طباعة هذه الصفحة

بسبب الارتفاع الأفقي للأسعار:

منظمات حماية المستهلك تتنبأ بدخول اجتماعي صعب

سعاد بوعبوش

يعيش الجزائريون، منذ أيام، على وقع انهيار كبير لقدرتهم الشرائية بسبب الارتفاع الرهيب في الأسعار الذي لم يستثن لا المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك ولا حتى الخدمات، ما يستدعي تدخل فعلي من الحكومة التي لم تغفل هذا المحور في مخطط عملها تحت عنوان:» سياسة اجتماعية فعالة وعادلة» ترتكز بالأساس على تحقيق التوازن بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي والذي يمس بالدرجة الأولى الفئات الهشة وعديمة الدخل.
انهيار القدرة الشرائية انعكس على قدرة المواطنين في اقتناء حاجياتهم، ناهيك عن تزامنه مع الدخول الاجتماعي الذي ترى بعض منظمات حماية المستهلك أنه سيكون استثنائيا وملغما  لما سبقه من استمرار تداعيات فيروس كورونا، وزيادة في المصاريف بسبب التجهز للدخول المدرسي وغلاء الأدوات المدرسية هذا دون الحديث عن الكتب والملابس.
د.عبيدي: للحكومة أدوات للتدخل الاستثنائي
في هذا الإطار، اعتبر نائب رئيس الفدرالية الجزائرية للمستهلكين د.محمد عبيدي في تصريح لـ»الشعب»، أنّ تدني القدرة الشرائية بهذه العتبة لم يعرفه الجزائريون منذ الاستقلال، بحيث تسجل الجزائر - حسبه- انهيارا كليا لها رافقه صعود جنوني في الأسعار بطريقة أفقية شملت كل المنتوجات والخدمات، مشيرا أن الحكومة تبرر ذلك بتراكمات آثار كوفيد -19  نتيجة الحجر الصحي وركود الوضع الاقتصادي وتراجع النشاطات الاقتصادية.
ويرى د.عبيدي أن القدرة الشرائية تمثل خط الدفاع الأخير بالنسبة للمستهلك خاصة ذوي الدخل المحدود أو الضعيف أو عديمي الدخل، مشيرا إلى أن الأسباب معروفة خاصة وأننا مرتبطون اقتصاديا بالخارج، باعتبار أن الجزائر تعتمد على الاستيراد، لكن حتى الإنتاج الوطني لا يلبي الطلب المحلي من لحوم ومنتجات فلاحية.
ودعا المتحدث إلى الابتعاد عن الحلول الارتجالية التي من شأنها تأزيم الوضع على غرار تدخل مؤسسة «روناد» من أجل خفض الأسعار، أو قرار وزارة الفلاحة بالسماح للفلاحين ببيع منتوجاتهم مباشرة دون المرور بالوسطاء، وعديم الجدوى لأنه غير قابل للتطبيق في الواقع لأن الفلاح لا يملك الوقت للنزول إلى السوق، كما أن الأسواق مشبعة ومحتلة بالتجار فكيف سيجد لنفسه مكان بين من امتهنوا التجار ويعرفون جيدا خباياها ما يؤكد عجز كلي لوزارتي التجارة والفلاحة في مواجهة تحدي ارتفاع الأسعار.
الضبط إلى حين الاستقرار
وحسب د.عبيدي على الحكومة التدخل بصورة استعجالية من خلال الآليات والأدوات التي يمنحها لها القانون من بينها قانون المنافسة وتحديدا الأمر 03-03 المتعلق بقانون المنافسة الذي يتضمن حلولا في حالات اضطراب التموين والارتفاع غير المبرر للأسعار يمكن للحكومة التدخل بإجراءات استثنائية لفترة محددة بـ 6 أشهر قابلة للتمديد، من بينها وبطلب من وزارة التجارة تعديل المرسوم من أجل تقنين الأسعار لضبطها استثناء لا الأصل فيها الحرية والخضوع لقانون المنافسة، ولكن يبقى هذا التقنين إلى غاية عودة الاستقرار وانتهاء العوامل المتسببة في الوضع الحالي.
