طباعة هذه الصفحة

رمز الوطنية والعبقرية العسكرية في الفيتنام

إحياء الذكرى الـ 110 لميلاد الجنرال جياب

فاطمة الوحش

 أحيت، أمس، سفارة الفيتنام بالجزائر الذكرى الـ 110 لميلاد الجنرال فو نجوين جياب، ثاني أشهر شخصية وطنية في الفيتنام، أيقونة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، الذي كان له الفضل الكبير في دحر القوات الفرنسية في معركة ديان بيان فو عام 1954 والذي قاد الجيش الفيتنامي لتحقيق الانتصار على الولايات المتحدة الأمريكية.
تعرضت دولة فيتنام عبر الزمن الحديث لسلسلة من الغزوات العسكرية بدءا بالصين ثم فرنسا، فاليابان وبعدها الولايات المتحدة الأمريكية، غير أن شعبها الأبي المتشبع بروح الوطنية ظل صامدا يقاوم بضراوة أيّ سلطة استعمارية أو أيديولوجية دخيلة لا تمت إلى هويته بصلة ولا يرغب في اتباعها، كيف لا وأن تلك الأرض الأسطورة أنجبت رجالا يتنفس الوطن في صدورهم، فخلال مقاومة الفيتناميين للاحتلال الفرنسي ثم الياباني والتدخل الأمريكي برزت أسماء لقادة عظماء، أكفاء أفنوا أعمارهم نضالا في سبيل حرية وطنهم وشعبهم، وكان أبرز هؤلاء القادة «الجنرال فو نجوين جياب» ذلك الرجل الذي لقبه زملاؤه بنابوليون بونابارت، حيث تحمل مسؤولية القيادة العسكرية، منذ بداية الحروب، التي تواصلت لثلاثة عقود، فبوضعه خطة معركة ديان بيان فو 1954 ألحق بالقوات الفرنسية هزائم نكراء، مؤسسا بذلك لقيام فيتنام مستقلة وانتهاء الهيمنة الفرنسية، وهو الذي أبدع تكتيكا عسكريا جديدا في مواجهة القوات الأمريكية وقاد عملية «تيت»، حيث هاجم فيها مائة هدف أمريكي في وقت على جبهات عدة شملت كل المدن الفيتنامية، واستمر في قيادته للمعارك الواحدة تلوى الأخرى، ألحق بالقوات الأمريكية أكبر الهزائم وأعلنت انسحابها من سايغون في أفريل 1975، في مشاهد تشبه خروجها من أفغانستان، اليوم.
 بمناسبة إحياء الذكرى الـ 110 لميلاد الجنرال فو نجوين جياب (25 أوت 1911 - 4 أكتوبر 2013)، نظم السفير العام لجمهورية الفيتنام الاشتراكية بالجزائر معرض صور فوتوغرافية للجنرال جياب ووثائق تاريخية ذات صلة بحياة ومسيرة الجنرال جياب، وخلال الكلمة التي ألقاها السفير نغيان تان فينه بالمناسبة، أشاد بدور السلطات الجزائرية، لا سيما وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج وكذا مركز الأرشيف الوطني الجزائري اللذين ساهموا في توفير عدد من المواد المعروضة.
كما قدم نبذة عن نشأة ومسيرة الجنرال، الذي ولد في عائلة فقيرة في بلد يعاني تحت وطأة الاحتلال، مرورا بنضاله السياسي وانتمائه للحزب الشيوعي الفيتنامي، وتأثره بأفكار ومقاربات الزعيم الفيتنامي «هو تشي منه» إلى تحقيقه المجد كقائد عسكري فذ في معركة «ديان بيان فو» في عام 1954 التي كانت بمثابة نهاية حرب الهند الصينية الأولى والاستعمار الفرنسي لفيتنام، الذي تلاه عهد جديد من الحروب، وهذه المرة بين الشمال الشيوعي والجنوب المدعوم من قبل الولايات المتحدة، سعيا لإعادة توحيد الوطن الواحد. فساهم الجنرال جياب في تحقيق النصر على الولايات المتحدة الأميركية في عام 1975 وتوحيد البلاد تحت راية واحدة.