طباعة هذه الصفحة

20 يوما لاستمالة الناخبين

المترشّحـون في مرحلة “الإقناع” بدءا من اليوم

زهراء. ب

يخوض المترشحون لتشريعيات جوان 2021، بداية من اليوم وإلى غاية 8 جوان الداخل، حملة انتخابية أو»حملة إقناع» فاصلة، للظفر بتأشيرة الدخول لمبنى زيغود يوسف، والحصول على صفة «ممثلي الشعب» في البرلمان، لفترة تشريعية تتعاظم فيها المسؤوليات وتكثر التحديات، حيث تعرف الجزائر مسيرة التجديد الوطني المبنية على قيم المصارحة والثقة والشفافية ومحاربة الفساد بكل أشكاله، مقابل سعي «فاشل» لأطراف تحاول إجهاض أي محاولة لاستعادة شرعية مؤسسات الدولة.

تجري الحملة الإنتخابية للتشريعيات المبكرة لصيف 2021، في ظروف «استثنائية»، حيث تواصل السلطات مسعى بناء الجزائر الجديدة، واستعادة شرعية المؤسسات، وسط «تكالبات» داخلية وخارجية رافضة لهذا المسعى، وتحاول بشتى الطرق عرقلة الجهود الخيّرة في المضي بالجزائر إلى شاطئ الأمان، وإحداث القطيعة مع الممارسات السياسية السابقة التي عمّقت الهوة بين الشعب وحكامه، وأفقدته الثقة في مؤسسات الجمهورية وإطاراتها.
تدرك التشكيلات السياسية أهمية الاستحقاق الإنتخابي الذي يستكمل مرحلة أخرى من مراحل إعادة بناء مؤسسات الجمهورية، وتعكس مشاركتها القوية في الموعد الإنتخابي المقرر يوم 12 جوان المقبل، رغبة حقيقية في إحداث التغيير المنشود، فأغلب الأحزاب قرّرت دخول غمار المنافسة الإنتخابية باستثناء القلة القليلة، فكان أول المعلنين عن المشاركة في التشريعيات المبكرة أحزاب ما يعرف بـ»المولاة» جبهة التحرير الوطني، حزب التجمع الوطني الديمقراطي، حزب تجمع أمل الجزائر، التحالف الوطني الجمهوري، إلى جانب الأحزاب الإسلامية الممثل في حركة مجتمع السلم، وحركة البناء الوطني، التي إحتلت المرتبة الثانية في رئاسيات 2019، حركة النهضة، والأحزاب «الفتية» جبهة المستقبل، حزب جيل جديد، جبهة الجزائر الجديدة، حزب الفجر الجديد، وغيرها من الأحزاب التي أبدت استعدادها للمشاركة ونجحت في امتحان جمع التوقيعات على أمل التمثيل في البرلمان القادم، والحضور إلى جانب أحزاب «الموالاة» التي احتكرت المشهد السياسي لسنوات.
بالمقابل رفضت بعض الأحزاب التقليدية، المشاركة وبرّرت ذلك بعدم توفر الظروف المواتية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وكان أول المقاطعين حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الارسيدي)، وانضم إليه أقدم حزب في الجزائر ويتعلق الأمر بجبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس)، وقبله حزب العمال الذي قرّر عدم المشاركة لأول مرة في تاريخه.

