طباعة هذه الصفحة

العلاقـات الجزائرية – الإفريقية: بين الطموحات الإيديولوجيـة وتحديات الواقع الإفريقـي (مقاربة نظرية)

البروفيسور حسين بوقارة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة الجزائر (03)

 تندرج محاولات الجزائر المتواصلة لتنويع وتدعيم علاقاتها بمحيطها الإفريقي في إطار إعادة بعث تصور إيديولوجي طموح بدأ يتبلور منذ منتصف القرن العشرين بين الكثير من الدول الواقعة في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية.


تم اعتبار هذا المسعى على أساس أنه يمثل ركيزة قوية لتجسيد وتدعيم الفلسفة التحررية في دول العالم الثالث. فقد كانت هذه الفلسفة، التي ساعدت على بروز ما يمكن تسميته بالإقليمية العابرة للقارات في دول الجنوب، تسعى إلى تحقيق هدفين أساسيين: يتمثل الأول في حماية مصالح الدول النامية من تجليات وتبعات الصراع المتعدد الأبعاد والمظاهر بين الكتلتين الاشتراكية والرأسمالية، ويرتبط الثاني بضرورة دعم التعاون بين دول العالم الثالث الذي قد يغنيها- على المدى البعيد- عن العلاقات الجائرة مع دول الشمال المتقدمة التي تكرسها مبادئ وبنية النظام الاقتصادي الرأسمالي الدولي.
لقد تمخضت مسارات تصفية الاستعمار، في الواقع، عن استقلال العديد من دول العالم الثالث، غير أن هذا الإنجاز السياسي قد يبقى شكليا وسطحيا دون إيجاد واستحداث الآليات والبنية والمقومات التي تحوله إلى تأثير فعلي وملموس في العلاقات الدولية وذلك تماشيا مع ما تفرض مسارات بناء الدولة الوطنية في هذه الدول من ظروف ومتطلبات مادية ومعيارية. ولكن هذه الرغبة قد اصطدمت بتشبث القوى الرأسمالية المهيمنة بقيم وبنية النظام الدولي بمختلف مكوناته السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وعلى هذا الأساس فقد تحول هذا الوضع إلى لعبة دولية معقدة للغاية بحكم أن أحد طرفيها (الدول الرأسمالية المتقدمة) يريد الحفاظ على الوضع القائم، الذي يضمن مصالحه الحيوية ويحقق أهدافه الإستراتيجية، في حين أن الطرف الآخر(دول العالم الثالث) يريد تغيير هذا الوضع، الذي لم يساهم في صياغة مبادئه ومكوناته الأساسية، بما يساعد على تحقيق تطلعاته وآماله في التنمية والتطور.
في خضم هذه الاعتبارات البنيوية والفكرية، فإن دول العالم الثالث كانت مطالبة ببلورة إستراتيجية واضحة المعالم تحدد من خلالها الأهداف الأساسية التي تتطلبها عملية التنمية والتحديث، والإمكانيات الضرورية لتحقيق ذلك الغرض في حدود زمنية معينة. ولكن هذا المسعى قد يستحيل بلوغه دون الاتفاق على مجموعة من القيم والمبادئ والمعايير المشتركة التي تؤمن بها هذه الدول وتقود سلوكياتها في الواقع الدولي، ومن خلالها يمكن تحديد منظور وتصور هذه الدول لما يجب أن تكون عليه حالة العلاقات بين كل أطراف النظام الدولي. وهو الأمر الذي شجع على بروز رغبة ملحة بين بعض قادة ومفكري العالم الثالث على بداية التأسيس لبروز إيديولوجية عابرة للحدود في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية تنبثق عنها إستراتيجية عامة تحدد طبيعة السلوكيات التي تتبعها دول العالم الثالث لتحقيق مآربها في بيئة دولية تطبعها الفوضى والصراع المتعدد الأبعاد. فالأنساق الفكرية والإيديولوجية هي التي، غالبا، ما تقود وتوحد مجهودات مجموعة من الأفراد والمجتمعات، وتضفي الشرعية على أفعالها وسلوكياتها في البيئتين الداخلية والخارجية.
تبعا لذلك، فقد بدأ التصور الإيديولوجي لدول العالم الثالث، حول طبيعة العلاقة فيما بينها ومع دول الشمال المهيمنة على كل صيغ التنظيم الدولي، يتبلور على مستوى الأجهزة والمنتديات المكلفة بصناعة القرارات الجماعية لهذه الدول، وعلى مستوى الدوائر الأكاديمية والفكرية في دول الجنوب. وقد تمحور هذا التصور الإيديولوجي حول مجموعة من المسائل منها: تأكيد مسؤولية الاستعمار الغربي عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتدهورة في دول الجنوب، الحق المطلق لدول العالم الثالث في السيادة على ثرواتها الطبيعية، ضرورة إصلاح البنية السياسية والاقتصادية للنظام الدولي بما يحقق أهداف التنمية والعصرنة في الدول النامية، البحث عن الآليات والوسائل الكفيلة بتدعيم التعاون والشراكة بين دول الجنوب.
