طباعة هذه الصفحة

حمل كثافة شعرية ورؤيوية غير معهودة

الشاعـر بوطي محمد يُصـدر «تلويحـة لموت آخــر»

قراءة: نور الدين لعراجي

صدر للشاعر الجزائري، محمد بوطي، عن دار الخيال مجموعة شعرية تحت عنوان « تلويحة لموت آخر»، جاء الإصدار في 108 صفحة من الحجم المتوسط وتضم بين طيّاتها 17 قصيدة بين القصيرة والطويلة وجميعها من شعر التفعيلة، وتفنن في لوحة الغلاف المبدع زبير فارس حيث رسم صورة ليد بشرية تمتد في الأفق بلون أبيض ناصع يتوسطها أعلى الأنامل قرص شمس تستعد للمغيب ونورسان في غدو الى موطن آمن قبل الظلام.
قراءة: نور الدين لعراجيجاء عنوان المجموعة « تلويحة لموت آخر « إجابة عن سؤال حملته لوحة الغلاف التي أراد صاحبها اختصار حروف القصيدة في صورة تعبر عن ما يختلج في صدره بعيدا عن ترجمتها الى  حروف لأسباب يعلمها الكاتب وحده، وهي إما أن تكون رغبة في إثارة المكنون أو استفزاز للقارئ، الأمر الذي جعل الفهرس لا يحمل سمات العنوان، تاركا الباب مفتوحا لكل القراءات الممكنة وللتساؤلات الغيبية، فأي تلويحة في نظره الأخيرة أم الأولى؟
طمأنت دار الخيال على لسان صاحبها الناشر رفيق طيبي، بأن «الشاعر محمد بوطي» في طريقه مع الفتوحات الأدبية، وهو دليل على ان الشعر العربي بخير ويتحقّق من كون المدوّنة الجزائرية تزخر بنصوص حداثية تكسر السائد وتُحقّق دهشة لا حدود لها، لذلك يراهن «بوطي» على كثافة شعرية ولغة لها كمياء خاصة تبهر المتلقي وتدخله فضاءات شعرية ورؤيوية غير معهودة».
اكتفت «تلويحة لموت آخر» بصفحة بيضاء في فاتحة المجموعة وإهداء قصير لم يتضمن تقديما، كما جرت عليه العادة في بعض الإصدارات الأدبية الأخرى، ولا مقدّمة يضع على خطواتها وقع قصيدة التفعيلة دون غيرها من الأشكال الشعرية الأخرى، وفضل بوطي ان يلج الى رؤى سابقة لبعض الأدباء الجزائريين على غرار الشعراء  عبد القادر رابحي، ميلود خيزار، لخضر بركة، واضعا يده على هذه التجارب المميزة والرائدة في المشهد الشعري.
اختار الشاعر سبعة عشر عنوانا لقصائد أثث بها مجموعته وحملت في طياتها أسئلة فلسفية تغرق في الوجودية من بينها: «الخريف الذي خلته» ، «مقامات»، «أيها الصبح اغرب» ، «سيرة محنطة»، «ثلاث لوحات ومشهد» التي يقول في مطلعها:
 اللوحة تبدو باهتة للوهلة
حين تأخر الصبح مليا
حين تعثر طفل النور
ببعض ندوف الظلمة
يعرج في ماعون الرؤيا
يقطر شيء من عطر
الى ان يقول في اللوحة الثانية كرد على الاولى موضحا ان في اللّوحة أنثى
تسقي بسلاف الآونة الأولى
غابات اللّوز
تتراقص فوق شموع أصابعها
أفراح صغار حساسين
تنقع أخرى في النهر
يشف النهر .. كأن لا ماء
سوى امرأة تعكس
ما يمليه المرمر
للإشارة يعتبر الشاعر محمد بوطي من الشعراء الجزائريين الحداثيين، له حضور دائم في المشهد الثقافي  الجزائري والعربي، صدر له في الشعر مجموعتين شعريتين «على مرمى نداء»، و»كمن يتوسّد ظله».