طباعة هذه الصفحة

شعبة التفاح بولاية باتنة

الجني المبكّر جنّب البساتين حرائق الصّيف

باتنة: حمزة لموشي

مرت الحرائق الاخيرة التي شهدتها ولاية باتنة برد وسلاما على العديد من منتجاتها الزراعية و شعبها الفلاحية الخاصة تلك التي تشتهر بها الولاية على غرار التفاح والمشمش وغيرها، حيث جاءت غالبية هذه الحرائق مباشرة عقب موسم الجني سواء بالنسبة لمزارع التفاح ببلديات اريس واشمول ووادي الطاقة او بالنسبة للمشمش ببساتين نقاوس، تاكسلانت سفيان ورأس العيون.
 مكنت تدخلات مصالح الحماية المدنية ومحافظة الغابات من تجنيب غابات الولاية الكثير من الحرائق بفضل الإمكانيات المسخرة لذلك على قلتها، حيث يتم تطويق السنة اللهب مباشرة بمجرد اندلاع حريق وذلك بفضل يقظة اعوان الغاfات وكذا المواطنين حيث ساهمت أبراج المراقبة الـ14 بالولاية 3 منها تم ادخالها حيز الخدمة هذه السنة في رصد الحرائق والتبليغ عنها فور وقوعها.
لم تمنع الحرائق بباتنة من اتلاف حسب مصالح محافظة الغابات 71 هكتارا 32 هكتارا منها غطاء نباتي ضعيف عبارة عن حشائش الحلفاء والباقي غطاء نباتي غابي يتكون من الأحراش ومختلف الأشجار كالبلوط والصنوبر الحلبي في 22 حريقا من أصل 144 تدخلا لإخماد الحرائق.
وأشارت محافظة الغابات إلى أن الثروة الغابية بباتنة بمساحة تقدر بـ327 ألف و 180 هكتار جعلتها تحتل المرتبة الأولى وطنيا من حيث كثافة الغطاء الغابي، وتسعى المحافظة لتجديده وتعزيز الحزام الأخضر بالمنطقة بغرس 3 آلاف هكتار من الأراضي عبر 22 بلدية بالولاية إلى غاية سنة 2030، لتعويض المساحات الغابية الكثيفة التي التهمتها حرائق الغابات.
وتشكل غابات باتنة نسبة 27 بالمائة من إجمالي مساحة الولاية تتميز باحتوائها على كميات معتبرة من انواع أشجار نادرة عالميا على غرار الأرز الأطلسي والعرعار البخوري الذي تنفرد به المستوى الوطني، إضافة إلى الصنوبر الحلبي والبلوط الأخضر والدردار، حيث تنقسم هذه الثروة إلى 5 مكونات غابية معروفة وطنيا تتمثل في  الحظيرة الوطنية «بلزمة»، «بوعريف»، «بني فضالة» «الزقاق» ببلدية لارباع العذراء و «الأوراس» و وأخيرا غابات «بني ملول» جنوبا التي تعد أكبر غابة للصنوبر الحلبي بالجزائر تتربع على مساحة اجمالية تفوق الـ70 ألف هكتار تمتد بين ولايات خنشلة وبسكرة و باتنة.
يحرص فلاحو ولاية باتنة خاصة أصحاب الشعب الفلاحية الرائدة وطنيا على غرار التفاح على البدء في عملية الجني مبكرا تفاديا لسقوط امطار الصيف التي تتسبب في اتلاف المحاصيل وكذا الحرائق التي تشهدها الولاية كل سنة وتتسبب في خسائر كبيرة لها، حيث تنطلق عمليات الجني في شهري جوان وجويلية وفي وقت قياسي من خلال تجنيد كل الإمكانيات المادية والبشرية لذلك على غرار اللجوء للشباب الذي يقبل بقوة على هذه المهنة الموسمية التي تدر عليه مبالغ مالية معتبرة.
كما ان العامل الذي ساعد على عدم تأثر بساتين ومزارع أشجار التفاح بالحرائق الاخيرة هو بعدها نسبيا عن الغابات حيث تتواجد البساتين على حواف البلديات وفي مخارجها ما حال دون وصول السنة اللهب اليها، وهذه استراتيجية يحرص فلاحو باتنة وكذا مديرية الفلاحة على القيام بها بتوسيع المساحة المخصصة لهذه الشعبة كل سنة بعيدا عن الغابات، لمواجهة التحديات التي تفرضها ندرة المياه وتراجع منسوبها بغالبية الآبار بالمنطقة، من خلال التدخل لدى مصالح مديرية الري لمنح رخص حفر أبار جماعية وتوفير الموارد المائية اللازمة.