فإذا كانت الجزائر قد لعبت دورا لا يستهان به في تكريس هذا التصور الإيديولوجي على مستوى مختلف الآليات والأجهزة التي أطرت السلوك الجماعي لدول العالم الثالث، منذ منتصف ستينيات القرن العشرين، فإن ذلك تحول إلى محدد مركزي وثابت لتوجهات سياستها الخارجية. فقد دأبت مختلف القيادات السياسية في الجزائر على تفضيل خيار التبادل والتواصل مع دول الجنوب على بقية الدوائر الأخرى في السياسة الخارجية الجزائرية. ولكن هذا التوجه اصطدم، في الكثير من الحالات، بعراقيل ومشاكل بعضها يرجع إلى مخلفات حقبة الاستعمار الأوربي، والبعض الآخر مرتبط بالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي،المعقد والمتناقض في الكثير من الأحيان، لدول العالم الثالث. ويندرج تطور ومستقبل العلاقات بين الجزائر والدول الإفريقية في إطار هذا السياق المعقد.
لذلك، سوف نسعى من خلال هذه المحاولة البحثية التي تهتم بعلاقات الجزائر بمحيطها الإفريقي التركيز، في المقام الأول، على المنطلقات والخلفيات الفكرية والإيديولوجية للتعاون بين دول العالم الثالث. ثم نعالج، في المقام الثاني، التطور التاريخي لعلاقات الجزائر بالدول الإفريقية. وفي الأخير، سوف نلجأ إلى تقييم  وضع وواقع هذه العلاقات- خاصة ما يتعلق منها برغبة الجزائر في بناء شراكات إستراتيجية مع الدول الإفريقية في مجالات متعددة- على ضوء فرضيات ومسلمات أبرز المقاربات النظرية  في ميدان العلاقات الدولية.

أولا: المنطلقات الفكرية والإيديولوجية للتعاون بين دول العالم الثالث
 ظهرت جل دول العالم الثالث إلى الوجود في فترة زمنية هيمنت- بشكل شبه كلي- الصراعات الإيديولوجية على تفاعلاتها الدولية. وقد اتخذت هذه الصراعات، في غالب الأحيان، طابعا صفريا أصبحت في إطاره المخارج التوافقية للنزاعات الدولية مسألة عويصة ومعقدة وصعبة التحقيق. لذلك، تكاد تجمع أدبيات العلاقات الدولية على وصف فترة الحرب الباردة، التي امتدت من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى غاية الانهيار الرسمي للإتحاد السوفييتي في ديسمبر 1991، بمرحلة الصراع الإيديولوجي بين الرأسمالي والاشتراكية. وهو الوضع الذي سمح للإيديولوجية من تعويض الديانة كمصدر أساسي للنزاعات الدولية. غير أن مضامين وتجليات هذا الصراع الإيديولوجي الثنائي لم تكن تناسب وتحتضن حاجيات ومتطلبات مسارات بناء الدولة الوطنية في العالم الثالث. لذلك، كانت هذه الدول أمام حتمية النأي بنفسها بعيدا عن هذا الصراع الإيديولوجي، ثم البحث عن النسق الفكري والآليات التي تضمن لها تحقيق مصالحها في ظل هذا الوضع الدولي المتأزم.
تحقيقا لهذا المسعى، بدأت بعض الأفكار السياسية تتبلور في الكثير من دول العالم الثالث ذات التوجهات الإيديولوجية اليسارية حول طبيعة ومحتوى الأنساق الإقليمية والدولية المناسبة لتحقيق أهداف وآمال مجتمعات العالم الثالث في التنمية والعصرنة. وقد تم النظر إلى هذه النزعة الإيديولوجية على اعتبار أنها تمثل امتدادا طبيعيا لتلك التوجهات الثورية التي اعتنقتها الكثير من الحركات التحررية في دول الجنوب في كفاحها ضد التواجد الاستعماري في هذه المنطقة. ولكن يبدو أن هذه الحقيقة قد لا تنسحب على الحركات الوطنية التي التجأت إلى أساليب “ هادئة “ في التعامل مع الهيمنة الاستعمارية الرأسمالية. غير أن هذا التنوع الإيديولوجي الكبير الذي ميز النخب السياسية والمثقفين في العالم الثالث، لم يمنع من إجماعهم حول ضرورة إحداث تغيير جذري في نمط العلاقات الاقتصادية الدولية بما يضمن المصالح الحيوية لهذه الدول.1 من هذا المنطلق وفي هذه الظروف والتحديات، إلتأم التصوران الإيديولوجيان لكل من اليمين واليسار في الدول النامية في صيغة مطالب جماعية لتغيير الوضع القائم للتفاعلات الاقتصادية الدولية الذي كرس حالة من التبعية المطلقة لدول الجنوب المتخلفة لدول الشمال المتقدمة.
