طباعة هذه الصفحة

النقل بتندوف بين مطالب حقوق وتقصير

6 آلاف دينار للسفر على مسافة 140 كلم

تندوف: علي عويش

المناطق النائية رهينة بُعد المسافة وإرتفاع التكاليف

يشهد النقل العمومي حالة من عدم التنظيم وغياب مواقف محدّدة لحافلات النقل العمومي، فكل الأرصفة مستباحة لتوقف الحافلات، خالقةً بذلك جواً من الإرباك لدى المواطن الذي اتهم مديرية النقل بالتقصير وعدم مراقبة سائقي الحافلات، في حين حمّل مدير النقل مسؤولية ما يحدث والتوقّف الفوضوي للمواطن باعتباره «المسؤول عن هذه السلوكيات»، وينبغي التبليغ عنها فور وقوعها.
لا يزال مخطّط النقل الحضري ببلدية تندوف حبيس الأدراج، هذا المخطّط الذي تمّت المصادقة عليه سنة 2014، من شأنه القضاء على العديد من النقاط السوداء بالمدينة واستحداث خطوط نقل جديدة وإنجاز إشارات ضوئية ومواقف للحافلات تراعي التوزيع السكاني وهي عوامل عديدة ستساهم بشكل كبير في التخفيف من معاناة المواطنين في حالة تجسيد هذا.
 في حين، لا تزال معاناة مواطني المناطق النائية متواصلة بين مطرقة بُعد المسافة وسندان ارتفاع تكاليف النقل، فبلدية أم العسل التي تبعد عن عاصمة الولاية بـ170 كلم إلى الشمال الشرقي وقرية حاسي خبي (370 كلم)، الواقعتان على الطريق الوطني رقم 50 فهما تحت رحمة الحافلات المتجّهة لولايات الشمال والتذكرة قد تصل إلى حدود 800 دج.
 أما قرية حاسي مونير الحدودية التابعة إقليمياً لبلدية أم العسل تبقى الخاسر الأكبر في معادلة النقل العمومي، فسكانها يتنقّلون إلى بلدية أم العسل أو بلدية تندوف على متن سيارات الدفع الرباعي أو عن طريق سيارات الأجرة غير الشرعية بأسعار تصل إلى 6000 دج، لمسافة لا تتجاوز 140 كلم فقط، أما الحافلة الوحيدة التابعة للنقل المدرسي التي وفّرتها بلدية أم العسل بأمر من الوالي لا تزال متوقّفة منذ سنوات بسبب عدم مقدرة البلدية على توفير سائق.

- تأخر تفعيل مخطّط النقل الحضري

يبقى بذلك قطاع النقل بالولاية يشهد العديد من المطبّات المتتالية التي تحول دون تحقيق الأهداف المسطرة في أجندة السلطات المحلية رغم المجهودات المبذولة في هذا المجال ومتابعة والي الولاية بصفة شخصية لملف النقل أولاً بأول، فعزوف المستثمرين عن ضخّ أموالهم في مشاريع النقل الحضري، وتأخر تفعيل مخطّط النقل الحضري من طرف بلدية تندوف واستثناء مناطق الظلّ من سياسة النهوض بالقطاع، حالت دون الوصول إلى الغايات المنشودة.
يحدث هذا رغم تخصيص حيز كبير للملف داخل أروقة المجلس الشعبي الولائي، ناهيك عن توسّع الشرخ في العلاقة بين نقابة سيارات الأجرة والإدارة والمجتمع المدني أمام تواصل إصرار كل طرف على تحقيق مطالبه والعزف على وتر اللجوء إلى التصعيد، لتتواصل بذلك معاناة المواطن الذي يبقى أمله الوحيد توفير وسائل النقل مهما كانت الطريقة.
المواطن بولاية تندوف لا يزال يتطلّع إلى خلق خطوط نقل إضافية لتدعيم الخطوط الحالية خاصة في الأحياء الحديثة التي لم يشملها المخطط القديم وتوفير المزيد من سيارات الأجرة، حيث أكد بعض المواطنين أن الحصول على سيارة أجرة بعد انتهاء ساعات الدوام قد يكون «ضرباً من المستحيل» خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة ودخول العمل بالتوقيت الصيفي حيز التطبيق.

