طباعة هذه الصفحة

تراهن عليه لاستعادة ثقة المواطن

رهان خاص على الاتصال المؤسساتي

حمزة محصول

يولي مخطط عمل الحكومة، لأول مرة، أهمية خاصة، للاتصال المؤسساتي، على مستوى الإدارات العمومية المركزية واللامركزية. إذ يراهن عليه في استعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وردم الهوة القائمة حاليا والتي يجري توظيفها بشكل «خطير» ضدّ البلاد.

تفطّنت الحكومة إلى أنّ ممارسة «الحكم» بالشكل الذي يتوافق وإرادة الشعب، لا يتوقف عند توفير الفضاء اللازم لنشاط إعلامي حر ونزيه، يحتكم إلى قواعد ضبط وأخلاقيات المهنة.
ولذلك أفردت وبشكل غير مسبوق، مساحة هامة، لتطوير الاتصال المؤسساتي، في مخطط عمل الحكومة، الذي سيعرضه الوزير الأول، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان، الأحد المقبل، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني.
وجاءت هذه الورشة الحيوية، في الفصل الأول للوثيقة تحت عنوان « تعزيز دولة القانون وتجديد الحوكمة» وتحت المحور الخاص «بالممارسة الكاملة للحقوق والحريات».
ولأنّ المخطط يربط تجديد الحوكمة بالشفافية، فإنّ الاتصال بمفهومه الشامل، يشكل المرآة الحقيقية، للمضي قدما في تنفيذ هذا المنظور، على اعتبار أنّ «الموافقة» أو «القبول» أو «الرضا» على الأداء الحكومي وتدخله في مختلف المجالات التي تهم المواطن، يرتبط بعمليات اتصالية متقنة.
ويضع الجهاز التنفيذي، على الاتصال المؤسساتي، رهانا حيويا، يتمثل في «استعادة الثقة» بين المواطن ومؤسسات بلاده، من خلال إحداث القطيعة مع الممارسات السابقة «وتعزيز التطورات الإيجابية التي طرأت على مختلف مجالات تدخل الدولة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية ..)».
ويحيل هذا المبتغى، إلى استنتاجات تكون قد خلصت إليها الحكومة، بشأن « مدى اقتناع الرأي العام الوطني بحقيقة وحجم الجهد الحكومي في مختلف المجالات»، ومثال ذلك، التساؤلات التي تطرح هنا وهناك عن مدى قدرة الدولة على الإدارة والتحكم خلال ذروة تفشي فيروس كورونا.
وعلى الصعيد الاتصالي، قد يتبخر الأداء العمومي، لسببين رئيسين، هما سوء إنجاز العملية الاتصالية من داخل المؤسسات المعنية، أو «تقزيم» وحتى «إهانة» هذا الأداء من قبل منصات اتصالية (معارضة أو معادية) أخرى أقوى حضورا وأكثر تأثيرا.
وفي الحالتين، أو حتى عندما يلجأ إلى قاعدة «العمل في صمت»، يفسح الحقل الاتصالي لمحتويات كثيفة، سيطر عليها، في الآونة الأخيرة أصحاب نظرية «تسميم النفوس» عن طريق بث الإشاعات والدعاية المغرضة، وتوظيف العاطفة «المطلبية» لدى شرائح واسعة من المجتمع، بخلفية مبيتة.
ولا يبدو أنّ الحكومة، قادرة على الاستمرار في تلقي هذا الكم الهائل من الضربات والاكتفاء، برد الفعل، عن طريق بيانات «التكذيب» أو «التأكيد» أو «التصرف» فقط بعد وقوع الهالات الإعلامية.
لذلك تحرص من خلال هذا المخطط على «ضمان تغطية إعلامية فعالة، للنشاطات المتعلقة بتحسين معيشة المواطن، وكذا النشاطات المرتبطة بتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية»، عبر «وضع مخططات اتصال قطاعية منسقة».
ومن شأن التنسيق المحكم، أن يضمن عدم تحول «حق المواطن في المعلومة» إلى «تضارب في المعلومات»، لأنّ الحق المقصود هو «في المعلومة الصحيحة أو الدقيقة».
وسيتم إعادة تأهيل خلايا الاتصال، كحلقة وصل بين الدولة والمواطن، وتأطيرها بنص تنظيمي، يحدّد مهامها داخل المؤسسات والإدارات العمومية وبالأخص تلك المتواجدة على المستوى غير المركزي.
نظام اتصالي متجانس
وينصّ المخطط على إنشاء نظام اتصال وإعلام حكومي متجانس عبر هذه المؤسسات وكذا وضع مخطط اتصال محلي يتناسق مع مخطط الاتصال الوطني.
وكان وزير الاتصال، عمار بلحيمر، قد قدّم عرضا في اجتماع الحكومة، ليوم 31 جويلية الماضي، تمحور حول « تطوير الاتصال المؤسساتي والأساليب التي يتعيّن اعتمادها من أجل تحسين الإعلام الموجه للمواطن».
وحدّد العرض بعد الأدوات الاتصالية، كالمواقع الإلكترونية للإدارات العمومية وكذا شبكات التواصل الاجتماعي. هذه الأدوات بمثابة الواجهة التي تربط المؤسسة بالمواطن، وأبسط متطلباتها أن تكون «محيّنة» باستمرار، كي توفر المعلومات والمصالح المرتبطة بالشأن العام.
وفي المحصلة، فإنّ مخطط عمل الحكومة، في حدّ ذاته، بحاجة إلى فعالية اتصالية، كفيلة بشرح السياسية الحكومية خلال المرحلة المقبلة، وانخراط كل الفواعل المعنية، في حتمية التنفيذ الميداني.