من أجل تكريس هذا التصور الإيديولوجي في واقع العلاقات الاقتصادية الدولية، كان على دول العالم الثالث العمل على محورين أساسيين ومتوازيين: يتمثل الأول في النضال المتواصل من أجل فرض الإصلاحات والتغيرات الضرورية على مستوى الهياكل الاقتصادية والتجارية والمالية الدولية بما يحقق مآرب وآمال مجتمعات العالم الثالث في التنمية والتقدم. ويكمن الثاني في العمل على إرساء أسس وآليات نسق اقتصادي بين دول الجنوب يعنى بالدفاع عن حقوقها الاقتصادية وتدعيم المبادلات الاقتصادية والتجارية بينها. في هذا السياق، دأبت حركة عدم الانحياز، منذ نهاية ستينيات القرن العشرين، على تدعيم الآليات والمتطلبات الكفيلة بتعزيز التعاون والتبادل بين دول الجنوب كإستراتيجية للتخفيف من أضرار شدة التبعية لدول الشمال.
تجسيدا لهذه الرؤية الإيديولوجية، لم تعد النزعة الوطنية في دول العالم الثالث مرتبطة فقط بميادين السياسة العليا، بل امتدت لتشمل قضايا السياسة الدنيا، مثل الشؤون الاقتصادية والتجارية. وفي الحقيقة، فإن “الوطنية الاقتصادية” في العالم الثالث لم تكن إلا رد فعل لتوجه الأسواق الرأسمالية نحو تركيز الثروة والسلطة في الدول الليبرالية المتقدمة، ومن خلال ذلك يمكن تكريس تبعية الاقتصاديات الضعيفة في الجنوب للاقتصاديات القوية في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية.2وقد تجلت أبرز مظاهر هذه “الوطنية الاقتصادية” في النجاحات التي حققتها دول العالم الثالث في صراعها مع مراكز الاقتصاد الرأسمالي المهيمن على التفاعلات الاقتصادية الدولية. ففي ميدان التجارة، تمخض تضامن وكفاح الدول النامية عن إنشاء مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في سنة 1964 وذلك من أجل احتضان والتكفل بالمشاكل الخاصة بهذه الدول في ميادين التجارة والتنمية. أما في مجال سيادة وحرية الدول في التصرف في ثرواتها الطبيعية، فقد ساعدت النجاحات التي حققتها منظمة الدول المصدرة للبترول إلى الانتشار السريع لظاهرة إنشاء التكتلات الاقتصادية بين دول العالم الثالث حول مختلف المواد الأولية وذلك من أجل مراقبة والتحكم في إنتاج وتسويق هذه المواد بما يحقق أهداف التنمية في هذه الدول. الأمر الذي مكنها من الهيمنة على مسألتي العرض والطلب لهذه المواد الأولية بما يسمح من تحديد أسعارها الحقيقية. وأخيرا، فقد نجحت دول الجنوب في الضغط على أعضاء منظمة الأمم المتحدة من أجل عقد دورة خاصة للجمعية العامة من أجل تبني مطالب العالم الثالث المتمحور حول بناء نظام اقتصادي دولي جديد.
بالرجوع إلى الوثائق التاريخية الرسمية، التي تشكل المصدر الأساسي للتوجهات الإيديولوجية للجزائر خلال ثورة التحرير وما بعدها، يمكن التأكيد على أساس أن قضايا العالم الثالث وإفريقيا احتلت حيزا معتبرا في بلورة النسق الفكري الجزائري الذي تتشكل من ثناياه الصورة النمطية التي تدرك من خلالها الجزائر طبيعة ومحتوى علاقاتها مع دول الجنوب. وقد أكدت مختلف الوثائق الرسمية على انتماء الجزائر للدائرتين العربية-الإسلامية والعالم ثالثية. بل أن نصوص الميثاق الوطني ألحت على ضرورة جعل مبادئ الثورة الجزائرية بمثابة إحدى مصادر التنوير الثوري في المغرب العربي والعالم العربي وإفريقيا.3وهو الأمر الذي دفع القادة السياسيين في الجزائر إلى توفير كل أشكال الدعم والمآزرة للحركات التحررية في إفريقيا والعالم الثالث. ومع انخفاض عدد الحركات التحررية بفعل النجاحات التي حققتها مسارات تصفية الاستعمار في العالم الثالث، تحول التركيز على المبادئ الإيديولوجية الخاصة بقضايا التنمية وبناء الدولة الوطنية. حيث أكد الميثاق الوطني لسنة 1976 على “ أن الجزائر سوف لن تدخر جهدا للقيام بالإجراءات والجهود اللازمة لتجنيد وتوحيد القوى في القارات الثلاث من أجل تحقيق الأهداف المشتركة وفرض احترام وحماية حقوق شعوبها “.4
