طباعة هذه الصفحة

صبري يوسف عن قصّة «كتكت وتوتة» للكاتبة سليمة مليزي

أهمية زرع قيم التّعـاون والتّضامـن لـدى الطـّفـل

أمينة جابالله

وقف الأديب صبري يوسف في مداخلته عقب استعراض الكاتبة سليمة مليزي عبر ورشة السَّرد للمنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح، قصة «كتكت وتوتة» الموجّهة للطفل، على الجانب التربوي الذي جاء بأسلوب مباشر وبلغة بسيطة، مركزا على أهمية القيم الاجتماعية التي تناولتها الكاتبة.
 أشار الأديب صبري يوسف في مداخلته إلى أهم النقاط التي ركّزت عليها الكاتبة في قصتها «كتكت وتوتة» الموجهة للصغار  من جهة، ووضع القراء الكبار في الصورة من جهة أخرى، حيث قال في هذا الصدد: قرأت قصّة القاصّة الجزائرية والكاتبة سليمة ملِّيزي «كُتكُت وتوتة» الخاصّة بالأطفال، ثلاث مرّات، وفي كلِّ مرّةٍ لمستُ إسقاطات وترميزات هادفة في قصّتها، التي كتبتها للأطفال لكنّها تصلح أن يقرأها الكبار أيضاً، وأنا من أنصار أن يطّلع الكبار على الأدب الموجّه للأطفال وأدب الأطفال أيضاً، لأنّنا نحن الكبار نتعلّم من الصّغار ومن متطلّباتهم وأهدافهم أيضاً.
وصف المتحدث في ذات السياق عن اللغة التي استعملتها الكاتبة بالسلسة والواضحة، وقال بأن تصنيف كل شخصية من  الشخصيات الواردة في القصة جاء ملائما لوعي وإدراك الطفل،
وقال في هذا الصدد: بدايةً أودُّ الوقوف عند لغة القاصّة، فقد جاءت سلسة وواضحة ومعبّرة ومناسبة لأعمار الأطفال، تضمّنت القصَّة عدّة شخصيّات كُتكُت وهو صوص صغير خفيف الظّل، فضوليّ، يحبُّ التنّزه في الطّبيعة الخلّابة ومتعاون مع أسرته ويصغي باهتمام لما يقولُه الآخرون، وتوتة، وهي شجرة توت كبيرة ترمز إلى التّعاون والعطاء وردِّ الجميل، والجدول، نهر صغير متدفِّق بالعطاء، يسقي ويروي المزروعات والأرض والطّيور والكائنات وهو هبة من السّماء إلى الأرض، وهو رمز الخير المتجدِّد والعطاء المتواصل والبركة المستديمة للأرض، والّتي ترمز هي الأخرى إلى بركة ولا كلّ البركات لكلِّ الكائنات، تنمو عليها كل أنواع الأشجار والطّبيعة الجميلة، ويعيش في كنفها الكائنات بمختلف أنواعها وأجناسها بما فيهم الإنسان.
وعن الحوار المستعمل في محتوى العمل، قال عنه الأديب صبري يوسف بأنه جاء بأسلوب مشوّق وهو الأنسب لتنشيط خيال الطفل وإدراكه في آن واحد، كما جاء على لسانه في هذا السياق: استخدمت القاصّة عبر عرضها للقصة حواراً معبِّراً بين كُتكتْ والجدول، ثمَّ تفرّع إلى لقاء كتكت مع توتة، شجرة التُّوت الكبيرة، وعندما رآها حزينة وكئيبة من شدّة العطش، جاء وخبَّر الجدول عن مصير توتة، وسرعان ما اقترح الجدول على كتكت أن يفتح بمنقاره الصّغير مسيلاً صغيراً إلى جذع الشّجرة، وكل هذا ينمُّ على ضرورة التَّعاون والتّآلف والعطاء المشترك كي تعيش الشّجرة وتنمو وتقدِّمُ هي بدورها ثمارها الشَّهيّة لبقيّة الكائنات كالطيور الّتي تتغذّى على حُبيبات التّوت اللّذيذة، وأحبّت توتة كتكت لأنّه ساهم بسقايتها، وطلبت منه البقاء بالقرب منها كي تقدِّم له من ثمارها الطَّيبة عندما تنمو وتنضج، لكن كتكت أراد أن يعود إلى أسرته وعاد فرحاً والبسمة مرتسمة على محيّاه وحكى ما حصل معه لوالديه، وبعد فترة تعرّض عشّه إلى الحريق، فحزن كثيراً لأنّه أصبح فجأة بلا مأوى، لكنّه تذكّر صديقته توتة، وقال لأسرته: ما علينا إلّا أن نقصد توتة، فقالت أم كتكت مَنْ هي توتة؟ فأجابها كتكت، هي شجرة توت كبيرة، التقيت بها فيما كنتُ أتنزّه عند ضفاف النَّهر، فوجدتها حزينة لأنّها كانت عطشى جدّاً، فخبرت الجدول عمّا حصل معها، وكم هي عطشى فاستجاب لي وطلب مني أن أفتح مسيلاً صغيراً إلى جذع توتة، وارتوت، لهذا ستساعدنا بكلّ تأكيد لأنّها صديقة مخصلة وتحبُّ التّعاون، ولا تنسى ما قدَّمته لها، وعندما قصدوا الشّجرة رحّبت بكتكت وفرحت بقدومه مع عائلته، وقالت له ولأسرته: تستطيعوا أن تأكلوا من ثماري وتحتموا بين جذوعي إلى أن يحلَّ الرّبيع القادم وتخزِّنوا من ثماري مؤونة لكم للشتاء الطّويل.
ختم المتحدث مداخلته حول القيم الاجتماعية النبيلة الموجودة  في القصة التي تعكس أهميتها لدى الأفراد في هذا العالم، حيث قال معقبا عليها: لخّصَت القاصّة سيلمة ملّيزي موضوع التّعاون المشترك فيما بين النَّهر والشَّجرة والمزروعات والكتكت والكائنات، وعطاءات الطّبيعة بما فيها شجرة التّوت الخيّرة، وكل هذه الرمزيات قدّمتها للأطفال كي تبيّن لهم من خلال القصّة، أنّه عندما تحلُّ بنا المصائب والحرائق، لا بدَّ أن نتعاون مع بعضنا بعضاً، كما حصل مع عائلة كتكت، وهي إسقاطات وترميزات لتعاون الإنسان مع أخيه الإنسان، وهكذا استطاعت القاصّة أن تقدِّم لنا قصّة للأطفال تتضمّن معاني هادفة، فقد أرادت أن تؤكِّد على ضرورة التّعاون والتّضامن بما يحتاج الآخر، من خلال التّرميزات الّتي قدّمتها عبر تعاون وتواصل الطّيور والأشجار والجدول والطّبيعة، فقد وصلت إلى الأهداف الّتي أرادت أن تقدّمها عبر قصّتها، كما أنَّ الصُّور الملوّنة المرافقة في قصّتها جاءت مناسبة ومعبّرة عن مضمون القصّة وعمّقت المعنى، والهدف للأطفال الّذين هم في عمر الطّفولة.
وأودُّ الإشارة ـ استطرد ـ إلى أنّه كان بإمكان القاصّة أن تدخل في بعض تفاصيل الحوار فيما بين كتكت والجدول، وكتكت وتوتة، وكتكت وأسرته وفرحه مع الطّبيعة الخلّابة. وتعبِّر عبر هذا الحوار عن فرح كتكت والشّجرة والجدول بما قام كل واحد منهم من عطاء تجاه الآخر، وحصوله على نتائج بديعة أفرحت كلّ الأطراف.