طباعة هذه الصفحة

بينما تطالب مصر والسودان باتّفاق ملزم

دعوة لإحالة ملف سد النهضة للاتحاد الإفريقي

دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في جلسته حول سد النهضة أطراف النزاع الثلاث إلى الحوار تحت سقف الاتحاد الإفريقي.
جاءت جلسة مجلس الأمن بدعوة من مصر والسودان لمناقشة أزمة سد النهضة والإعلان الإثيوبي عن ملء جديد للسد دون اتفاق مسبق. وفي ختام الجلسة، أكد أعضاء مجلس الأمن أنّ الاتحاد الإفريقي هو المكان الأنسب لحل الخلاف بين الدول الثلاث، مؤيّدين جهود الوساطة التي يجريها الاتحاد، كما حثّوا جميع الأطراف على استئناف المحادثات، التي وصلت إلى طريق مسدود.
وقد انعقدت جلسة مجلس الأمن لمناقشة مشروع قرار قدمته تونس بشأن سد النهضة تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، يطالب إثيوبيا بالوقف الفوري للملء الثاني للسد، والذي أعلنت عنه قبل أيام قليلة، كما يشمل ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بين الدول الثلاث بشأن تشغيل سد النهضة خلال ستة أشهر.
مفاوضات موضوعية مثمرة
 اكتفت جلسة المجلس بدعوات دولية وأممية للدول الثلاث المعنية، مصر، إثيوبيا والسودان، على تخطي خلافاتها والعمل معا للتوصل إلى «اتفاق مثالي» بشأن سد النهضة، برعاية الاتحاد الإفريقي.
من جانبها، أشارت ليندا توماس جرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إلى «إمكانية التوصل إلى حل متوازن وعادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة, من خلال الالتزام السياسي من جميع الأطراف».
وأضافت «هذا يبدأ باستئناف المفاوضات الموضوعية المثمرة. ينبغي عقد هذه المفاوضات تحت قيادة الاتحاد الإفريقي، وينبغي استئنافها على وجه السرعة»، وذكرت أن الاتحاد «هو المكان الأنسب لمعالجة هذا النزاع».
أما مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبيزيا فاعتبر أن رفع عدد الوسطاء في مفاوضات سد النهضة لن يكون له قيمة، مضيفا «نحن قلقون من تنامي الخطاب التهديدي في أزمة سد النهضة».
كما أكّد المندوب الروسي أنه لا حل لتسوية النزاع إلا من خلال القنوات السلمية بمشاركة الدول الثلاث، محذّرا ممّا وصفه «بصب الزيت على النار والتهديد باستخدام القوة».
من جانبها، دعت مندوبة بريطانيا الدائمة لدى الأمم المتحدة بربارا وودوارد الدول الثلاث إلى «تقديم تنازلات من أجل التوصل لاتفاق».
ومن ناحيته، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال الجلسة إن «موقف إثيوبيا المؤسف قوض كل محاولات التوصل إلى اتفاق»، متابعا «إذا تعرضت حقوقنا للخطر فلن يبقى أمامنا سوى حماية حقنا الأصيل في الحياة».
كما قال الوزير المصري «لا نعترض على حق إثيوبيا بالاستفادة مياه النيل الأزرق بل نطالبها باحترام التزاماتها الدولية».
خطوات منفردة
من ناحيتها، قالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي إن بلادها دعمت بناء سد النهضة منذ البداية بشكل يحفظ حقوق الدول الثلاث، مشددة على أهمية الاتفاق الملزم لحماية الأمن البشري والسدود والأمن الاستراتيجي للمنطقة. واعتبرت المهدي أن «إثيوبيا اتخذت خطوات منفردة في السابق أضرت بحياة الكثير من مواطنينا»، وأن على مجلس الأمن أن يدعو إثيوبيا إلى عدم اتخاذ خطوات أحادية وإعطاء دور أكبر للممثلين الدوليين في المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.
في المقابل، اعتبر وزير الري الإثيوبي سيليشي بقلي «تدقيق مجلس الأمن بتشغيل سد لتوليد الطاقة أمر غير مسبوق». وأكّد على أن سد النهضة في المكان الصحيح وأن هدفه تحسين حياة سكان المنطقة، وقال إن «مياه النيل تكفينا جميعا وعلينا أن نعي أن الحل لا يمكن أن يأتي من مجلس الأمن».
كما اعتبر الوزير أن السد ليس الأول من نوعه، وأن خزانه أصغر بمرتين ونصف من خزان سد أسوان في مصر، مؤكداً أنه ليس لإثيوبيا مخزون مياه كبير وأنه لا بديل عن سد النهضة.
ورأى وزير الري الإثيوبي أن السد سيخزن المياه بشكل يتماشى مع ما تم الاتفاق عليه مع مصر والسودان، مؤكدا أن بلاده لا تستجيب للضغوط وأنها ملتزمة برعاية الاتحاد الإفريقي للمفاوضات.
كرونولوجيا
-  يبلغ طول نهر النيل 6695 كيلومتر، وهو يعدّ بذلك، كما الأمازون، النهر الأطول في العالم، لكنه يشكل بالإضافة إلى ذلك مصدراً حيوياً للموارد المائية وللطاقة الكهرومائية في منطقة أفريقية قاحلة.
-  تساوي مساحة حوض النيل ثلاثة ملايين كيلومتر مربع، أي 10 % من مساحة القارة الإفريقية، ويتوزع بين عشر دول، هي بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر وإثيوبيا وكينيا وأوغندا وروندا وجنوب السودان والسودان وتنزانيا. ويقدر مستوى تدفقه السنوي بنحو 84 مليار متر مكعب.
-  يلتقي النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا بالنيل الأبيض في الخرطوم، ليشكّلا معاً نهر النيل الذي يعبر السودان ومصر ويصبّ في البحر المتوسط.
- أطلقت إثيوبيا في عام 2011 المشروع الذي تقدّر قيمته بنحو 4 مليارات دولار، ويهدف إلى بناء أكبر سد لإنتاج الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، بقدرة إنتاج تفوق من نحو 6500 ميغاوات.
-  يقع سد النهضة على النيل الأزرق على بعد نحو 30 كلم من الحدود مع السودان، ويبلغ طوله 1,8 كلم وارتفاعه 145 متر.