على ضوء هذه المنطلقات الإيديولوجية، وصفت الجزائر من طرف الكثير من المفكرين المهتمين بشؤون العالم الثالث على أساس أنها قبلة الدول والتيارات السياسية المتشبثة بمشروع إحداث ثورة جذرية في نمط وبنية العلاقات الاقتصادية الدولية. وقد كان طبيعيا أن تتقاطع مثل هذه التصورات الإيديولوجية الراديكالية مع استراتيجيات الحكومات الاشتراكية في أوروبا الشرقية للقضاء على النظام الاقتصادي الرأسمالي. وهو الأمر الذي دفعها إلى التعجيل بتوفير الدعم والتأييد الضروري لهجوم دول العالم الثالث على النظام الاقتصادي الليبرالي القديم.5وفي الواقع، فإن هذا التصور الإيديولوجي قد شكل ضغطا كبيرا على القوى المهيمنة على مؤسسات النظام الاقتصادي الرأسمالي بالقدر الذي وفر البيئة والشروط التي مكنت دول العالم الثالث من تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية معتبرة في عشرية سبعينيات القرن العشرين. وقد كان متوقعا أن تمتد هذه الانجازات إلى خلق شبكة قوية ومتنوعة من روابط وقنوات التعاون والاعتماد المتبادل بين دول الجنوب.

ثانيــا:تطــور علاقـات الجزائـر بالـدول الإفريقية
عمدت الجزائر منذ استقلالها إلى تدعيم وتنويع علاقاتها مع دول القارة الإفريقية باعتبارها المجال الطبيعي والمباشر لسياستها الخارجية. ويندرج المسار العام لعلاقات الجزائر بمحيطها الإفريقي في إطار المبادئ الأساسية التي تقود سياستها الخارجية مع دول العالم الثالث. وتتمحور هذه المبادئ حول تحقيق الأهداف التالية: توحيد دول العالم الثالث في الدفاع عن مصالحها وحقوقها، دعم حركات التحرر الوطنية، تكوين جبهة من الدول التقدمية في العالم الثالث، تشجيع ودعم التعاون الاقتصادي بين دول الجنوب، ثم الدعوة لإقامة نظام اقتصادي دولي جديد.
عندما استقلت الجزائر في 5 جويلية 1962 كانت تناقضات الحرب الباردة مهيمنة على جل تفاعلات العلاقات الدولية. الأمر الذي دفع صناع القرار في الجزائر إلى استعمال مجموعة من الأطر والآليات الدولية والإقليمية، كحركة دول عدم الانحياز ومنظمتي الدول العربية والوحدة الإفريقية ، كأدوات لتوحيد دول العالم الثالث ضد مخاطر ورهانات الثنائية القطبية. غير أن تحسن العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي بعد أزمة الصواريخ في كوبا سنة 1962 حول حركة عدم الانحياز إلى تحالف حقيقي لدول العالم الثالث ضد كل دول الشمال المصنعة.عندئذ أصبحت اهتمامات وقضايا العالم الثالث تحتل مركز الصدارة في الأجندة الدولية.6 لتحقيق هذا الغرض في القارة الإفريقية، اعتمدت الجزائر على تضامن ومساعدة الأنظمة السياسية اليسارية داخل منظمة الوحدة الإفريقية. أما على مستوى جامعة الدول العربية فقد كان معيار الإيمان بقيم ومبادئ القومية العربية كافيا لتحقيق الحد الأدنى من التماسك والوحدة داخل هذا النسق الإقليمي. وقد كانت معظم الدول الإفريقية متفائلة بأن هذا التماسك والوحدة، الذي تقوده الجزائر، سوف يمكنها من تحقيق أهدافها في صراعها مع الدول المصنعة.
شكلت مسألة دعم حركات التحرر الوطنية محورا أساسيا في التوجهات الرئيسية لعلاقات الجزائر بمحيطها الإفريقي. ففي السنوات الأولى من استقلال الجزائر كانت قضية التزام قادتها بدعم الحركات التحررية في إفريقيا بمثابة الركيزة الأساسية لسلوكها الخارجي في هذه المنطقة.7 وهو الأمر الذي دفع الجزائر إلى التأكيد على أساس أن تنمية وتطور إفريقيا لا يمكن أن يتم دون التصفية التامة والشاملة للاستعمار في هذه القارة. لهذا السبب، دافعت الجزائر بقوة، عند انعقاد القمة المخصصة لإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية، على تجسيد المشروع الخاص بإنشاء جهاز يتكفل بضمان المساعدة والدعم الضروري لنجاح نضال حركات التحرر الوطني في أنغولا، الموزمبيق وغيرها من الأقاليم الإفريقية المستعمرة.
