفرن ثم تترك لمدة معينة في مكان جاف كي يتم استعمالها فيما بعد.
 القلم الفضي وتأثيره على جمالية اللّوحة
بطريقته الخاصة في الكتابة بالقلم الفضي، أبدع الخطاط عبد الرحيم مولاي في ترك بصماته على هدايا الزوار المتمثلة في كلمات للذكرى زينت فحوى أورراق عادية تحولت خلال دقائق من مجرد أسماء وعبارات مختارة من قبل الزوار إلى لوحات في غاية الجمال والابداع التي ستعلق بكل عناية في أجمل ركن من جدران المنزل، كما قدّم بدوره شرح بعض الخصوصيات المعتمدة في زخرفة الخط بكل أنواعه ومميزاته التي تتجلى في المصاحف الشريفة والمخطوطات واللوحات الخطية الفنية، التي لا تتقيد غالبا بالقواعد بل هي إطلاق السجية بما يروق كل خطاط وحدس مبدع.
بنجاح استطاعت 100 لوحة أن تأخذ لب عشاق فن الخط العربي والزخارف والمنمنمات، أبدع في تصميمها أكثر من 50 مشاركا ينتمون إلى النادي الجزائري للخط العربي والزخرفة، استنطقوا بكل دقة الجوانب الفنية والتشكيلية لفن الخط العربي تثمينا للقيمة الدينية الجليلة الضاربة في عمق لغة القرآن الكريم، الذي سيظل خدام نسخه على أهبة العمل على نشره وخط حروفه محبة وتكرما.