  أهم المحطّات

-  بدأت إثيوبيا المرحلة الأولى من ملء السد في منتصف عام 2020.
-  يمدّ النيل مصر، الذي يعد 100 مليون نسمة، بنسبة 90 % من احتياجاته المائية والزراعية.
-  تتمسّك مصر بـ «حق تاريخي» لها في مياه النيل، الذي تضمنه سلسلة اتفاقات مبرمة منذ عام 1929. حينها، حصلت مصر على حق الفيتو على بناء أي مشاريع على النهر.
-  في عام 1959، حصلت مصر بموجب اتفاق مع الخرطوم حول توزيع مياه النيل على حصة بنسبة 66 % من كمية التدفق السنوي للنيل، مقابل 22 % للسودان.
- في عام 2010، وقعت دول حوض النيل على اتفاق جديد رغم معارضة مصر والسودان، ينص على إلغاء حق النقض الذي تتمتع به مصر، ويسمح بإقامة مشاريع ري وسدود لإنتاج الكهرباء.
- تؤكّد إثيوبيا، القوة الإقليمية الصاعدة، على أن مشروع سد النهضة أساسي من أجل تنمية البلاد، وأنه لن يؤثر على مستوى تدفق المياه.
- تخشى مصر من جهتها من وتيرة امتلاء الخزان الضخم لسد النهضة، الذي يتسع لـ 74 مليار متر مكعب من المياه، ومن أن ملء هذا الخزان خلال فترة قصيرة سيؤدي إلى انخفاض كبير في جريان مياه النيل على امتداد مصر.
- بعد تسع سنوات من الجمود في المفاوضات، رعت الولايات المتحدة والبنك الدولي، اعتبارًا من نوفمبر 2019، محادثات للتوصل إلى اتفاق، لكنها فشلت.
- تعثرت مفاوضات أخرى برعاية الاتحاد الإفريقي منذ أفريل.
- في وقت سابق من الأسبوع الماضي، أعلنت مصر ثم السودان أن أديس أبابا أبلغتهما ببدء مرحلة الملء الثانية للسد، وهي عملية لم تؤكدها رسميًا إثيوبيا التي تقول إن إضافة المياه إلى خزان السد هي عملية طبيعية، خاصة خلال موسم الأمطار.