طباعة هذه الصفحة

تنام على جنباتها صفحات تاريخية

وادي ريـغ مدينة الثّــرات والأصالــة

أمينة جابالله

 تعد منطقة وادي ريغ التي ترقد على هيكل تاريخي ثقيل، والتي للأسف لم يتم التأريخ عنها إلا قليلا زاخرة بالكثير من العادات والتقاليد، حيث تقع في منخفض مستطيل الشكل، يبتدئ من رأس الوادي بأعالي مدينة المغير وبالضبط بقرية عين الصفراء بلدية أم الطيور ولاية الوادي الجزائرية عند شط ملغيغ شمالا، ويمتد في شكل مستطيل على نحو 160 كلم جنوبا إلى غاية قرية قوق التابعة لبلدية بلدة عمر التي يوجد بها ضريح الولي الصالح سيدي بوحنية.
 تقع منطقة وادي ريغ في الجنوب الجزائري تتبع إداريا ولاية ورقلة في الجنوب والوادي في الشمال، تمتد على مسافة 160 كلم من المغير شمالا إلى قوق جنوبا (من سدي بوحنية إلى راس الوادي)، حيث يعد مركز هذا الإقليم مدينة تقرت ويتكون من المدن التالية المغير ـ جامعة ـ تقرت ـ تماسين ـ بلدة عمر، تمثل فيما بينها نسيجا ثقافيا مشتركا من العادات والتقاليد واللهجة، وتشترك في الصفات الفزيولوجة والأصول العرقية.
تعد حضارة وادي ريغ منارة الجنوب بتاريخها وأصالتها، وهي من أهم معالم الجنوب الجزائري التي بقيت شامخة وشاهدة عبر مر الأزمنة، وتمثل حضارة وادي ريغ المنطقة الممتدة من دائرة المغير الى غاية دائرة تقرت وتتوسطهما دائرة جامعة، حيث تضم كل من القرى والبلديات التالية: قوق، بلدة عمر، تماسين، غمرة، تالة، تاملحت، هرهيرة، لقصور، مقر، مقارين، سيدي سليمان، برام، سيدي راشد، تمرنة، عياطة، سيدي عمران، سيدي يحيى، تقديدين، لوغلين، سيدي ختة، علوشة، سيدي قاسم، مهيريس، برزيق، اغفيان، بومعزة، القضلية، سيدي الضاوي، لالة مسعودة، بنت منصور، عدوان، تيولين، سيدي العابد، سيدي خليل، سيدي مبارك، الصايم، سيدي المخفي، عين عيسى..إلخ.