القوائم الحرة..
هل تحدث المفاجأة؟

تجاوز عدد القوائم الحرة المشاركة في إنتخابات 12 جوان الداخل، قوائم الأحزاب السياسية لأول مرة، حيث بلغت القوائم المقبولة كليا ودون تحفظ لخوض غمار التشريعيات المبكرة 1483 قائمة منها 646 قائمة حزبية و837 قائمة من المترشحين الأحرار.
هذا الرقم قد يغير تركيبة المجلس الشعبي الوطني، ويؤدي إلى بروز تشكيلة تكنوقراطية «غير متحزبة»، تنهي عهد سيطرة أحزاب الموالاة على مقاعد البرلمان، والتي أظهرت عدة تصريحات لمسؤولين أنها لم تكن نتيجة إفرازات الصندوق، بل تعود لنظام «الكوطة» المعتمد طيلة 20 سنة الماضية، والذي أعطى بعض الأحزاب بما فيها الإسلامية أكثر من حجمها وتمثيلها الحقيقي.
ويفسر بعض المحللين تفوق الأحرار على التشكيلات السياسية، في قوائم الترشيحات، بفقدان الأحزاب خاصة التقليدية لمصداقيتها لدى الشعب، بسبب موالاتها للنظام السابق وتورط بعض قادتها ومناضليها في قضايا فساد أنهت مسيرتهم السياسية بين السجون، وتراجع شعبية الأحزاب التي تصنّف نفسها في خانة المعارضة لتواريها عن النشاط السياسي بسبب مشاكل داخلية ناتجة عن صراعات بين مناضليها.
وعزّزت إجراءات اعتماد المناصفة للشباب والثلث للجامعيين في قوائم الترشيحات، حظوظ هذه الفئة، وفتحت لها الأبواب واسعة لولوج عالم السياسة والمشاركة في صنع القرار، وهذا ما يمهد ظهور فئة الكفاءات في تركيبة البرلمان القادم، ولكن بعض الاحزاب أبدت مخاوفها من هذا الجانب، لأن التكوين السياسي في نظرها مهم لإدارة العمل التشريعي، ولا تكفي الشهادة الجامعية وحدها، كما انتقدت قرار تشجيع المجتمع المدني على الترشح للانتخابات، لأنه لا يمكن أن يكون بديلا للحزب المهيكل صاحب المشروع السياسي والخبرة والتجربة.

الحلم أو الواقع من يستعيد ثقة الناخب؟

أسقط «غربال» السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات العديد من أسماء الراغبين للترشح لتشريعيات جوان 2021، ممن ثبتت علاقته بشبهة فساد، وتم تطهير عدة قوائم لأحزاب سياسية وقوائم حرة، في خطوة تقطع الطريق أمام عودة «المال الفاسد» وتحكم رجال الأعمال في سياسة البلد.
وحدّدت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات نهاية مارس، 7 شروط للترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة وعلى رأسها « ألا يكون المترشح معروفا لدى العامة بصلته مع أوساط المال والأعمال المشبوهة وتأثيره بطريقة مباشرة أوغير مباشرة على الاختيار الحر للناخبين وحسن سير العملية الانتخابية».
ورفضت السلطة المستقلة للإنتخابات 1199 قائمة بسبب الصلة مع أوساط المال والأعمال المشبوهة، و281 قائمة بسبب المحكوم عليهم نهائيا بعقوبة سالبة للحرية.
قد تعيد هذه الخطوة «ثقة الشعب» في العملية الإنتخابية ككل، وتدفعه للتصويت يوم الإقتراع، ولكن هذه الخطوة لن تكون كافية لوحدها، لأن إحاطة العملية بالظروف المواتية لضمان نزاهة وشفافية الإنتخابات قد تكون من مسؤولية السلطة، ولكن إقناع الناخب بالتصويت لصالح قائمة حزبية أوحرة من مهام المترشح وعليه تحمل مسؤولياته كاملة للتأثير على الناخب ودفعه لأداء واجبه الإنتخابي كامل غير منقوص، بطرح برنامج انتخابي «مقنع» لا يحمل «وعودا كاذبة»، لأن الجزائري سئم من سماع نفس «الموال» والشعارات كل 5 سنوات، بحلول موعد الاستحقاق الانتخابي، وقد أبان منذ حراك فيفري 2019 عن وعي تام لدى الشعب بحقوقه السياسية ورفضه القاطع لاستمرار «النهب» و»السلب» تحت غطاء تمثيله في المجالس المنتخبة.
وعليه سيكون الطامحون لشغل مقعد بالمجلس الشعبي الوطني أمام «مهمة صعبة» أولا لإزالة ما ترسب في ذاكرة الشعب عن تهمة «الفساد» التي ظلت لصيقة بالنائب في العشريتين السابقتين، وتصحيح صورته بأنه «خادم الشعب» وليس «مصالحه الخاصة»، وثانيا لإقناع  أكثر من 23 مليون ناخب بالتصويت «الايجابي»، والقضاء على ظاهرة العزوف الإنتخابي، وتقليص رقم الأوراق الملغاة، التي باتت تنافس بقوة في كل موعد إنتخابي.
وبين برامج تحمل أحلاما كتلك التي أعلنت عنها حركة مجتمع السلم، وأخرى يقول أصحابها أنهم فضلوا اعتماد «الخطاب الواقعي» لتحقيق التغيير وهوشعار أغلب التشكيلات السياسية المشاركة تيمنا بالبرنامج الرئاسي، سنرى يوم الحسم من يستطيع استدراج الناخب للصندوق لمنح صوته لمن يستحق واستعادة الثقة في ممثلي الشعب.