- الشباب العاطلون في وقفة احتجاجية

  وضعية استدعت تنظيم بعض الشباب العاطلين عن العمل بتندوف وقفة احتجاجية أمام مقر الولاية للمطالبة باستلام دفاتر المقاعد الخاصة بسيارات الأجرة بعد اجتيازهم لفترة التربص المحدّدة قانوناً بمراكز التكوين المهني بالولاية.
الوقفة الاحتجاجية التي انتقلت إلى مقر المندوب المحلي لوسيط الجمهورية بتندوف، جاءت عقب مضاعفة مصالح الأمن بالولاية لمجهوداتها، والتي استهدفت سيارات الأجرة غير الشرعية بعد ورود شكاوي من طرف سيارات الأجرة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين، لتسفر العملية بعد أسبوعين فقط عن حجز 100 سيارة أجرة غير شرعية ووضعها في المحشر.
نقابة سيارات الأجرة كانت قد راسلت والي تندوف والمصالح الأمنية في وقت سابق مطالبةً بالتدخل الفوري والعاجل من أجل وضع حدّ للظاهرة وتطهير قطاع النقل الحضري من الدخلاء وردعهم، حيث تحصي مديرية النقل بولاية تندوف أزيد من 268 سيارة أجرة و16 شركة سيارات أجرة خاصة بمعدل 22 سيارة لكل شركة تعمل كلها داخل النسيج العمراني لبلدية تندوف والمناطق المجاورة لها.
 كما تضمّ حظيرة النقل بالولاية 15 حافلة نقل حضري عمومي و14 متعاملا خاصا موزعين على العديد من الخطوط تمّ فيها مراعاة التوزيع السكاني وبُعد المسافات بين بعض المناطق.

- دفتر المقاعد لمن استطاع إليه سبيلا

أكد بوشتة يحيى مدير النقل بولاية تندوف أن أزيد من 150 شاب من ولاية تندوف قد استفادوا من التأطير اللازم الذي يخوّل لهم الحصول على دفتر المقاعد الخاص بسيارات الأجرة ضمن مخطّط عمل يهدف إلى تأطير 200 شاب.
أضاف المتحدث، أن فرص الاستثمار في قطاع النقل بشقه الحضري متاحة للشباب، خاصة في ظلّ التوسّع العمراني الذي شهدته المنطقة، قائلاً بأن النقل الحضري الذي يغطي الأحياء الجديدة تمّ بموجب تراخيص إستثنائية في انتظار منح الاعتماد الرسمي من طرف بلدية تندوف.
قال بوشتة، أن التراخي في تطبيق القانون وغياب الوعي لدى أصحاب سيارات الأجرة والمواطنين على حدّ السواء، خلق نوع من الفوضى التي أدت إلى ضياع الحقوق ودخول قطاع النقل بالولاية في دوامة من المغالطات القانونية.
أوضح مدير النقل، بالولاية أن العديد من الشباب الحاصلين على مشاريع في إطار صناديق الدعم قاموا بتغيير مكان مزاولة أنشطتهم وغادروا الولاية باتجاه ولايات الشمال، في حين وقع البعض الآخر تحت طائلة تطبيق القانون بسبب التقصير في الالتزام بالواجبات المنصوص عليها قانوناً، منوّهاً في الوقت ذاته بأن سيارات الأجرة بتندوف هي سيارات فردية وجماعية في آن واحد، وهو إجراء مخالف للقانون، مضيفاً بأن خفض التسعيرة الحالية وإخضاع سائقي سيارات الأجرة لفحص طبي لكشف السلامة العقلية بات الخيار المطروح في الوقت الراهن.
أردف مدير النقل قائلاً، بأن الحصول على دفتر المقاعد من عدمه يبقى من اختصاص الوالي، وله السلطة التقديرية في مراسلة الوزارة الوصية لتدعيم الولاية بهذه الوثائق، في الوقت الذي بلغت فيه السيارات المحجوزة منذ تكثيف مصالح أمن ولايات تندوف لمجهوداتها حوالي 100 سيارة أجرة غير شرعية، حسب ما صرّح به مصدر أمني.