عراقة منطقة وأصالة انتماء
يطلق على سكان وأهالي منطقة وادي ريغ برجال الحشان، وإذا تكلّمنا عن أصولهم الجذرية فنصل الى أن الحشاشنة هم بقايا جيش الفاتح العربي حسان بن النعمان، وما يميز لهجة هؤلاء هم نطقهم الشين سينا، هكذا انتزع من كلمة الحشاشنة هم كذلك لتميزهم بغرس الحشان أي الجبار، فكان رجال الحشان، وتعني رجال الجبار وهي الارجح تسمية عند أهالي المنطقة، ويذهب الى حد الاعتقاد ان كل من يقطن بوادي ريغ وارتبطت معيشته بالنخلة يسمى حشانيا، أي ان الحشاشنة انتماء وليس أصلا. أما عن نمط المعيشة في المنطقة، فنجد أن من النخلة كل شيء، فمن نخل التمر الذي اعتبر مع الحليب اساس المعيشة ومن النخلة حطب الطبخ والتدفئة، حيث تسقف البيوت بالسدة عصا الجريد، وبعسف النخلة تصنع المروحة وكذا القبعة والسجادة..إلخ.
وعن المأكولات المعروفة والتي تشتهر بها المنطقة نجد كل من الكسكس، الكسرة، الزريقة، الجماد، لقرايف مع الحمص المتبل، الرفيس، البركوكش، المردود، لمرور، الباطوط، الكسرة، الدشيشة، المقطعات بالحلبة والثوم...الخ.
ولأن منطقة وادي ريغ مميزة بكل عاداتها وتقاليدها، فان لباس أهل المنطقة مميز بدوره ينفردون به دون غيرهم، فعن لباس الرجال يتمثل في القندورة، البرنوس والسروال الصحراوي، ولتغطية الراس يستعمل الشاش. أما عند النساء نجد الملحفة، المحرمة، البخنوق..إلخ.
تعايش عبر التاريخ
وادي ريغ تسمى أيضا الزاب الصغير، اختلف فى أصل تسميتها. وعلى الارجح اصلها بربري يرجع الى قبيلة ريغة الزناتية،
تعيش في واد ريغ عدة أعراق وقبائل في تعايش سلمي وأخوي يربطهما الدين واللغة، عددهم تقريبا 300 ءلف نسمة، يمتهن معظمهم زراعة النخيل وتربية المواشي. أما انثروبولجية المجتمع، نستطيع ان نصنفها حسب أشهر علماء التاريخ والنسب مثل بن خلدون والميلي كما يلي:
1-الحشاشنة هم يمثلون 40 % من سكان وادي ريغ، ويتمركزون في جميع مدن وادي ريغ مختلف في نسبهم، حيث لا توجد لهم قبيلة تضمهم وليس لهم فروع او بطون بل لهم عائلات كبيرة العدد، يرجحهم الكثير على انهم خليط بين بربر ريغة وبعض العرب وزنوج أفريقيا وهم الأكثرية، نظرا لغلبة اللون الاسود للبشرة  فيهم. وهؤلاء الزنوج هم أحفاد عبيد القرون الوسطى المعتوقين، وبعض المهاجرين من بلاد السودان الكبري والصحراء الكبرى. أما كلمة حشاشنة فالأرجح ترجع اصلها الى كلمة الحشان التي تعني النخلة الصغيرة، وأغلب الحشاشنه يعملون في زراعة الحشان إلى يوم الناس هذا.
2-الرواغة، وحسب ابن خلدون هم من ريغة من مغراوة من قبيلة زناتة البربرية، وهذه القبيلة دخلت في صراع كبير مع الهلاليين في القرن 11 ميلادي، حيث رجعت الغلبة الى الهلاليين وانتشرت ريغه في البلاد، حيث نزح جزء منهم الى ابناء عمهم ريغة مروانة وعين ولمان وعين ازال، وجزء آخر نحو الغرب في تلمسان والشلف، وبقي جزء ضئيل مع عبيدهم الزنوج وبمرور الوقت انصهروا فيهم وتلاشوا وكونوا ما يسمى بالقباله أغلبهم من الزنوج السود وأحفادهم القاطنين بتقرت الان، ومازالوا يتكلمون اللغه القبلية الريغية الزناتية، والكثير منهم تعرب واختلط مع الحشاشنة.
3-الهلاليون العرب، وهم يمثلون 50 % من سكان واد ريغ وقبائلهم كثيره كما يلي:
أ-المجاهرية، وهم من بني مجاهر من بني سويد من زغبه الهلاليه ويتمركزون في تقرت.
ب-اولاد نايل، وهم من زغبه الهلالية وبعضهم من آل البيت الاشراف يتوزّعون في كل واد ريغ.
ج-اولاد سعيد، وهم من بنى مالك من رياح الهلاليه ويتمركزون في تقرت و قراها.
د-اولاد مولات، وهم من بني مالك من رياح وفيهم بعض البربر من لواته و مكناسة، ويتمركزون ف، جامعة وتندلة والمرارة وسيدي عمران والزاولية وتقرت.
هـ -العبادلة، وهم من اولاد سعيد من بني مالك من رياح الهلالية، ويتمكزون في جامعة ومدنها.
و-الدرايسة وهم من من بني مالك من رياح الهلالية، ويتمركزون في المغير وقراها.
ز-السلمية ورحمان، وهم بطون من قبيلة رحمان من بنى مسلم وبطون من اولاد سالم من حامد بن مسلم، يعنى كلا قبيلتين من بنى مسلم من بنى مرداس من رياح الهلاليه وينقسمون الى البطون التالية: اولاد سحبان، اولاد سهل، اولاد سلطان، اولاد سبيع، اولاد مغيث..ويتمركزون في سطيل البعاج، أم الطيور، المغير وجامعة سيدي عمران.
4-السوافة ويشكلون 10 % من سكان واد ريغ. وبكل انواعهم السليميين والهلاليين والطرود وعدوان، يتمركزون في كل انحاء واد ريغ خاصة في تقرت وجامعة.
5-اولاد جامع، وهم من بنى عوف السليمية العربية يتمركزون في تقرت.
6-آل البيت الاشراف
-اولاد سايح فى تقرت وجامعة وعين الشيخ والمغير، الفتايتية في تقرت.
7-الجلالبة، وهم من بني الجلاب من بني مرين من بني واسين من زناتة البربرية، وهم احفاد سلاطين مملكة تقرت استعرب اكثرهم وذابوا في المجتمع التقرتي.
8-سكان المناطق المجاورة من ولاية بسكرة وورقلة والمناطق الشمالية.
تصنّف منطقة وادي ريغ ضمن المناطق الرطبة الغنية بالمسطحات المائية، التي تساهم في التوازن الايكولوجي، وتكسب المنطقة جماليات طبيعية تفتح مناخ خصب للرواج السياحي. ومن اهم هذه المسطحات المائية بحيرة عياطة سارقة انظار المارة إعجابا، وهي تتربع على الجهة الشرقية من الطريق الوطني رقم 03. وقد صنفت سبخة عياطة كمحمية وطنية سنة 1998، ونشأت نتيجة تجمع المياه الزائدة عن سقي النخيل، بالإضافة إلى المياه المستعملة الناتجة عن التجمعات السكانية القريبة منها، الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية، وهكذا وبمرور الوقت تشكلت سبخة عياطة. وعليه فإن حركة مياهها تنطلق من الجنوب الغربي إلى الشرق، حيث تصب في وادي ريغ، سقيط، سفالة، وهي تتميز باحتوائها على الماء طول السنة رغم انخفاض مستواه في فصل الصيف، وتبلغ درجة ملوحتها 7غ/ل، وهي غير مستغلة لا للشرب ولا للسقي، ولا للمشاريع الاقتصادية.

