طباعة هذه الصفحة

أستاذ القانون العام،دكتور منير قتال:

آليات رقابية تمنع تنامي الاقتصاد الموازي

خالدة بن تركي

مكافحة الفساد وتجسيد الديمقراطية أولوية

ثمّن الخبير في القانون الدكتور منير قتال، ما جاء في مخطط عمل الحكومة بخصوص مكافحة الفساد والبيروقراطية، وكذا الاهتمام الكبير الذي توليه لمحاربة هذه الممارسات بشكل مستمر ودون هوادة، لما في الأخيرين من ضرر مهدّد لمضامين الديمقراطية في البلاد.
أوضح الدكتور منير قتال لـ «الشعب»، أنّ الاهتمام بالجانب الحياتي للمواطن يكون من خلال إطار مؤسساتي نظيف يضمن حسن الإدارة والشفافية، فأخلقة عمل السلطات العمومية قد يضمن استرجاع الثقة بين المواطن والإدارة وحماية الصورة العامة للدولة، خاصة أمام التوترات الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن انتشار الفساد وممارسة البيروقراطية في استخدام السلطة ممّا ساهم في ضياع المواطن بين حقوق مشروعة على الحكومة تلبيتها، وبين ضرورة إرساء دولة القانون والمؤسسات لحمايته.
وأضاف بخصوص المخطط الذي تعتزم الحكومة من خلاله استرجاع الأموال المنهوبة اقترح الأستاذ، خيار تسوية ودية لاسترداد الممتلكات الوطنية المختلسة،لاسيما المحجوزة منها والتي توجد تحت متابعات قضائية وستتم مناقشة ذلك حسبه في البرلمان.
وقد يفرض الأمر- يقول الأستاذ- وضع تشريع خاص يحدد الآليات العملية لتطبيق هكذا قرارات ولعل الشيء الحسن في ذلك محاولة تكريس الالتزام  والجدية بخصوص تسير المال العام، كون هذا التسيير «مقدس» وأيّ انتهاك بخصوصه يعتبر جريمة لا تغتفر، ومن جهة أخرى وجوب إصلاح قانون مكافحة الفساد والوقاية منه بمنظور شامل وهادف لحماية المال العام ومحاربة جزئيات وأشكال المحسوبية والمحاباة ولن يتم ذلك إلا بتفعيل أدوات الرقابة.
وفي إطار تعزيز القدرات المالية للدولة، أفاد أستاذ القانون العام، أنّ الحكومة تعمل على تعديل القوانين المتعلقة بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وبتنظيم الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، ولعلّ بعض المؤشرات التي طفت مؤخرا على السطح الوطني، دليل على النية الحسنة لأجهزة الدولة في تطبيق ما تعهّدت به.
وفي شق إصلاح الإدارة، فإنّ الجهاز التنفيذي يعتزم تبني وتوسيع التحوّل الرقمي كنمط تسيير للإدارة العمومية وأيضا مراجعة أنماط التسيير الأخرى، لأنّ عصرنة الإدارة تقضي على العديد من أشكال الفساد والمحسوبية وتؤسس لنمط «الإدارة الالكترونية» والهدف تحسين الخدمة العامة للمواطن وتقييم السياسات العمومية وإيجاد فرص حقيقة لتنمية بشرية وإدارية، خاصة وإن العالم يعرف ثورة كبيرة في المجال الرقمي.
ومن جهة أخرى، يهدف المخطط إلى وضع تنظيم عام وجديد لكل للمؤسسات العمومية بهياكلها وهيئاتها وفروعها المركزية واللامركزية، حيث حرص أيضا على تطوير النظام الإحصائي وتوفير المعلومة خدمة للشأن الاقتصادي والاجتماعي، وكل هذا تحت محور عصرنة الإدارة للقضاء على البيروقراطية.
ومن ناحية الوظيفة العامة، فلا بدّ من اكتشاف وتعزيز القدرات البشرية الجزائرية ومحاولة إيصالها لمناصب الحكم دون تجاهل كفاءتها، وهذا لن يتحقق دون تجديد القوانين المتعلقة بالموظف العام والوظيفة العمومية ككل، وهذا من ناحية ضرورة التحلي بالتسيير الجيد والنزيه وكذا تشديد العقوبات على كل محاولة لإحداث فساد والضرب بيد من حديد لكل إساءة للوظيفة العامة والتي تقتضي شرط الأمانة لتوليها.
ولا ننسى -يقول الأستاذ -القطاع الخاص، إذ لا بدّ من تنظيمه وإرساء الصرامة في كل أشكال الالتحاق بالوظائف العامة ولما لا يكون لدينا منصات رقمية تنشئ لهكذا أمور، حيث يمكن لأيّ من يرى نفسه أنه جدير بالتسيير تسجيل نفسه وبالتالي إحصاء شامل للكفاءات الوطنية، خاصة وأن المخطط أتى بمبادرة رفع التجريم عن فعل التسيير.
المخطط يمنع تغلغل الاقتصاد الموازي
 كما يسعى المخطط إلى الاهتمام بحجم اقتصاد الدولة، ولعل أول خطوة وضعها  هي محاربة تغلغل الاقتصاد الموازي غير المنظم ليرسي اقتصادا قويا وشفافا، فمحاربة الاقتصاد غير المهيكل لا تتم إلا بدمجه في النظام الاقتصادي المقنن مع وضع آليات رقابة مشدّدة، وسياسات مضادة له والغرض منها وقف تنامي كل صور الاقتصاد الموازي.
وأقر أيضا مخطط الإنعاش الاقتصادي من خلال تبني مناخ استثماري، ولن يتحقق ذلك إلا بإدماج الاقتصاد الموازي عبر قنوات رسمية وتحليله جيدا، أوّلها الامتثال الضريبي وضمان التوزيع العادل للعبء الجبائي لكل المتعاملين، والغرض طبعا استفادت الدولة من الموارد والقدرات المالية الموجودة وكذا تأهيل الخدمات العمومية ومحاربة الأشكال السلبية المهدد لمسار الاقتصاد الوطني وتعزيز مفهوم المنافسة النزيهة.
 دمج الاقتصاد غير المنظم أولوية قصوى لمخطط عمل الحكومة وهي ملزمة- يقول محدثنا - بتقديم إستراتيجية محكمة تهدف إلى التضييق على نطاقه ويكون ذلك عن طريق ضبط وتنظيم النشاطات التجارية وتنويع الاقتصاد الوطني بحلول عملية يتولاها مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي خاصة سبل التمويل، ومن جهة أخرى، مباشرة تبسيط الحصول على السجل التجاري لتنظم السوق العامة وإعداد مخطط محكم لإزالة الأسواق الغير منظمة وكل هذا يكون تحت إستراتيجية محكمة، وفقا لمخطط عمل الحكومة.