طباعة هذه الصفحة

سيناريو شبيه بعيد الفطر لسنة 2020

كورونا يفسد أفراح البليديين

البليدة: أحمد حفاف

في سيناريو شبيه بعيد الفطر لسنة 2020 قضى مواطنو البليدة اليوم الأول من عيد الأضحى، الثلاثاء المنقضي، وذلك بسبب الموجة الثالثة للجائحة التي أعادت إلى الأذهان الحجر الكامل الذي فُرض على المنطقة لما كانت أول بؤرة للوباء في بداية انتشاره.
ومعلوم أن فيروس «كوفيد-19» بدأ يضرب في الجزائر في شهر مارس من السنة الماضية، حيث نقل العدوى مغتربا حضر حفل زفاف وسط مدينة البليدة، وخلال الأشهر الموالية تم تسجيل عدة مئات الإصابات وعشرات الوفيات في الولاية رقم 09.
وعي وحذر شديد
تترجم الحذر والوعي الذي بدأ ينمو في أذهان سكان البليدة في يوم النحر، حيث التزموا بشكل واضح بإجراءات الوقاية ضد الوباء بالتحلي باليقظة واتباع التباعد الاجتماعي واستعمال الواقيات والمعقمات، واتضح نقص الحركة في الأماكن العمومية التي تعد مكان خصبا لانتقال العدوى.
وبحي فتال الواقع وسط بلديات بني مراد، قرواو وأولاد يعيش، لاحظنا التزام المصلين قبل وأثناء وبعد الخروج من المسجد لتأدية صلاة العيد، واكتفى هؤلاء المصلون بعد الانتهاء من الصلاة بتهنئة بعضهم البعض بدون عناق وتقبيل وهم يرتدون الكمامات، ولم يمكثوا طويلا أمام المسجد كي يتفادوا حدوث اكتظاظ.
واتضح وعي الجزائريين في البليدة أيضا من خلال عدم التنقل الأقارب إلى بعضهم البعض، وفي هذا الصدد يقول الشاب أمين: «اكتفينا بتهنئة أقاربنا عن طريق الهاتف أما الذين يقطنون بالقرب منا فيمكن لنا لقاءهم في الشارع وسنقوم بتهنئتهم دون عناق طبعا لأن الحالة الوبائية صعبة جدا وصرنا نسمع عن وفاة أشخاص بالوباء كل يوم.
وفيات وحزن في المقابر
مرّ اليوم الأول لعيد الأضحى صعبا على هؤلاء الذين فقدوا أقاربهم بالبليدة، ففي الوقت الذي كان البعض منهمكا مع ذبح الأضاحي وسلخها، كان البعض الآخر منشغلا بتشييع ذويه الذين غيّبهم الوباء، فتحولت سعادته إلى حزن ولم يعش حلاوة هذا اليوم المبارك.
ولعل من يتجول وسط مدينة البليدة وضواحيها ويتفقد المقابر يدرك فعلا خطورة الوضع الوبائي، وهو ما وقفنا عنده مساء الثلاثاء حينما كان العشرات يشيعون جنازة شخصا توفي بالفيروس اللعين في مقبرة كاف الحمام بأولاد يعيش.
وأفسد الوباء فرحة العيد عند بعض العائلات التي لم تجد من يتضامن معها، فإجراءات الوقاية منعت بعض الأقارب من تقاسم الأحزان مع بعضهم البعض. وفي هذا الصدد تقول الجوهر التي يقارب سنها 70 عاما: «توفيت جدتي وتم دفنها ولم أحضر، للأسف، لأن أولادي رفضوا تنقلي خوفا على سلامتي».
طوارئ في مستشفى «الفابور»
حدثت طوارئ في مستشفى براهيم تيريشين المعروف باسم «الفابور» والمخصص لعلاج مرضى الوباء، فهو يستقبل المصابين بالفيروس ويقوم بتوجيههم إلى بقية المرافق الصحية المخصصة لهم في الولاية، وذلك بسبب ارتفاع عدد المصابين في أول أيام عيد الأضحى.
ونشرت صفحة على موقع «التواصل الاجتماعي» تضم مجموعة من ممتهني الصحة، بأن ساحة «الفابور» امتلأت بالمرضى يوم العيد، وبقوا ساعات ينتظرون. وقبلها بيوم دق الأطباء ناقوس الخطر بعد نفاد الأكسجين الذي تم توفيره في الوقت المناسب.
يُشار إلى بعض المرضى ممن يتعذر عليهم الحصول على مكان في المستشفى أو ممن يفضلون البقاء في منازلهم يقتنون جهاز الأكسجين من مؤسسة خاصة تسوق العتاد الطبي. وكما أشرنا إليه في أعدادنا السابقة، فإنه تقوم باستئجار جهاز التزود بالأكسجين بـ1500 دينار لمدة 15 يوما.
اقتناع كبير بأخذ اللقاح
وبعد هلاك عشرات الأرواح وإصابة المئات منهم في البليدة، اقتنع أغلبية المواطنين في البليدة بضرورة تلقي اللقاح الذي هو الحل الوحيد لمجابهة فيروس كورونا، خاصة وأن السلالة المتحورة طالت جميع الفئات، صغارا وكبارا، وأصحاء ومرضى (الذين يعانون من أمراض مزمنة).
وخلال دردشة مع بعض المواطنين، خاصة هؤلاء الذين كانوا متخوفين من أن تحدث لهم أعراض جانبية بسبب التلقيح، اتضح لنا بأنهم عدلوا عن موقفهم بخصوص أخذ اللقاح. لذا يرتقب أن تشهد مراكز التلقيح إقبالا كبيرا في الأيام القليلة القادمة.
يُشار إلى أن المصالح الصحية لولاية البليدة وضعت 44 مركزا ثابتا و10 فرق متنقلة لتلقيح المواطنين ضد فيروس كورونا، فيما شرعت بعض الشركات الخاصة في تلقيح عمالها على غرار شركة «فينوس» لمواد التنظيف والتجميل.