الأشجار المثمرة بعيدا عن الغابات
تصل المساحة المغروسة بأشجار فاكهة التفاح حالياً بباتنة إلى أكثر من 5000 هكتار، منها 135 هكتار عبارة عن غراسات جديدة تمت في موسم 2020-2021، حيث تشكل نسبة 20% من إجمالي مساحة الأراضي المخصصة للأشجار المثمرة بالولاية والمقدرة بـ 25388 هكتار، الامر الذي سمح بتسطير اهداف لخلق بدائل ثروة وطنية بعيداً عن المحروقات وذلك في اطار مخطط الإنعاش الاقتصادي.
كما قدرت مديرية الفلاحية لولاية باتنة عدد الفلاحين الناشطين في مجال انتاج التفاح بحوالي 1570 فلاح، وهو رقم هام، في انتظار رفعه بتشجيع الفلاحين على تخصيص مساحات أكثر لإنتاج التفاح وتوسيع المساحة الفلاحية المختصة لهذه الفاكهة.
وتم جني اكثر من مليون ونصف قنطار من التفاح خلال موسم الجني الحالي بولاية باتنة، مسجلة مراتب متقدمة وطنيا في انتاج التفاح خلال السنوات الاخيرة، خاصة منذ 2019، فتتناوب كل من باتنة وخنشلة على الصدارة الوطنية، ما جعل منهما قطبا فلاحيا يُعول عليه في فتح أفاق تصدير بعد نجاح بعض التجارب خاصة بماليزيا وفرنسا وتونس وعدة دول تحضر لعقد شراكات نوعية مع الجزائر في هذا المجال.
ومعلوم أن هذه الولاية، احتلت الموسم الفلاحي المنصرم، المرتبة الثانية وطنيا بـ1.7 مليون قنطار، على الرغم من تعرض بعض المناطق فيها لتأثيرات تساقط حبات البرد، وما خلفته من اتلاف للثمار، غير ان هذا العام يستبشر الفلاحون خيرا خاصة مع التساقط الهام لكميات الامطار الاخيرة والتي ستنعش اكثر المنتوج.
 واللافت في انتاج هذه الشعبة الفلاحية الهامة بولايات الأوراس خاصة باتنة، توزعها تقريبا على كل البلديات، حوالي 45 % منها مغطاة بالشباك المضاد لحبات البرد، في حين تشتهر المناطق الجبلية خاصة «إشمول» بجودة المنتوج وكميته، حيث تتصدر الترتيب المحلي من حيث المساحة المخصصة للتفاح بـ 480 هكتار، وتتوفر على أكثر من 75 غرفة تبريد من إجمالي 200 غرفة تبريد عبر الولاية تقوم خلال هذه الفترة من السنة بتخزين المنتوج، حسب معطيات مديرية الفلاحة.
وفاقت قيمة إنتاج التفّاح 25 مليار دينار الموسم الماضي ما يعادل نصف قيمة الإنتاج الفلاحي الإجمالي بالولاية بفضل سياسة الدولة الهادفة إلى تأهيل المستثمرات اضافة إلى زيادة اهتمام الفلاحين بالاستثمار في أشجار التفّاح خاصة بعد تفعيل قرار منع استيراده من الخارج لتشجيع المنتوج المحلي.

مجهودات محافظة الغابات والفلاحين
كما ساهمت مجهودات مصالح محافظة الغابات بباتنة في السنوات الاخيرة في تراجع عدد حرائق الغابات بفضل بعض الإجراءات التي تم اتخاذها عن طريق تكوين أعوان الغابات وتقوية قدراتهم رفقة بعض الفاعلين في المجال على غرار تنظيم العام الماضي لورشة تتعلق بإدارة ومكافحة الحرائق احتضنتها المدرسة الوطنية للغابات بمدينة باتنة نفذته المنظمة العالمية للزراعة والتغذية بتمويل من دولة اليابان وبالتعاون من وزارة الفلاحة والتنمية الريفية ممثلة في المديرية العامة للغابات.
وتضمنت الورشة إعادة تأهيل المواقع التي تتعرض للحرائق و كذا إجراء تمارين في آخر كل موسم حرائق من خلال إنشاء لجنة تعمل للوقوف على ما تحقق من تدابير في مكافحة هذه الآفة و الوقاية منها، إلى جانب الاستفادة من الخبرات المكتسبة.
كما بادرت محافظة الغابات قبل ايام قليلة إلى إنشاء للنواة الأولى للجنة الولائية الخاصة بالإغاثة والتضامن لمكافحة الحرائق ، بالتنسيق مع عدد من الفاعلين في مجال حماية البيئة و مختلف الشركاء من هيئات عمومية ومجتمع مدني.
وأكد محافظ الغابات لولاية باتنة عبد المؤمن بولزازن شروع مصالحه بالتنسيق مع بعض الشركاء في اطلاق النواة الاولى لحماية الغابات من الحرائق عن طريق تأطير كيفية مكافحتها وحماية القاطنين فيها وبجوارها أثناء اندلاع الحرائق للحفاظ على ارواحهم والتقليل قدر المستطاع من حجم الحرائق وتطويقها .
ويقتصر دور اللجنة على عمليات الإغاثة والتضامن وكذا التبليغ عن الحرائق و مكافحتها  فور اندلاعها وذلك عن طريق تنظيم عدة دورات تكوينية لفائدة المعنيين بهذه اللجنة والمنخرطين فيها في مجالات الوقاية ومكافحة الحرائق من خلال التركيز على تعريفهم بكيفية اندلاع الحرائق واسبابها وكيفيات انتقالها انتقاله ثم تسيير هذه الازمة والتعامل معها.
وسيكون مضمون هذه الدورات ايضا التعرف على كيفية تنظيم التدخلات والإغاثة لتمكين المتدخلين من جمعيات مدنية وحماة البيئة وباقي شركاء القطاع من الطرق العلمية الصحيحة لإخماد الحرائق بسرعة وفاعلية لتفادي مختلف الإصابات والحروق المحتملة بجعلهم على اهبة الاستعداد رفقة مصالح الحماية المدنية لمواجهة أي حريق للموسم القادم نظرا لشساعة الغطاء الغابي وكثافته.
كما ساهم ايضا الرتل المتنقل لحماية الغابات من الحرائق والذي تم تنصيبه سنة 2015 في تحقيق أفضل سرعة في التدخل في حالات الحرائق بمشاركة فعالة للسكان، كما تم في 2017 إنشاء فرقة مشتركة بين مصالح الغابات والحماية المدنية والدرك الوطني من أجل تضافر و تعزيز الجهود لحماية ذات غابة بني ملول الشاسعة بمنطق