عندما تعلق الأمر بتجسيد المبدأ الإيديولوجي الخاص بتدعيم التبادل الاقتصادي بين دول العالم الثالث في علاقات الجزائر بالدول الإفريقية،طفت إلى السطح مجموعة من العراقيل لتبين مدى اتساع الهوة بين التصور الإيديولوجي (الرغبوي ) والواقع الإفريقي. فاعتماد أغلب اقتصاديات الدول الإفريقية- بشكل شبه كلي- على تصدير المواد الأولية لتوفير متطلبات عملية التنمية، منها استيراد المنتجات المصنعة ونصف المصنعة، يجعل من احتمالات تطور حجم ووتيرة المبادلات بينها ضعيفة للغاية، فالعلاقة بين هذه الاقتصاديات يكاد يطغى عليها الطابع التنافسي بدل الاعتبارات التكاملية. وهو ما يمكن أن يساهم - عمليا – في تبخر حلم الجزائر في التحول إلى قطب صناعي رائد في إفريقيا، وذلك بالنظر إلى تفضيل الدول الإفريقية المنتجات المصنعة ونصف المصنعة القادمة من الدول الرأسمالية المتقدمة عن تلك التي تفرزها استراتيجيات التصنيع في بعض دول العالم الثالث. وهي الحقيقة التي جعلت نسبة المبادلات التجارية بين الجزائر ودول العالم الثالث، في بداية ثمانينيات القرن الماضي، لا تتعدى 05% من مجمل مبادلاتها التجارية مع الدول الصناعية الغربية.8 وقد ساهم هذا الوضع في بروز عقبات مختلفة حالت دون وصول صناع القرار في السياسة الخارجية الجزائرية إلى بلورة الصيغ والإستراتيجيات المتعددة الأطراف المناسبة لتطوير التبادل والتعاون الاقتصادي مع الدول الإفريقية.
في خضم هذه المعطيات والظروف المعقدة، اهتدت الجزائر إلى أسلوب التعاون الثنائي لإرساء دعائم الشراكة الإستراتيجية مع الدول الإفريقية. ففي المغرب العربي، كان لغياب صيغ ومشاريع التعاون الجماعي، التي تتطلبها مسارات التكامل الوظيفي، الأثر الكبير في مبادرة الجزائر بإنشاء مجموعة من ورشات التعاون الثنائي مع كل الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي. غير أن ذلك لم يكن كافيا لإحداث الحركية الاقتصادية الكفيلة بالمساهمة في تطور حجم ووتيرة المبادلات التي تتطلبها مسارات التكامل الناجحة. كما أن محاولات الجزائر لإرساء أسس تنمية اقتصادية شاملة ومشتركة مع دول الجوار الجغرافي في منطقة الساحل الإفريقي، من أجل اجتثاث جذور النزاعات والاضطرابات الفعلية والمحتملة، عرفت مجموعة من الانتكاسات والصعوبات أفرغتها من مضمونها وأبعادها الاستراتيجية. فلا المشاريع العملاقة (طريق الوحدة الإفريقية، أنبوب الغاز الممتد من نيجيريا إلى الموانئ الجزائرية) ولا المساعدات الاقتصادية والهبات المالية التي قدمتها الجزائر للكثير من الدول الإفريقية استطاعت أن تعبد الطريق أمام شراكات إستراتيجية حقيقية بين الطرفين.
على ضوء هذه الإطلالة المقتضبة على أبرز محطات تطور العلاقات بين الجزائر مع محيطها الإفريقي، يبدو جليا أن رغبة صناع القرار في السياسة الخارجية الجزائرية في تحويل أشكال الدعم والمساندة التاريخية التي وفروها لمختلف حركات التحرر الإفريقية إلى شراكات إستراتيجية في مختلف الميادين، عرفت انتكاسات وعثرات متنوعة. ويمكن إرجاع أسباب هذا الإخفاق إلى سلسلة واسعة ومعقدة من الاعتبارات: يكمن بعضها في مخلفات روابط التبعية للقوى الرأسمالية التي استعمرت إفريقيا، في حين يعود البعض الآخر للعوائق البنيوية التي أفرزتها المنظومات الاقتصادية للدول الإفريقية، فضلا عن التناقضات والمنافسة السياسية بين الدول الإفريقية، التي أفرزت بدورها نزاعات وتحالفات إقليمية عملت، في الغالب، على تدعيم عوامل التنافر والصراع بدلا من عوامل التكامل والتعاون.