الموقع والمساحة
تقع سبخة عياطة شرق الطريق الوطني رقم 03، والذي يبعد عنها بحوالي 50 مترا، كما يحتوي قطاعها الجنوبي الشرقي على واحة خاصة، في حين يحتوي قطاعها الجنوبي الغربي على منشآت سكانية (الزاولية، شمره، تمرنه، المنصورة، الشوشة)، أما بلدية سيدي عمران فهي تحدها من الشرق، تبلغ مساحتها حوالي 30 هكتارا، أما عمقها فيتراوح ما بين 10سم إلى 1متر، ومن الناحية الجيوغرافية فهي محصورة بين خطي طول 33.00 و33.39، وبين دائرتي عرض 5.59 و6.20.
أما عن مصدر المياه وكيفية حركتها، فهي تنطلق من التجمعات السكانية والواحات في الجهة الجنوبية الغربية وصولا إلى السبخة، وذلك عن طريق القناة رقم 21 حيث تقطع حوالي 10كم، ثم تكمل مسارها في نفس القناة، حيث تخرج من المجمع لتتجه نحو سقيط سفالة (وادي ريغ)، ليصبح طول القناة الإجمالي 18كم.
الإطار الحيوي
 يتمثل في كل من الثروة النباتية والحيوانية، حيث تتمثل الثروة النباتية التي تشكل تنوع الغطاء النباتي في سبخة عياطة، لاسيما إلى أجزاء التربة غير المحروثة والمختلفة، والتي تشكل بقية مساحة وادي ريغ.
وبالرغم من غنى هذه السبخة بالثروة الحيوانية، إلا أنه لا توجد سوى دراسات قليلة، حيث لم تتعدى ذكر أرقام فحسب متعلقة ببعض أنواع الطيور المائية التي تستقبلها السبخة من أواخر شهر أوت وسبتمبر إلى غاية شهر مارس، حيث تغادر الطيور المهاجرة وتبقى المستوطنة. كما لوحظ وجود الأسماك، وندكر منها :
• الشهرمان.
• أبوفروة.
• النحام الوردي.
• لغوش أبيض صغير.
• لغوش أبيض كبير.
• غراب الماء كبير.
• أبو ساق الأبيض.
• أبو ملعقة.
• كركي رمادي.
• نكاث أسود الديل.
• اللقلق الأبيض.