في هذا السياق، طالب نائب رئيس الفدرالية الجزائرية للمستهلكين الحكومة بالتدخل لضبط السوق الذي لن يضبط نفسه بنفسه لأن هناك خلل في الطلب والعرض، ناهيك عن ضبط الأسعار استثناء، سواء من خلال تحديد الأسعار وإن كان ذلك صعبا نوعا ما – على حد قوله- لأن قائمة المنتوجات المعنية محددة أيضا ولا تتعدى المدعمة والواسعة الاستهلاك، الآلية الثانية تتمثل في تسقيف الأسعار بتوقيف المضاربة، أما الآلية الأخيرة فتتمثل في تحديد هوامش الربح بين 10 و15%، وتوسيعها لتشمل منتجات أخرى كحليب الأطفال المعجنات العادية أو الخالية من مادة «الغلوتين»، الحبوب الجافة.
وفي المقابل، اعتبر د.عبيدي أن العودة للاستيراد استثناء لتغطية العجز خيار يطرح نفسه بقوة لأن هناك عجز في العرض، إلى جانب انهيار قيمة الدينار الذي دفع بالحكومة إلى تعويمه وما نعيشه، اليوم، هو نتيجة لذلك بحيث أن عملتنا الوطنية اليوم تنطلق من 10 دينار، مشيرا إلى أن قانون المالية اعتمد 40 دولارا كسعر مرجعي لبرميل النفط، ورغم استقرار أسعار البترول إلا أن آثاره لحد الآن غير محسوسة، ناهيك عن ضريبة الاستهلاك التي تعد الجزائر من بين القيم العالية ناهيك عن الضريبة عن الدخل.
زبدي: آليات لمواجهة ارتفاع الأسعار ضرورة
بدوره أوضح رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك مصطفى زبدي، في تصريح لـ»الشعب»، أن انهيار القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار هو واقع معاش ووضع لا يمكن لأي كان أن ينكره لعدة أسباب وخارجية لا يمكن التحكم فيها، وداخلية تحتاج إلى ضبط وتحكم أكبر، وهو أمر أصبح محسوس عند الموطن ومعلوم لدى الحكومة التي اعترفت بتدنيها من خلال إدراج تحسينها ضمن مخطط عملها.
وتحدث زبدي قائلا :» أنه كممثل لمنظمة حماية المستهلك..ما نريده هو إنقاذ القدرة الشرائية للمواطن وتحسين الأوضاع والتحكم في السوق»، مشيرا أن ذلك لن يتحقق إلا بتضافر كل الوزارات والقطاعات المتدخلة في النقل التجارة الفلاحة وغيرها بداية بتبني آليات جديدة بداية بسن قوانين ومراسيم جديدة من شأنها أن تحيط بمفهوم تحسين القدرة الشرائية، قائلا:»أنهم جاهزون كمنظمة لتقديم اقتراحاتهم وأفكارهم في هذا المجال»
في المقابل، أكد زبدي أن الدخول الاجتماعي لهذه السنة يمثل هزة أخرى تضاف إلى الهزات السابقة التي تحملتها الأسر الجزائرية بسبب تداعيات الجائحة الصحية التي خففت من حدتها بعض عمليات التضامن والتكافل الاجتماعي ولكن رغم ذلك سيكون دخولا اجتماعيا صعبا خاصة بالنسبة للفئات الهشة، حيث يعيش أكثر من 8 ملايين جزائري في مناطق الظل، إلى جانب تضرر الطبقة المتوسطة التي أصبحت تشعر بتدني القدرة الشرائية.
وأشار المتحدث أن مخطط الحكومة لابد أن يتضمن إجراءات سريعة من أجل تحسين القدرة الشرائية، خاصة وأن وزارة التجارة ضاعت من يدها القدرة على ضبط السوق، فالوضع يحتاج تضافر جهود عدة متدخلين، خاصة وأن السند القانوني والإداري الذي تتوفر عليه بلادنا لا يكفي حاليا ولا يمكّن وزارة التجارة من ضبط السوق بل يجب اتخاذ إجراءات جديدة على أعلى مستوى من الفعالية والنجاعة للتخفيف من وطأة هذا الانهيار على المستهلك.