طباعة هذه الصفحة

أقصيا من ربع نهائي رابطة الأبطال الافريقية

المولودية والشباب «يفضحان» واقع الكرة المحلية

عمار حميسي

فشل مولودية الجزائر وشباب بلوزداد في إحداث المفاجأة والتأهل إلى نصف نهائي رابطة أبطال إفريقيا، حيث خرجا من ربع النهائي أمام الوداد البيضاوي والترجي التونسي حيث ظهر الفارق واضحا في المستوى الفني وحتى في التحضير الذهني والنفسي لهذا النوع من المباريات التي تتطلّب تحضيرا خاصا ونوعية مختلفة من اللاعبين ليس تلك التي دافعت عن ألوان «العميد» و»أبناء العقيبة».

ستقتصر المنافسة على لقب رابطة أبطال إفريقيا مرة أخرى على فرق من المغرب وتونس ومصر في غياب لممثلي الكرة الجزائرية الذين غابوا عن المربع الذهبي منذ فترة، وهو ما يؤكد التراجع الكبير للكرة الجزائرية على مستوى الأندية في رابطة أبطال إفريقيا رغم توفّر المواهب والإمكانيات المالية.
كانت مباريات الذهاب توحي أن المربع الذهبي سيعرف تواجد فريق جزائري على الأقل، إلا أن مباريات العودة بينت الفارق الشاسع في التحضير والمستوى الفني وظهرت أيضا جودة اللاعبين وقدرة العناصر الموجودة في الفرق الأخرى على صنع الفارق رغم الوضعية الصعبة التي مر بها فريقها على غرار ما قام به موهبة تونس الصاعدة محمد علي بن رمضان عندما سجل الهدف الثاني في مرمى الحارس موساوي.
رفع سقف الطموحات عاليا وإيهام الأنصار بالقدرة على المنافسة من أجل التتويج باللقب القاري، يجب أن لا يتكرّر مستقبلا لتفادي الصدمة التي حدثت بعد مباريات الإياب حيث شاهد الجميع الفارق في المستوى والحديث عن المنافسة على اللقب لا يكون في البلاطوهات وإنما على أرضية الميدان حينها يكرم الفريق أو يهان.

 تحضير سطحي والبحث عن النتائج
تمتلك الجزائر تقاليد عريقة على مستوى الكرة الإفريقية بدليل نجاحها في تشريف القارة السمراء خلال مشاركاتها السابقة في المونديال، إضافة إلى التتويج باللقب القاري مرتين آخرها كان بجدارة وإستحقاق في القاهرة لكن على مستوى الأندية الأمور مختلفة تماما وهو ما يؤكد ضرورة البحث عن الأسباب.
لم يفز المنتخب بالتاج القاري صدفة ونفس الأمر على مشاركاته في المونديال والنتائج الجيدة التي حقّقها لم تأتي بمحض إرادتها وإنما كانت نتيجة عمل كبير وعميق على كل الأصعدة والنتيجة كانت تحقيق نتائج رائعة، إلا أن الأمور مختلفة على مستوى الأندية التي لم تستطع تحقيق الإنجاز في رابطة الأبطال.
المشاركة في منافسة رابطة أبطال إفريقيا ووضع هدف متقدم من المنافسة يتوجّب تحقيقه يتطلب جاهزية خاصة وجودة معينة من اللاعبين القادرين على صنع الفارق لكن هذين الأمرين غائبين في حالة مولودية الجزائر وشباب بلوزداد، حيث كانت النتائج المحققة لا تعكس واقع المستوى الفني.
لم يخصّص فريقا مولودية الجزائر وشباب بلوزداد تحضيرا خاصة لهاته المنافسة وهو ما أكده المدرب نغيز الذي قال قبل مواجهة العودة أمام الوداد البيضاوي في المغرب، أن فريقه حضر لمباراة قد توصله لنصف نهائي رابطة أبطال إفريقيا بطريقة «عادية جدا» وهو الأمر غير المقبول على هذا المستوى.
التحضير لمباراة قد توصل الفريق إلى نصف نهائي رابطة الأبطال لا يكون بطريقة عادية وإنما بطريقة خاصة وتحضير معمق يدرس كل الجوانب المتعلقة بالمباراة وعدم ترك أي شيء للصدفة وهو الأمر الذي لم يحدث في فريقي المولودية والشباب اللذان كان يطمحان لتحقيق الإنجاز لكن إستنادا إلى الصدفة أو الحظ وهو الأمر الذي لا يحدث على هذا المستوى من المنافسة.