ثالثا:التأويل النظري لعلاقات الجزائر بالدول الإفريقية
لعل محاولة تفسير وفهم أسباب عدم قدرة الجزائر في تحويل دعمها ومؤازرتها التاريخية القوية لحركات التحرر الإفريقية إلى شراكة إستراتيجية متينة وشاملة، بعد فترة تصفية الاستعمار، من خلال التركيز على  الاعتبارات التاريخية والنسقية والسياسية فقط، إنما تندرج في إطار مقاربة اختزالية بعيدة عن توفير شروط ومتطلبات التحليل الشامل والموضوعي لهذه الظاهرة. لذلك، يبدو أن اللجوء إلى توظيف أبرز المقاربات النظرية، التي استقرت في العلاقات الدولية منذ مدة معتبرة، لمعالجة هذه المسألة، يبدو أقرب لتحقيق غرض التفسير والمعالجة الأمبريقية لهذا الموضوع. حيث أن تاريخ العلاقات الدولية مليء بالأحداث والمواقف التي أثبتت مدى دقة وموضوعية هذه المقاربات النظرية وقدرتها على تفسير مختلف مستويات العلاقات بين أطراف النظام الدولي.
انطلاقا من مسلمات وفرضيات الفكر الواقعي، الأكثر هيمنة على ميدان العلاقات الدولية، فإن الدول وفقا لمنظور القوة والأمن تبحث دوما عن ضمان أمنها وتوفير مقومات تطورها في حدود ما تسمح به مواردها ومقوماتها من القوة.9 وينتج عن ذلك، أن الجانب الأكبر من الروابط  والتفاعلات بين الدول الإفريقية تميل إلى تغليب عوامل الصراع والتنافس في علاقاتها البينية وذلك من انطلاقا من المتطلبات المتناقضة التي  تمليها مسارات بناء الدولة الوطنية في هذه القارة. وهي الاعتبارات التي تساعد على سرعة بناء وتفكيك التحالفات والاصطفافات الإقليمية والدولية في القارة الإفريقية تبعا لما تمليه قواعد التوازنات العسكرية بين الدول. وقد تساهم هذه البيئة التنافسية على بروز مشاعر عدم الثقة، التي يمكن أن تتحول بسرعة إلى علاقات عدائية، بين الدولية الإفريقية، بما يجعل التنسيق والتعاون في مسائل إستراتيجية وحساسة شأن معقد للغاية. فضلا عن ذلك، أن الاعتبارات الجيوستراتيجية أو الصراع على مناطق النفوذ المرتبط، في الكثير من الحالات، باعتبارات الهوية أو إحياء مشاعر ومطالب قوية قديمة قد تعمل على زعزعة استقرار الدول وانتشار مظاهر الفوضى والتفكك في القارة الإفريقية. على ضوء هذه المسلمات النظرية للاتجاه الواقعي، يبدو أن سعي الجزائر لبناء شراكات إستراتيجية مع محيطها الإفريقي تندرج في إطار رؤية رغبوية تفتقد إلى الكثير من الواقعية والموضوعية بحكم تجاهلها للكثير من المعطيات والحقائق التي تميز الواقع الإفريقي.لذلك، يبدو أن لهذه المقاربة الواقعية قدرة كبيرة على تفسير خلفيات وأسباب التغير المفاجئ لمواقف بعض الدول الإفريقية تجاه قضية تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية.
أما إذا حاولنا فهم وتفسير مختلف المسارات، التي اتخذتها علاقات الجزائر بالدول الإفريقية من خلال الاعتماد على أفكار الاتجاه اليساري في العلاقات الدولية، فإن الصورة التي يمكن أن ترتسم عن هذه العلاقات سلبية للغاية. فهذا الاتجاه يقر بأن هناك سلسلة من أشكال وقنوات الاستغلال والتبعية التي تربط دول المركز بدول المحيط، وأن هذا الأمر تكرسه بنية النظامين الاقتصادي والسياسي الدوليين. فلا يمكن لدول العالم الثالث أن تطور أنماطا من التعاون والتكامل فيما بينها دون المرور عبر هياكل النظام الدولي الذي تهيمن عليه القوى الاستعمارية الرأسمالية.10 وقد يساعد هذا الوضع على سهولة الاتصال والتبادل بين الدول الرأسمالية، المهيمنة على مختلف الأنساق الدولية، وبين دول العالم الثالث أكثر مما يمكن أن يساهم في تطور أطر التواصل والتعاون فيما بين هذه الأخيرة. ورغم أن الحيز الأكبر من العلاقات بين الشمال والجنوب يتسم بالكثير من التناقض والعدائية، ورغم تجانس مطالب واحتياجات دول العالم الثالث، فإن ذلك لا يؤسس، في الغالب، لبناء مسارات التعاون والتكامل بينها بحكم هيمنة إرادة دول المركز على جل التفاعلات والروابط الدولية، وبحكم مجموعة من الاعتبارات الاقتصادية والحساسيات السياسية والعرقية والدينية بين دول الجنوب.
