طباعة هذه الصفحة

بعد صراع مع النيران في الشلف وعين الدفلى

السكان يطوون مظاهر الهول ويستأنفون أنشطتهم

الشلف/ عين الدفلى: و.ي. أعرايبي

 

كانت أيام عصيبة ومحنة دفعت السكان والمجتمع المدني ومصالح الإطفاء بفرقها من الجيش والحماية وأعوان الغابات ومصالح قطاع الأشغال العمومية، يقول محدثونا من عدة بلديات بولايتي الشلف وعين الدفلى، ممن ذاقوا وعايشوا ألسنة النيران وسحب الدخال في التجمعات السكنية القريبة من فوهة اللهيب الذي تم إخماده ليسمح بعودة الحياة والظروف الطبيعية للسكان الذين طووا مظاهر الهول، بحسب تصريحاتهم المؤثرة في عين المكان.

ما خلفه هول الحرائق في نفوسنا وخاصة في أبنائنا بمناطقنا التي كانت قلوب سكانها معلقة بما يجري بتيزي وزو والطارف وغيرها من الولايات، جعل مظاهر الخوف تتسع والصدمة تلقي بظلالها على مشاهد مروعة لم نسلم منها، بالرغم أن مشاهد المقارنة غير واردة يقول شباب من عين سمات وترايعية بالعامرة في ولاية عين الدفلى والعياشيش والزنايتية بمنطقة مصدق وغيرها من الجهات من بلديتي تاجنة وتلعصة بولاية الشلف.
هدوء ويقظة
    على محور بلديات الشلف
ما عاشه سكان العياشيش وزناتنية ببلدية مصدق وأولاد حاج خروبي بتوقريت جراء الحريق الذي مس غابة بني مزوة صار من الماضي، بحسب أقوال محمد الذي وجدناه متوجها إلى أرضه وبعض الفواكه من التين التي اعتاد جنيها خلال هذه الأيام، فيما أشار آخر أنها مصدر رزقه، لكن سعرها هذه الأيام لا يطئن بحيث لايتعدى الكيلوغرام الواحد 150 دج، مشيرا أن غياب حركة المصطافين نحو سواحل الجهة الغربية لولاية الشلف أثر بشكل كبير. فيما تحدث آخر عن التين الهندي الذي أتلفت الحرارة الشديدة التي اجتاحت المنطقة.
أما بخصوص الحرائق التي يحاول محدثونا نسيانها، بالنظر إلى هولها وسرعة الإبلاغ عنها من طرف المواطنين، فقد خلفت وراءها، بحسب اتصال النقيب يحي مساعدية المكلف بالإعلام على الحماية المدنية بـ «الشعب» 250 شجرة مثمرة و26 خلية نحل وتدمير 65 هكتارا من الصنوبر الحلبي والأحراش التي كانت تغطي غابات سدي عيسى وبني مزرة وجبل مشاش بكل من بلديات مصدق وتوقريت وتاجنة وتلعصة. هي خسائر عمل أعوان الإطفاء على تقليص حجمها بعدما وفرت ذات المصالح 16 شاحنة و60 عنصرا من رجالها مدعومين بإمكانات مديرية الأشغال العمومية.
تجاوزنا المحنة وألسنة النيران وسحب الدخان الذي غطى سماء مداشرنا وقرانا يقول عيسى وقدور والجيلالي من ساكني عياشيش وزناتنية وأولاد الحاج خروبي، لكن نبقى يقظين ونرصد كل كبيرة وصغيرة لا نأمن تحرك المجرمين الذين يحاولون عبثا تطبيق منطق الأرض المحروقة، هذه غابتنا، ملاذنا ومصدر رزقنا من خلال تربية النحل. فالرقم الأخضر للحماية يحفظه كبيرنا وصغيرنا، يشير محدثونا بعين المكان.
مربو الدواجن بالعامرة الأكثر تضررا
للمتضررين بمنطقة العامرة أمل في وصول لجنة تقييم الخسائر الناجمة عن الحرائق التي أصابت مداشر تسيلى والترايعية وسدي عبده ومنطقة العناب وعين سمات. هذه الأخيرة التي تعد من أكثر المناطق تضررا، بحسب قول الباهي.م إبن الناحية، حيث أكد لنا أن مربي الدواجن تلقوا ضربة قوية.
وأوضح لنا آخر، أن أحد جيرانه فقد أكثر من 2500 دجاجة تمثل رأسماله ومصدر قوت عائلته، بحسب قوله.
للتذكير، أن النشاط الفلاحي في هذه المناطق الجبلية يرتكز على تربية الدواجن التي ورثوها أبا عن جد يقول علي وصديقه لدى لقائنا بالطريق المؤدية إلى عين سمات والبواهي. ونفس النشاط يمارسه أبناء العناب التي تبعد عن مقر بلدية العامرة بحوالي 18 كلم، يقول جمال وزميله اللذين إلتقتهما «الشعب» بالمجمع السكني أولاد علي حمراني وهما يتفقدان أحد أصدقائهما المصاب بوباء كوفيد-19.
أما بشأن بلديات عريب ومنطقة الجبابرة التابعة إقليميا لبلدية حمام ريغية السياحية، فإن سرعة التدخل حالت دون إحداث أضرار قد تؤثر على سكان هاتين المنطقتين، لذا فالعودة إلى نشاطها كان عاديا وهو ما لمسناه لدى السكان خاصة الفلاحين منهم بمنطقة عريب المحاذية لسد سدي امحمد بن طيبة الذي يتوسط غابات بن علال وسدي مجاهد بأعالي مليانة والمطل على غابات تيبازة، حسب معاينتنا للناحية.
من جانب آخر، لم يتردد محدثونا عن الإشادة بتدخل قوات الجيش والدرك ومصالح الغابات والحماية المدنية والتي قانوا إنها أعطتهم قوة في تحمل هول المحنة التي صارت من الماضي، لكن بالمقابل أوضحوا لنا أن جهدا كبيرا ينتظرهم خاصة مع زوال الوباء الذي أثر على يومياتهم. ولعل إشادتهم التي سجلناها جاءت بفضل ما سخر من إمكانات مادية وبشرية، بحسب ما أكده المكلف بخلية الإعلام بالحماية المدنية، حيث جند أزيد من 160 عون إطفاء و23 شاحنة إطفاء و9 سيارات إسعاف و3 حافلات لنقل الأفراد، لذا كان حجم المساحات المتلفة قليلا جدا.