طباعة هذه الصفحة

من أبرز الباحثين في السيرة الهلالية

وفــــاة الدكتـــورة روزالـــين ليلـــى قريـــــش

فاطمة الوحش

 فارقت الدكتورة روزالين ليلى قريش أستاذة الادب الشعبي واللغات الاجنبية بجامعة الجزائر الحياة وذلك بعد عمر حافل بالعطاءات والدراسات والانجازات البحثية التي أغنت المكتبة الجزائرية. والعربية.
ليلى قريش جزائرية من أصول فرنسية تربّت وسط الجزائريين في حي بلكور الشعبي، فضلت اسمها بالتبني “ليلى” على اسمها الاصلي “روزالين” حيث كانت ترى في ذلك انتماء وهوية.
مجاهدة عاشت في الجزائر ولها ومن أجلها، فتحت بيتها للفدائيين والجرحى في معركة الجزائر، ورغم الأوضاع الصعبة التي مرت بالوطن في فترة الإرهاب، إلا أنها فضلت البقاء.
قامت بالعديد من الأبحاث التاريخية والأدبية والميدانية القيّمة عن جوانب من تراث الهلاليين بالجزائر في دراسات منها:
_ القصة الشعبية الجزائرية ذات الأصل العربي
_ استراتيجية القتال في سيرة بني هلال
_ مفهرسة سيرة بني هلال الكبرى
_ مـخـتـارات من قصص شعبية شفوية هلالية
وكتب عنها الدكتور الشريف مريبعي في صفحته
 “ إنها سيدة جزائرية عظيمة من أصول فرنسية...أحيلت على التقاعد وانكفأت على نفسها وتنوسيت حتى لم يعد يذكرها أحد رغم ما قدمته للجامعة من خدمات. ويكفيها فخرا أنها انخرطت في صفوف الثورة وفتحت بيتها في العاصمة لتطبيب الجرحى من الفدائيين والمسبلين.
 وساهمت رفقة المستعرب ميشال باربو في إنقاذ مكتبة جامعة الجزائر حين تعرضت للحرق من قبل منظمة OAS حيث تم تهريب محتوياتها الثمينة إلى مخازن آمنة.
ليلى قريش -كما يحلو لها أن نناديها- التي ولدت في حي بلكور تشبعت بحب الجزائر وظلت تعتز بجزائريتها أيما اعتزاز، أجرت أبحاثا ميدانية في الأدب الشعبي وأسست لدراسته بمنهج علمي صارم، وخاصة ما تعلق منه بمجال القصة .. وتخرج على يدها عدد من الطلبة في الدراسات العليا واصلوا مسيرتها ونهجها، وأصبحوا أساتذة كبارا في هذا الميدان.
وحين التهبت الجزائر في التسعينيات وكادت أن تتحول إلى رماد قلت لها كالناصح - وكنت حينها مديرا لمعهد اللغة العربية وآدابها-، خوفا من أن تتعرض حياتها للخطر خاصة وأن بيتها يقع في منطقة ساخنة هي “حي القطّار” في أعالي باب الواد: لماذا لا تغادرين إلى إكس آن بروفانس؟ وكانت آنذاك قد طالت آلة القتل الجهنمية عددا من الأجانب ورجال الدين المسيحيين، فقالت لي وهل أنا أفضل منكم لا يجب أن أموت؟!! هذه بلادي وأفضل أن أموت في بلادي إذا حان أجلي.. كانت ليلى آنذاك قد ورثت عن أهلها فيلا في مدينة أكس قرب مرسيليا، وكان القائمون على الجامعة هناك قد عرضوا عليها الوظيفة والحماية والأمن.. ولكنها ضحت بكل ذلك في سبيل حبها الأبدي.. الجزائر. بل إنها كانت تنفق أجرتها الزهيدة التي هي مثل أجرتنا على التنقل إلى فرنسا لتلقي العلاج بعد أن أصيبت بمرض عضال خطير. لقد علمتني هذه المرأة الصلبة القوية، نادرة الوجود، المعرفة في الجامعة حين كنت طالبا في الليسانس، وعلمتني حين أصبحت أحد أصدقائها دروسا في الشهامة والشجاعة والمبادئ والمواقف الثابتة.
هذه السيدة كانت تعيش منذ سنوات وحيدة في بيتها وقد تكالبت عليها الأمراض وتقدمت بها السن، وفقدت جميع أقربائها، ونسيها الأصدقاء والزملاء، وتنكرت لها الجامعة التي أفنت حياتها في خدمتها، ولا أعتقد أن السلطات كانت تعرف شيئا عن هذه المواطنة الجزائرية التي تحمل صفة مجاهدة عن جدارة. رحمة الله على أستاذة الجيل ليلى قريش.”