طباعة هذه الصفحة

الدّكتور بشير جيدور:

سيناريوهان في حال اكتساح القوائم الحرّة

ورڤلة: إيمان كافي

قال الدكتور بشير حاج جيدور، أستاذ العلوم السياسية بجامعة غرداية، إنّ في حال فوز كاسح للقوائم الحرة المستقلة على حساب الأحزاب السياسية، فإن هذا سيضع صورة هذه الأخيرة في أطر مغايرة، قد تؤثّر على مفاهيم ونمط الوجود الحزبي في الجزائر، معتبرا أن ذلك سيبرز عبر سيناريوهين يتوقع حدوثهما بعد الانتخابات التشريعية الحالية.
أكّد الأستاذ جيدور أن خلال عشريتي النظام السابق، عرفنا صورة نمطية عن أداء الأحزاب السياسية في الجزائر، كانت الصورة فيها غير متحدة مع ما يجب أن يكون عليه حال روح الحزب السياسي الذي يسعى إلى الوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها.
وأصبح وجود الحزب كعدمه، في ظل تدخل السلطة السياسية في تنظيم صفه أو تغيير قياداته والتحكم في مخرجات قراراته ومواعيد اجتماعات مؤسساته، كما نما مفهوم آخر عن المواطن السياسي المتحزب الذي ينتمي إلى فكر يحمله حزب معين، فأصبح انتساب الأعضاء خاضع لمنطق الموالاة والتخندق في والاصطفاف مع القرار المتخذ خارج أطر الحزب المؤسساتية، والدفاع عن مصالح الجهة التي أيّدته وناصرته، وجعلت له مركزا أو منصبا على حساب الخط العام، الذي يؤمن حزبه به أو انتسب إلى الحزب بناء عليه.
وعليه، أكّد محدّثنا أنّ التوقع قائم على استنبات ثلاث سيناريوهات قادمة بعد الانتخابات التشريعية الحالية، تؤطّر صورة الوجود الحزبي في الجزائر على ضوء توقع نتائج أعلى لصالح قوائم المستقلين على حساب الأحزاب التقليدية.
سيناريو طغيان صورة الإفلاس الحزبي: تفرغ الأحزاب من محتواها، بفعل عامل الهجرة الفردية والجماعية لأعضائها بعد اتضاح صورتها الهلامية على أرض الواقع، وأنّها كانت مجرد كيانات سياسية غير متينة الأسس، بفعل عوامل دعمها من طرف أجزاء ما في النظام السياسي، كانت تستغلها لخدمة أجندتها، فعند رفع الدعم عنها وحيازة المستقلين لجزء هام من التمثيل الشعبي على مستوى المؤسسات التشريعية أو المجالس المنتخبة، يغيب كل معنى لبقائها ما دامت سقطت الصورة القوية التي كانت تتمظهر بها سابقا.
سيناريو تهاوي صورة الانتماء السياسي التقليدي: ذلك بفعل الشرخ الذي سيصيب لاحقا مفهوم «الانتماء السياسي» على وجهه الفعّال والايجابي، حيث تضيع وجوبا تلك الصورة التقليدية للمفهوم التي تقوم على الإيمان بمبادئ حزب سياسي معين، دأب منذ نشأته على تعبئة مناضليه بأفكاره ومبادئه وطرائق تصوره للحل أو البناء، لصالح صورة أخرى للانتماء، قوامها التعصب المقيت لذلك الحزب، تأثرا بالأشخاص لا الأفكار، ومنه تبدأ مرحلة جديدة لرفض تلك الكيانات في ساحة العمل السياسي من طرف الأفراد في المجتمع لغياب جوهر الانتماء القائم على الإيمان بقداسة الحزب، واستعداد مناضليه للدفاع عن أفكاره وتسويق مبادئه لسابق إيمانهم بها.
ومنه، أضاف الدكتور جيدور، سيصبح انتماؤهم في هذه الحالة، مشكوكا في صدقه ومصداقيته، لارتباطه بغير جوهر الحزب، فيفشل الحزب إذن وتتهاوى أسهمه لإفراغه من محتواه العقدي المبني عليه أصلا.