يبدو أن الاتجاه التعددي في العلاقات الدولية يميل إلى إضفاء صورة متفائلة عن إمكانية بناء جسور التعاون والشراكة بين دول العالم الثالث. فرغم أن رواد هذا المنظور يقرون بالدور الأساسي للدولة الوطنية في التفاعلات الدولية، إلا أنهم يؤكدون على دخول تعديلات جوهرية على هذا الدور: ذلك أن الدولة أصبحت مخترقة من طرف دول أخرى أو من طرف مجموعة متنوعة من الفواعل غير الحكومية.11 ومن تم لم يعد للدولة مراقبة وهيمنة مطلقة على شؤونها الداخلية والدولية. فنظرة التعدديين الشمولية للعلاقات الدولية تجعلهم يهتمون بنشطات وأفعال الفواعل غير الحكومية المهيمنة على الميادين ذات الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية. لذلك، أصبح الجزء الأعظم من العلاقات الدولية هي علاقات فوق الدول وليس بينها، وهو ما يجعل مسألة رسم الحد الفاصل بين ما هو داخلي وما هو خارجي جد معقدة. وغالبا ما تدفع الحوافز المادية والاعتبارات البراغماتية هذه القوى أو الفواعل غير الحكومية إلى تجاوز مسألة الحدود والحساسيات السياسية لبناء شبكة من النشاطات العابرة للحدود. من هذا المنطلق، يصبح الاتجاه التعددي من أبرز المقاربات النظرية المشجعة على قيام أنماط من التعاون والشراكة الاستراتيجية بين الدول الإفريقية.
وأخيرا يبدو أن الطفرة النظرية، التي أفرزتها مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، في العلاقات الدولية لا تمنح إلا فرصا ضئيلة لإمكانية إرساء آليات التبادل والتعاون بين دول العالم الثالث. ذلك أن هذه الموجة الجديدة من التنظير، التي تضاربت الآراء في وصفها والتعريف بمختلف تياراتها (البنائية، ما بعد الوضعية، الكوسموبوليتانية...الخ)، تسعى إلى إخراج متغيرات التحليل ونظام القيم والمعايير من المستوى القطري إلى الحيز الدولي. وترتيبا على ذلك، فإن هذا الاتجاه يهدف إلى تعديل وضبط السلوك الإنساني وفق معايير شاملة تماشيا مع ما تتطلبه عملية بناء نظام عالمي لضمان العدالة لكل الشعوب. وهو ما يستدعي إجراء تغييرات جذرية على أسس الأنظمة الداخلية والدولية. فضلا عن ذلك، فإن تحول الاهتمامات والتحديات الدولية إلى مستويات شاملة وعابرة للحدود يقلص، بشكل كبير، من قدرة الدول الإفريقية في التعاطي مع مختلف الأخطار والتهديدات الأمنية التي أصبحت تواجهها في فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. الأمر الذي يدفع باتجاه تدعيم نمو حجم ووتيرة المبادلات والاتصالات بين الأطراف المهيمنة على المراكز الجديدة للنفوذ وبقية أطراف النسق الدولي الجديد، مقابل التقليل من فرص التعاون والاعتماد المتبادل بين المكونات الثانوية لهذا النظام.
على ضوء هذه المسلمات النظرية، يبدو أن مقاربة التكامل الإقليمي، أو ما يسمى أحيانا بالتكامل الوظيفي، تمثل الإطار الأمثل لترقية العلاقات بين الجزائر والدول الإفريقية. ذلك أن هذه المقاربة هي بمثابة المخرج الحقيقي لمأزق الدولة القطرية الذي أصبح عاجزا على توفير الإمكانيات الكفيلة لمواجهة تحديات وأخطار عصر العولمة والشمولية. غير أن ذلك يتطلب توفر إرادة سياسية حقيقية لأطراف مسارات التعاون والتكامل في القارة الإفريقية بالإضافة إلى مجموعة من الشروط التقنية والفنية. وهي الشروط الذي يصعب تحقيقها في منطقة جغرافية يتعرض فيها مسار بناء الدولة القطرية- منذ نهاية مرحلة الثنائية القطبية- لعملية تراجع متعددة الأبعاد والتداعيات.
خاتمة
قد لا يجد المهتم بالعلاقات الدولية، بشكل عام، والسياسات الخارجية لدول العالم الثالث، بشكل خاص، صعوبة في الإدراك بأن الجزائر كانت من أكثر الدول ارتباطا باهتمامات ومصالح الدول السائرة في طريق النمو. ويتجلى ذلك، من الناحية النظرية والمعيارية، في تثبيت مختلف الوثائق الرسمية للدولة الجزائرية، انطلاقا من بيان نوفمبر 1954 إلى يومنا، لمجموعة من المبادئ الإيديولوجية المؤكدة على أهمية وأولوية التبادل والتواصل مع دول العالم الثالث على بقية دوائر نشاط السياسة الخارجية الجزائرية. أما من الناحية العملياتية والامبريقية، فقد حرصت الجزائر على تركيز جل اهتمامات سلوكها الخارجي على ترقية والدفاع عن المصالح الحيوية للدول النامية، ومحاولة بلورة الآليات والأطر الكفيلة بخلق شبكة متينة ومتنوعة من التعاون والاعتماد المتبادل بين هذه الدول، قد تساعد على تخفيف وطأة وتداعيات علاقات تبعيتها لدول الشمال المتقدمة.
