طباعة هذه الصفحة

تحويسة  DZ

قلعة بني حماد.. القصة الخالدة

تعدّ قلعة بني حماد بالجزائرّ من بين الشواهد الأثرية المهمة في بلاد المغرب العربي التي تحكي قصصا خالدة ومشرقة من تراثنا الإسلامي المجيد، قد احتفلت في عام 2007م بمرور ألف عام على بداية تأسيسها حيث بدأ تشييد أركانها عام 398 هجرية الموافق عام 1007م، وكان انتهاء العمل بها في العام التالي 399 هجرية الموافق عام 1008م.
صنَّفتها منظمة اليونيسكو ضمن نفائس التراث حيث أن هذا المعلم التاريخي الفريد يحمل بين جدرانه عشرة قرون من الرصيد الحضاري الإسلامي ومرايا التاريخ في منطقة المغرب منذ حوّل القائد الشهير حماد بن بلكين بن زيري الصنهاجي البربري القلعة المذكورة إلى عاصمة سياسية وإدارية لدولة الحماديين التي حكمت بلاد الجزائر بين عام 1014م وعام 1154م.
 لذلك تعد هذه القلعة عاصمة ثاني دولة تقوم ببلاد المغرب الأوسط أي الجزائر بعد الدولة الرستمية التي حكمت الجزائر بين عام 776م وعام 909م وكان مقرها مدينة تاهرت أو تيهرت وهي حاليا مدينة تيارت في الجزائر وقد بنيت قلعة بني حماد في سياق التطورات السياسية والاقتصادية لدولة الحماديين.
 تقع هذه القلعة على بعد حوالي 20 كيلو متر شمال مدينة المسيلة الجزائرية، تم تأسيسها بواسطة حماد بن بلكين بموجب الاتفاق الذي أبرمه مع باديس بن المنصور بن بلكين بن مناد الصنهاجي عام 395 هجرية الموافق عام 1004م وأنضجت أولى ثماره بعد ثلاث سنوات ميلاد منارة القلعة كثاني دولة مركزية تتأسس في المغرب الأوسط حيث استأثر حماد بن بلكين بولاية الجزائر الشرقية في عهد الدولة الزيرية الصنهاجية ما بين عام 398 هجرية الموافق عام 1007م وعام 419 هجرية الموافق عام 1029م .
بنيت قلعة بني حماد الحصينة على سفح جبل المعاضيد وسط سلسلة جبلية لتكون صعبة المنال نتيجة مسالكها الوعرة، فهي تقع في الحدود الشمالية لسهول الحضنة بموقعها الاستراتيجي الهام، من الشمال محمية بجبل تاقرست الذي يبلغ إرتفاعه 1418 مترا ومن الغرب بجبل قرين الذي يبلغ إرتفاعه 1190 مترا ويحيط بها من الشرق واد يشكل سورا طبيعيا للمدينة أما من جهة الجنوب فإن الطريق الوحيد المؤدى إلى القلعة عبارة عن ثنية ملتوية تتبع وادي فرج.
لذلك كان ابن الأثير دقيقًا حين وصفها بأنها من أحصن القلاع وأعلاها لا ترام على رأس جبل شاهق يكاد الطرف لا يحققها لعلوها، كما تحدّث ابن خلدون في تاريخه عن مراحل تطوّر هذه القلعة فأشار إلى أن حماد بن بلكين قد أتمّ بناءها وتمصيرها على رأس المائة الرابعة من الهجرة وشيد بنيانها وأسوارها واستكثر فيها من المساجد والفنادق، وأن الناصر بن علناس بني المباني العجيبة المؤنقة وأن المنصور بني فيها قصر الملك والمنار الكوكب وقصر السلام.
ويؤكد المؤرخون، أن اختيار هذا المكان ليكون عاصمة للدولة الحمادية لم يكن من باب الصدفة وإنمّا تمّ بناء على معطيات استراتيجية شديدة الأهمية بمفهوم ذلك الزمان كان أساسها الأول البعد العسكري، حيث عمد حماد بن بلكين مؤسس الدولة إلى إقامة عاصمته قلعة بني حماد بالقرب من سوق حمزة المشهور بهدف جعل حياة الناس سهلة داخلها وقد حقّقت هذه المدينة صفة كان من النادر أن تحقّقها المدن في ذلك الوقت وهي صفة التعايش بين جميع الطوائف والأعراق المختلفة التي وحدها الدين الإسلامي الحنيف.