طباعة هذه الصفحة

عالج الفرق بين الناشر التجاري والحقيقي

فيلم «روبرايز» يحكي عن تحديد مسار المؤلفين

أمينة جابالله

ما زالت إشكالية النشر والتأليف تلهم صناع الأفلام،ولربما كان  فيلم «روبرايز» والذي يعني كلمة تكرار قد نجح نوعا ما في تجسيد واقع الكثير من المؤلفين الذين يعانون من خطوة النشر وتبعاتها، بعدما استنزفهم شغف المواضيع التي يحاولون أن يطلوا من خلالها إلى عقول القراء.

  « روبرايز»  reprise  فيلمٌ يتحدثُ عن مشاريع الكُتّاب وهواجسهم وتضحيّاتهم من أجل عملٍ يستحقُ النّشر، هكذا لخص الكاتب والناقد سعيد فتاحين أحداث  الفيلم الذي قال عنه في هذا الصدد: يعتبر روبرايز فيلم لكل كاتب أو مشروع كاتب يريد أن يصطدم بجدار واقع الكِتابة وطقوسها، وأزمات النّشر والفرق بين الناشر التجاري والحقيقي، تخيّل أنّكَ أخيراً تقرّر إرسال مخطوط النّشر إلى دار محترمة أنت وصديقك، وبعد قراءة المخطوط يُرفض عملك ويُقبل كِتابُ صديقك في نفس الوقت.. ؟!!
ومن جهة أخرى وضع الناقد يده على الجرح كما يقال، فلقد كشف التباين بين أسئلة الكِتابة الوجودية والهلوسة التي تُصاحب الكاتب، كما أعطى العلامة الكاملة لأغلب أبطال الفيلم، من خلال آدئهم المحترف في تجسيد صور معاناة عاشق القلم مع واقع النشر الذي لم يكن أبدا الطريق إليه سهل المنال، فالفيلم حسب رأي الناقد، هو الذي يبثُ كثيراً من الشّكوك إنّ كُنت تستحق أن تكون كاتبًا أم لا، بعيداً عن دور نشر التّجارية، يسردُ الفيلم لحظات تشّكل الكاتب خطوة بخطوة حيثُ يواجه فيليب صديق البطل العديد من الصّدمات، وتبقى كاميرا الخيّال هي الشّغال الذي يُرافق الكاتب في جو من الأعاصير النّفسية ودوامةٍ من الأصوات والذّكريات، يقرّر البطل بعد أن تدهورت حالة صديقه بالتّفكير في إعادة إرسال مخطوطه، إنّ النّشر في الإتحاد الأوروبي من أصعب الأشياء التي يمكن أن تواجه الكاتب، أمّ في الجزائر فمن السّهل أن تصبح كاتبً.
وعن تحليله لبعض شخصيات الفيلم، صوب سعيد فتاحين بوصلة النقد وواختار من الفيلم أقوى العبارات التي من شأنها أن تكون مصدر إلهام وتتبع حيثيات الحبكة التي ساهمت في نجاح وصول فكرة هذا العمل المميز إلى المتلقي، وقال في هذا الصدد: في غالب الأحيان يتشّكل بُنيان الرّواية من قصص قصيرة جداً، تظهرُ لعيّن الكاتب دون سواه من البشر.. إريك بطل الفيلم يبحثُ دائماً عن شيءٍ مبهم داخل وجوه الأصدقاء، في هذا الفيلم الذي يعتقد على تقنية إسترجاع الزّمن يسرد إيريك بعض الأشياء عن أصدقائه..
القارئ التصحيحي: هو آخر شخص يطلع على العمل في لجنة القراءة قبل التحرير، هكذا قُبل عمل إريك.. من المؤسف أنَّنا لا نملك أشخاصًا يقولون الحقيقة مثلهم.. «كتابك الأول يحدّد مسارًا لكل مؤلفاتك» هكذا تحدث النّاشر..
^لا أعتقدُ أنّ الكاتب الحقيقي يملك وقتًا لمواكبة الموضة إيريك وفيليب كان ينفقان جلّ أموالهما على الكُتب..
- لقد سمعتُ كِتابك أنه سينشر..
- نعم أنا متوتر قليلاً (عندهم)، عندنا (طبعاً)..
«أحياناً الكِتابة تستنزف كل مشاعرنا، فنفقد الشعور إلى العالم الخارجي».
يدخل فيليب في حالة من هجران نفسه بعد عمله الأول ويتوقف عن الكتابة، وإريك يحاول مساعدته..
«في غالب الأحيان نحن نستمد كتابنا من الذّاكرة الصغيرة، والمعنى هو الجار الذي يقطن بقربنا، ومن دون أدنى شكّ، نحن نكتب عن من أولئك الذين يسكنون بالقرب من العين التي نكتب بها»..
«من الصعب أن تحكم على عمل صديقك، سوف تسكنك العاطفة وأنت تحاول نقده، الإنسان بطبعه حسّاس «هكذا كان شعور إيريك بعد أن قرأ نقد قاسيًا من ناقد وطلب فيليب نقد إيريك بعدما أن كان يعاني من حبسة الكِتابة..
الكِتابة كتلة حزن وكبت تندفع نحونا إن قررنا الهجران هذا ما فعل إيريك عملاً برأي النّاقدة التي طلبت منه السفر دون أن يودع الأصدقاء.
رغم نجاح النّص، قال الناقد «لا شكلُ الكاتب في بلدنا» قرّر إيريك أن يشتغل على عمله جديد، طبعاً لا يمكن أن نشعر بالرّضا لمجرد أن ننشر عملاً واحدًا، «ليس كحالنا في الجزائر نملأ الدُنيا هجيجّا وعجيجًا وضجيجًا»، مضيفا في نافلة العمل أن «الكتابة روحٌ تسكننا، تحتاج إلى ترويض بالقراءة» انتحر كاتب إريك وفيليب مفضل في حادثة لا يعرفها أحد، بل يشعر بها الكاتب فقط إنها لحظات الوصول إلى الرضا عن النص.. وكأن هذا الفيلم يُلخص شعورًا لا يفهمه إلاّ الكاتب، واقتباسات التي كتبتها هي كتاباتي التي حاولت تصوير المشاهد بدّقة حتى لا تكون المراجعات مملة.