طباعة هذه الصفحة

حدث وحديث

«همـــة الأزمــة»

جلال بوطي
10 جويلية 2021

منذ إعلان جمهورية تونس عن انهيار المنظومة الصحية إثر تسجيل عدد قياسي للإصابات والوفيات بوباء كورونا، لم تتوان الدول الصديقة والشقيقة في تقديم يد العون والمساعدة وبثّ رسائل التضامن لمواجهة هذه الأزمة الصحية التي تضرب تونس تزامنا مع أتون أزمة سياسية منذ أشهر.
لكن في «وقت الضيق يعرف الصديق» كما يقال، وفي زمن الأزمة «تولد الهمة»، هكذا هي علاقات الجوار التي أبانتها الجزائر مع تدهور الوضع الصحي في الشقيقة الشرقية ، فوزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أعلن عن دعم مادي مرفوقا بإسناد بشري لمواجهة هذه الموجة العاتية من فيروس كورونا، ووعد الوزير عبد الرحمن بن بوزيد بالسفر شخصيا إلى تونس إذا لزم الأمر للتشاور مع السلطات التونسية في رسالة قوية تؤكد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين البلدين المغاربيين.
جهود ما فتئت الجزائر تقدّمها كلما مر بلد «ثورة الياسمين» بعاصفة شديدة، وها هي اليوم تثبت مرة أخرى حرصها على مدّ يد التعاون والدعم رفقة عدة دول عربية للشعب التونسي، أرسلت مساعدات عاجلة لمواجهة تفشي الوباء، الذي من دون شكّ ستتراجع حدته في البلاد رغم انهيار المنظومة الصحية، التي تلقي بظلالها على أزمة سياسية وحّدت التونسيين أمام موجة الوباء العاتية للوقوف صفا واحدا قصد قهر التحديات العصية.
لا يمكن الحكم بفشل سياسة سلطات تونس لمواجهة الأزمة الصحية، كما لا يمكن توجيه أصابع الاتهام لجهة على أخرى في تقصير جهود مكافحة فيروس لا يفرق بين قوي وضعيف، بالأمس القريب فقط انهارت منظومة إيطاليا الصحية أمام الوباء وهي أحد أقوى اقتصاديات العالم وعضو مجموعة دول السبع، ولم تتمكن بذلك هي ودول كبرى أخرى من تفادي تفشي الوباء.
ما يحتاجه الشعب التونسي اليوم أكثر من أي وقت مضى هو التعاطف والتضامن وليس اللوم، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع أمام استمرار تفشي الوباء، وترك النقاش السياسي جانبا، كون الأزمة الصحية أولى من الأزمة السياسية وأكثر فتكا منها.
ما ينتظره التونسيون رسائل تزرع الأمل في النفوس وليس دروس في السياسة هم في غنى عنها في الوقت الراهن.