غير أن تكريس هذا التوجه وهذه المبادئ في واقع علاقات الجزائر بدول العالم الثالث قد اصطدم بسلسلة متنوعة من العراقيل والحواجز. وتعود مجموعة كبيرة من هذه العقبات إلى التناقضات البنيوية والفكرية بين الأنظمة السياسية والاقتصادية لدول العالم الثالث، وإلى الطبيعة التنافسية بين مبادلاتها التجارية. بينما تكمن مخلفات الحقبة الاستعمارية وبنية العلاقات الاقتصادية الدولية وراء الجزء الآخر من العقبات التي تحول دون قيام تعاون وشراكات إستراتيجية حقيقية بين دول العالم الثالث. ومع ذلك فإن هيمنة النزعة الوطنية الاستقلالية على الكثير من القيادات السياسية في الدول النامية، إضافة إلى هامش المناورة الذي أفرزته الحرب الباردة، قد ساهم في بروز درجة عالية من الوحدة والتضامن بين هذه الدول في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. الأمر الذي ولد الكثير من مشاعر التفاؤل ببداية تبلور معالم نظام تعاون وتبادل بين دول الجنوب قد يغنيها عن العلاقات الجائرة التي يكرسها النظام الرأسمالي القائم. ولكن انهيار نظام الثنائية القطبية وما تبعه من تحولات دولية عميقة كان بمثابة الحقنة التي أجهضت هذا الحلم وعمق تبعية دول العالم الثالث للآليات النموذج الليبرالي المنتصر في الحرب الباردة.
من هذا المنطلق، يبدو أن تحقيق رغبة الجزائر في توطيد أواصر التعاون والشراكة مع محيطها الإفريقي تتطلب توفر، على الأقل، توفر ثلاثة شروط أساسية: يتمثل الأول في حدوث تحول محوري في المبادئ و البنية الرئيسية لنظام العلاقات الاقتصادية بما يسمح من بروز فرص حقيقية لترقية المبادلات الاقتصادية بين دول العالم الثالث. ويرتبط الشرط  الثاني بتوفر إرادة فعلية لدى النخب السياسية والاقتصادية في الدول الإفريقية من أجل ترقية المبادلات البينية بما يسمح من ضمان المصالح الوطنية المشتركة لكل الأطراف. ويتمحور الشرط الثالث في العمل الإقليمي الجماعي على توفير الظروف والمتطلبات الإقليمية من أجل إعادة إحياء روح الوحدة والتضامن بين الدول الإفريقية، التي ستدفع بدورها في اتجاه إعادة حركة ومسارات التكامل الجهوي في القارة الإفريقية. وفي انتظار توفر هذه المرتكزات الحيوية لبناء الأسس الحقيقية لمسارات شراكة إستراتيجية بين الجزائر والدول الإفريقية، يحتمل أن يبقى مستوى التبادل والاتصال دون مستوى مرحلة الإقلاع في العلاقة بين الطرفين. الأمر الذي سوف يدفع صناع القرار في السياسة الخارجية الجزائرية إلى التعجيل بمراجعة حقيقية لمبادئ وآليات وأهداف مقاربتها لعلاقاتها بدول العالم الثالث.
الهوامش

1 - M .Smith , R .Little and M.Shakelton , Perspectives on world politics. London: Croom Holm Ltd. 1981, p. 419
2- K.Knorr and F.Trager, Economic Issues and National Security. New York: The National Security Education Program, 1977, P.40
3 - الميثاق الوطني، وزارة الثقافة والإعلام، الجزائر 1981 ، ص.175
4 - المرجع  نفسه . ص. 99
5- K.Knorr and F.Trager , Economic  Issues and National Security. Op.cit. p.10
6- R.L.Rothstein, The Weak in the World of the Strong. New York: Columbia University Press, 1977. P.127
7-R.A.Mortimer , The Algerian Revolution in search of the African Revolution. Journal of Modern African Studies, vol.18, 1970. P.372
8- Annuaire Statistiques de l’Algerie. Ministère de la Planification et de l ,Aménagement du Territoire , Alger 1963-1983.
9- M.Smith, R.Little ,and M.Shakeleton, Perspectives on World Politics. London: Groom Helm Ltd. 1981, pp.14-19
10- M.Light and A.J.R.Groom, International Relations. London: Frances Pinter Publishers, 1985. P.64
11- M.Smith, R.Little and M.Shakeleton.op.cit . p.19

صدر في العدد التجريبي من مجلة ديبلوماتيكا - جوان 2021 -