طباعة هذه الصفحة

,تحويسة  DZ

هيبون ... قصة مدينة منذ 2000 سنة قبل الميلاد

يعتبر متحف هيبون الواقع شرق الجزائر من أهم المتاحف التي تتوفر على مجموعة هائلة من الآثار المتمثلة في الأواني الفضية والنحاسية ولوحات فسيفسائية للحقب التاريخية المختلفة، التي مرت بها عنابة، والمتمثلة في الحضارة النوميدية، الفينيقية، الرومانية، البيزنطية، الواندالية والإسلامية، حيث  تنتصب في قاعة الثماثيل عدة آلهة ترجع بنا إلى القرون الميلادية الأولى، لتعكس الفكر الروماني الذي كان يصنع آلهة لكل الأمور التي يتفاوت فيها البشر كالذكاء والقوة، وعليه يوجد باكوس إله الخمر، فينوس إله الجمال وإله الحكمة عند الرومان.
وعلى جدار القاعة فسيفساء إله البحر والمحيطات يعود إلى القرن الرابع ميلادي، وتحت الفسيفساء قبر يمتد تاريخه الى القرن الأول ميلادي مصنوع من الرخام الوردي الذي يدل على أنه ملك للأغنياء، وهو لامرأة تسمى فلافيا بوليس أهداه لها زوجها وعلى القبر دونت بالإغريقية عبارة «أرق النساء» التي تدل على أنها الزوجة المفضلة لصاحب الهدية.
 فسيفساء أخرى في القاعة من القرن الرابع ميلادي تروي قصة سيدنا نوح عليه السلام والحيوانات التي رحلت معه في السفينة كالغزالة والثور، كما نجد نصبا تذكاريا لبدلة حربية مصنوعة بالبرونز تنسب إلى الملك يوليوس قيصر صاحب أقصر خطاب في التاريخ وأول من وضع رزنامة، وفي قاعة أخرى توجد عدة لوحات من الفسيفساء منها واحدة تعود للفترة العباسية وتدل عليها أشكالها الهندسية، كما جمعت قاعة أدوات الحياة كشاهد عيان على أنماط عيش وثقافات مختلفة منها مصابيح زيتية، قوارير عطر، علب لمساحيق الزينة ومجوهرات، أدوات جراحة طبية، أنفورة للزيت والماء، مقابض اليد ولعب.
 يرحل بنا المتحف إلى عمق تاريخ مدينة هيبون التي سكنها الفينيقيون منذ القرن السابع ق.م، لتتحول إلى مدينة رومانية سنة 46 ق.م، وفي سنة431 ميلادي، اجتاحها الواندال لفترة قصيرة، حيث هجم عليها البيزنطيون الذين استقروا بها لمدة قرن. وفي سنة 706 تداول العرب المسلمون الحكم عليها عقب الفتوحات الإسلامية، حيث حكمها الفاطميون، الصنهاجيون، الحماديون، الحفصيون وقد سماها العرب «عنابة’’ نسبة لأشجار العناب ثم حكمها العثمانيون انطلاقا من سنة 1537 وبقيت تحت الحكم التركي إلى غاية سنة 1832 تاريخ الاحتلال الفرنسي.
يقع متحف هيبون بمدينة عنابة الجزائرية قرب كنيسة القديس اغوستين الرومانية ويحتوي هذا المتحف على العديد من الاثار العريقة التاريخية المهمة، تم انشاؤه سنة 1950 وافتتح للعامة سنة 1968 بمساحة تقدر ب 1794 متر مربع، يضم 3 قاعات للعرض بمساحة 672 متر مربع وقاعتين للآثار المحمية مع مخبر بالإضافة إلى مكتبة تضم أكثر من 3300 كتاب و 640 عنوان منها النادرة والفريدة و قاعة للمطالعة.
خضعت الكنيسة للكثير من عمليات الترميم بعد أن تآكلت تفاصيلها بفعل الزمن ولعلّ أضخم عمليات الترميم كانت تلك التي انطلقت سنة 2010 واستمرّت إلى غاية 2013.
تمت عملية الترميم الضخمة بمشاركة مختصين جزائريين وخبراء إيطاليين الذين أعادوا الروح الهندسية للمكان، وأعادوا رسم التفاصيل الجمالية للكنيسة التي تحوّلت إلى قلعة سياحية ومركز ديني يتوافد عليها سنويا ألاف السياح من كل بقاع العالم.