طباعة هذه الصفحة

الزوايا والمدارس القرآنية

الوجهة الأفضل لأطفال وادي سوف

وادي سوف: سفيان حشيفة

 تعرف المساجد العتيقة والزوايا والمدارس القرآنية بولاية الوادي، إقبالا كبيرا من تلاميذ المدارس مع نهاية كل موسم دراسي وخلال أشهر الصيف، حيث يتوافدون عليها من أجل حفظ كتاب الله، وتعلّم مسائل الدين البسيطة.
تفضّل عديد العائلات بالوادي توجيه أبنائها إلى الزوايا ومدارس تعليم القرآن بعد نهاية الموسم الدراسي مباشرةً، من أجل حفظ أجزاء منه، والاطلاع على تعاليم الدين من الأئمة والمدرسين، في ممارسة مجتمعية تحوّلت إلى عادة سنوية متواصلة مع التلميذ كل صائفة إلى أن يصل إلى الطور الثانوي أو حتى مستويات دراسية أعلى.

 مساجد عتيقة
المساجد القديمة العتيقة التي لا تزال تُحافظ على نهجها في منح تعليم قرآني مجاني، بدورها تستقبل أعدادا كبيرة من التلاميذ نهاية كل موسم دراسي، فهناك مساجد يفضّل القائمون عليها التدريس بالطريقة القديمة من الصباح الباكر إلى فترة الضحى، ثم بعد العصر إلى المغرب، وذلك بمدرّس واحد عادة يكون نفسه إمام المسجد، في حين فضلت أخرى عصرنة طريقة التدريس بإنجاز أقسام خاصة وإلحاق مدارس قرآنية بها، والتحفيظ بطريقة التّفويج على مدار اليوم حسب عدد التلاميذ والمعلمين المتوفرين.
المساجد العتيقة والزوايا والمدارس القرآنية لها دور مهم في بناء الأجيال على الأخلاق الحميدة، وحمايتها من الآفات الاجتماعية، وانحرافات الشارع التي أصبحت تؤرق الأولياء، كما تسهم في المحافظة على المستوى الدراسي للتلميذ الذي ينقطع طيلة ثلاثة أشهر عن قسمه ومقعده الدراسي، فالزوايا أو المدارس القرآنية تجعل منه متأهبا نفسيا لتلقي المعارف الجديدة ومحافظا على ما اكتسبه خلال أشهر السنة الدراسية.

 مناعة ضد الانحرافات
عائلات أخرى لوحظ أنها تقوم بتوجيه أبنائها مباشرة للتعليم القرآني في المساجد، أو المدارس القرآنية القريبة من مقر سكناها بعد نهاية كل موسم دراسي، لحمايتهم من الانحرافات السلوكية وما قد يكتسبونه من تصرفات وسلوكيات سلبية خلال العطلة الصيفية الطويلة، حيث بات المجتمع اليوم يتخبّط في آفات اجتماعية كثيرة تستهدف الأطفال والمراهقين بمختلف أعمارهم.
«خليفة» رب عائلة خمسيني، أب لثلاثة أطفال ذكور، قال في حديث لـ»لشعب» بأن تسجيل الأبناء في المدارس القرآنية كل عطلة صيفية أصبح تقليدا يتكرّر كل عام، من أجل حفظ ما تيسر من القرآن، وحماية لهم من الآفات الاجتماعية، مشيرا أن أبنائه الثلاثة متفوقون في التعليم المدرسي، اثنان منهما في الإبتدائي، والآخر في الطور المتوسط، دأب منذ كانت أعمارهم 06 سنوات على إلحاقهم بالمساجد أو الزوايا فصل الصيف إلى حين الدخول الموسم الدراسي الجديد.
وتراجع المستوى الدراسي للأبناء الثلاثة، حسب محدثنا، هو أكثر ما يخشاه خلال العطلة الصيفية الطويلة، فقد سبق وأن سجل تراجع المعدل السنوي للابن المتمدرس بالطور المتوسط في السنة الثالثة، بسبب غفلته وتأخر إدماجه في زاوية أو مسجد أو مدرسة قرآنية الصائفة السابقة، مشيرا إلى أن الأطفال حسب خبرته يكتسبون سلوكيات سلبية في ظرف قصير لا يتعد أيام قليلة إذا ما وجدوا الفرصة، لذلك يعتبر إدماجهم مباشرة في التعليم القرآني بعد نهاية الموسم الدراسي حماية لهم وتعزيز لمستواهم الدراسي التعليمي.
  وعن حفظ القرآن قال «خليفة» بأنها مكنّتهم من حفظ أجزاء لا بأس بها، لكن الانقطاع الذي يحدث بعد كل دخول مدرسي، ينسيهم ما حفظوه، كون أن المنطقة التي يقطن فيها لا تتواجد فيها مدارس قرآنية توفر تحفيظ مستمر على مدار أشهر السنة، وإنما يعتمد على مسجد الحي في ذلك، الذي يوفر تعليم خلال أشهر الصيف فقط.
 وجهة للتثقيف الديني
وفيما يلجأ الكثير من الآباء في ولاية الوادي إلى إلحاق أبنائهم منذ الصغر بالزوايا، التي توفّر تعليم قرآني وتربية دينية وأخلاقية متكاملة ومتوازنة، يكون الغرض منها تنشئة الطفل منذ بلوغ سن الرابعة أو الخامسة على حفظ القرآن وأحكامه والمعارف الدينية السمحة المبنية على الوسطية والحوار مع الآخر والولاء للوطن والذود عنه.
 وتفتح الزوايا في الوادي أبوابها للتعليم القرآني والتنشئة والتربية كل أيام الأسبوع وعلى مدار العام، كما تتيح أيضا تعليم الفقه الإسلامي والأحكام الشرعية وفق المنهاج الرسمي الذي تعتمده مؤسسات الدولة، وتفتح المجال دائما لمبادرات الصلح الاجتماعي وبث الخير والتصالح بين الناس.