 التركيز على أمور هامشية وترك المضمون
أشترك فريقا مولودية الجزائر وشباب بلوزداد في عامل واحد وهو التركيز على عامل التحكيم وتقديم صورة إلى الرأي العام الرياضي وجمهور الفريقين أن الحكم سيقوم بترجيح كفة المنافس وهو الأمر الذي أثّر كثيرا على اللاعبين الذين ركزوا على هذا الأمر ونسوا الأمور الفنية.
تحدث مسؤولو ومدرب فريق شباب بلوزداد كثيرا عن الحكم الغامبي غاساما الذي أوكلت إليه مسؤولية إدارة مباراة العودة أمام الترجي وللأمانة الحكم كان في المستوى ولم يلعب أي دور في إخراج الشباب من المنافسة بل هذا الأخير من أخرج نفسه بعد أن ركن إلى الدفاع طيلة المباراة وحتى خلال ركلات الجزاء اللاعبون كانوا خارج الإطار والحارس لم يلعب دوره عكس حارس الترجي الذي ساهم في تأهل فريقه إلى المربع الذهبي.
نفس الأمر، انطبق على فريق مولودية الجزائر الذي ركز لاعبوه قبل المباراة على الحكم وتحدثوا كثيرا عن الأمر وهو الشيء الذي عكس تصرفاتهم بعد المباراة بعدما قاموا بمطاردته في صورة يندى لها الجبين ويؤكد المستوى المنحط لتفكير بعض اللاعبين الذين لا يستحقون الأموال
الضخمة التي يتقاضونها.
تحضيرات شباب بلوزداد قبل مباراة الترجي كانت مليئة بالثقة الزائدة لدرجة أن اللاعبين إحتفلوا مع الأنصار خلال الحصة التدريبية الأخيرة بملعب «الساطو» التابع لملعب 5 جويلية ومن شاهد ما حدث يعتقد أن الشباب ضمن تأهله قبل المباراة والمواجهة أمام الترجي ستكون شكلية وهو أمر آخر يؤكد أن التركيز قبل مباريات إياب ربع النهائي كان على أمور هامشية كان لها تأثيرها الكبير على المستوى الفني وإستعدادات اللاعبين النفسية.

 تغييرات فنية في وقت حساس من المنافسة
التغييرات الفنية وإقالة أو إستقالة المدربين في كل الفرق على مستوى العالم تكون في الغالب قبل انطلاق الموسم أو في نهايته ومن النادر أن تشاهد فريقا يقوم بتغيير المدرب في منتصف الموسم، لكن عندنا الأمور مختلفة والتغيير غير مرتبط بأي شيء وقد يحدث في أي وقت من الموسم وهو الأمر الذي حدث في فريقا مولودية الجزائر وشباب بلوزداد.
مولودية الجزائر بدأ الموسم مع المدرب نبيل نغيز الذي قاد الفريق إلى دور المجموعات لرابطة الأبطال، إلا أن النتائج في البطولة لم تكن في المستوى وزاد على ذلك إنتقاده العلني لإدارة الفريق وهو الأمر الذي دفع هذه الأخيرة إلى إقالته وجلب مدرب آخر ويتعلق الأمر بعبد القادر عمراني.
قاد عبد القادر عمراني مولودية الجزائر في دور المجموعات وحقق نتائج متوسطة لكن الفريق حافظ على حظوظه في التأهل إلى آخر جولة إلا أنه قرّر رمي المنشفة بعد الخسارة في ملعب 5 جويلية أمام الزمالك وهي الهزيمة التي صعّبت من مهمة الفريق في التأهل لكنه عاد بتعادل من تونس أمام الترجي الذي كان قد ضمن تأهله قبل تلك المباراة.
شباب بلوزداد هو الآخر بدأ المنافسة مع الفرنسي فرانك دوما الذي قاد الفريق إلى دور المجموعات ولكن فشله في تحقيق الفوز في أربع مباريات دفع الإدارة إلى إقالته ومنح الفرصة للاعب السابق بختي الذي إستطاع قيادة الفريق لتحقيق تأهل تاريخي إلى ربع النهائي.
إدارة شباب بلوزداد، رأت أنه من الضروري التعاقد مع مدرب جديد يمتلك خبرة على المستوى الإفريقي وهو ما حدث من خلال التعاقد مع الصربي زوران مانولوفيتش الذي إستطاع تحقيق الفوز على الترجي ذهابا بثنائية إلا أن الفريق ظهر ظلا لنفسه خلال مواجهة العودة رغم أنه تقدّم ذهابا بهدفين نظيفين لكنه فشل في الحفاظ على هذا التقدم وأقصي من المنافسة على يد الترجي بركلات الجزاء.
من المؤكد أن التغييرات على مستوى الأجهزة الفنية أثرت سلبا على فريقي مولودية الجزائر وشباب بلوزداد وهنا يجب الحديث عن غياب إستراتيجية واضحة لدى الإدارة في كل فريق عن الأهداف المسطرة، خاصة أن تقييم المدرب في الجزائر يكون من خلال عدد المباريات التي يفوز أو يخسر بها.
قد تكون مدربا كبيرا لأنك فزت بعدد من المباريات المتسلسة وتصبح بين ليلة وضحاها مدربا غير مرغوب فيه بعد الخسارة في عدد متسلسل من المباريات وهو ما يؤكد غياب نظرة واضحة ورؤية حول مستقبل الفريق والأمر لا يتعدى الحديث عن أهداف وقتية وآنية عكس ما هو الحال في فرق أخرى.
ليس من السهل المنافسة على لقب رابطة الأبطال لأن الأمر مرتبط بعدة عوامل يجب أن تتوفر ويبقى أهمها الإحترافية داخل الفريق ووضع أطر وسياسة واضحة للجميع لا مكان فيها للإرتجال أو الصدفة.