طباعة هذه الصفحة

زمن انفجار بيوت

سليمة مليزي

كان الأصيل يوشح بيروت بجمال الصيف الحار، حمرةُ الشفق يعانق جمال بيروت، خجل من خدودها، وبسمتها العذراءُ، الكل يستمتع بهوائها، وشمسها التي تستحم في البحر، تنتعش من حر النهار، كانت الشوارع تعج بالمارين، هناك عاشقان مبللان برذاذ البحر، وجوه مبتسمة من فرط الحب، عروس بثوبها الأبيض، تأخذ صوراُ على ناصية بيروت، والريح تراقص وجنتيها المبتسمتين باللون الوردي، وثوبها الابيض يرفرف، موسيقى تعزف للفرح، لحظات .. توقف الزمان، برهة وأراد الكل أن يفرح بجمال بيروت الصيفي، فجأة ظهر دخان في الميناء كل الأنظار والدهشة تتجه إليه، ترقب ؟ وتساءل ؟ ماذا يحدث ...؟ قلقٌ مفزع اخترق هدوء بيروت .. كل العيون تشرئب نحوه، هواتف نقالة تسارع في التقاط الصور، كما عهدنا هذا الجيل، يصور المشهد أكثر من أن يبحث عن الحل؟؟ بدأ الناس يتسارعون في اتجاهات مجهولة، للابتعاد من مكان الميناء الذي أصبح تحت غمامة سوداء من الدخان .. الأرض تهتز تحت أقدامهم، سيارات تتسارع في الشوارع، وفي نفس الوقت الكل يصور وأخذ اللقطات الأولى من الانفجار، يصور اللحظة المرعبة التي زلزلت بيروت؟ انفجار نووي هزّ عرش وبنايات بيروت، انفجار نسف كل ما أتى عليه، أشلاء تتطاير، نوافذ تنفجر، بيوت تهتز، وكأنها القيامة، دمار، رعب، وصراخُ، وضياع، بيروت تغتال في عقر دارها، بيروت تحترق، بيروت تنتحب، تتألم.