طباعة هذه الصفحة

الخبير الإقتصادي والمالي إسحاق خرشي:

رفع الأجور والمنحة المدرسية لمواجهة الأسعار

باتنة: حمزة لموشي

 تستعد العائلات الجزائرية لعودة أبنائها لمقاعد الدراسة وسط وضع صحي واقتصادي استثنائي بسبب استمرار جائحة كورونا للعام الثاني على التوالي وتداعياتها الإجتماعية والاقتصادية والصحية التي أرهقت الجزائريين، وأثقلت كاهلهم خاصة مع تراجع القدرة الشرائية والإرتفاع الكبير في أسعار كل المواد الواسعة الاستهلاك على رأسها الأدوات المدرسية ومستلزمات الدخول الإجتماعي الجديد.
 يقترح الدكتور إسحاق خرشي من جامعة الشلف وهو خبير مالي واقتصادي لتدعيم القدرة الشرائية والتخفيف من معاناة الاولياء بخصوص اقتناء مستلزمات ابنائهم المدرسية ضرورة تنظيم الأسواق الخاصة بمختلف السلع الاستهلاكية ورقمنتها، واستعمال بطاقات الدفع الإلكتروني، وهي مهمة تقع على عاتق وزارة التجارة، حسب ما أفاد به الخبير خرشي في تصريح لـ «الشعب».
أشار د - خرشي إلى أن مشكلة الغلاء في الأسعار بصفة عامة وتراجع القدرة الشرائية للمواطن الجزائري ليست بسبب المواطن العادي البسيط او تاجر التجزئة بل المشكلة تكمن في تجار الجملة الكبار وتجار الجملة الصغار لأنهم سبب نقص التموين بالمواد المختلفة سواء كانت غذائية أو استهلاكية والأدوات المدرسية إحداها.
ويرى الخبير خرشي في هذا الشأن، أن الرقمنة ستساعد كثيرا في حل مثل هذه المشاكل خاصة ندرة المواد في السوق، وبالتالي الارتفاع في أسعارها كما هو موجود في كل دخول مدرسي، مشيرا إلى أن رقمنة هذه السلع بصفة عامة والأدوات المدرسية من بينها لدى تجار الجملة الكبار والصغار سيساهم في ضبط أسعارها وتوفرها، وبالتالي تمكين كل الأولياء من اقتناء هذه المستلزمات لأولادهم في أريحية نظرا لوفرتها في السوق وبأسعار معقولة.
عودة القطع النّقدية الصّغيرة ضرورة
 تتم هذه الرقمنة حسب محدّثنا عن طريق تصريح تجار الجملة الكبار وتجار الجملة الصغار بكل السلع المتواجدة لديهم وبمخازنهم بصفة شهرية أو أسبوعية لتتكوّن لدى الجهات المعنية ممثلة في وزارة التجارة الإحصائيات الدقيقة والمعلومات الحقيقية عن احتياجات السوق الوطنية من مختلف هذه السلع، يضاف لها ضرورة توفير القطع النقدية خاصة الصغيرة منها من مختلف الفئات النقدية مثل 1 دينار و2 دينار و5 دنانير...إلخ، لضمان عدم الرفع العشوائي لأسعار السلع، فمثلا عندما ترتفع أسعار سلعة ما من 20 دينارا إلى 25 دينارا يجد التاجر نفسه مضطرا لرفعها إلى 30 دينارا بسبب عدم وجود القطعة النقدية 5 دنانير، وللتهرب من الوقوع في هذه الازمة يلجا التجار إلى الرفع الكبير للسلع وهكذا دواليك، فلو يتم رفع سعر عدة سلع بهذه الطريقة فطبيعي ستشهد الأسعار ارتفاعا كبيرا يرهق كاهل المواطن والزبون أيا كان وليا أو غير ذلك.
ومن شأن توفير هذه القطع النقدية، يضيف خرشي إضفاء جو من المنافسة الشريفة الشفافة بين كل التجار تكون في صالح المواطن أو ولي التلميذ لأن المنافسة دائما تساهم في خفض الأسعار، وهنا يلجأ الولي إلى اقتناء مستلزماته من التاجر الذي يقدم افضل عرض واخفض سعر ولو بـ 5 دنانير وهكذا، ما سيسهم لا محالة في خفض الأسعار، وجعلها في متناول الجميع.
الأمر الثالث من وجهة نظر المحلل الإقتصادي خرشي اسحاق هو رفع الأجور وتحسينها للقضاء على التضخم الحاصل كمطلب أساسي لأنّ مواجهة ارتفاع الأسعار تستلزم تلقائيا تحسين الاجور ورفعها في هذه الحالة، مستدلا بمخطّط عمل الحكومة الجاري مناقشته بالمجلس الشعبي الوطني، مشيرا إلى انه ما يهم المواطن البسيط فيه هو هل سيتم رفع الاجور ام لا؟ وفي حال المصادقة على ذلك تنفيذ هذا الالتزام أم لا؟ لتعزيز ثقة المواطن في مؤسسات الدولة كقرار رفع منح المتقاعدين قبل 10 أشهر من الآن، وهو القرار الذي لم يجسد ميدانيا ما خلق نوعا من عدم الثقة لدى المواطن في قرارات الحكومة ومؤسسات الدولة.
 آلية لمساعدة المتمدرسين
 كما يقترح الدكتور خرشي أيضا لمواجهة الإرتفاع الكبير في أسعار الأدوات المدرسية عقد لقاء بين الوزارة الوصية وجمعيات اولياء التلاميذ والنقابات المعتمدة وكل شركاء القطاع يتم خلاله معالجة مثل هذه المشاكل التي تحمل طابع المناسباتية، والتي تستفحل كل دخول مدرسي من خلال ضبط قائمة الأدوات المدرسية الضرورية فقط لكل طور تعليمي وإلزام مديري المؤسسات التربوية والمعلمين والأساتذة باحترامها، والعمل بها لسببين الأول هو خفض حجم المحفظة المدرسية وعدم ارهاق التلميذ بحملها كل يوم من وإلى المدرسة، والثاني هو تخفيف الأعباء المالية عن الأولياء والاكتفاء باقتناء المستلزمات الدراسية الضرورية فقط مع تكثيف عمليات المراقبة والتفتيش للجان المختصة على مستوى مديريات التربية لضمان التزام الجميع بهذه القرارات التي تخدم التلميذ وتحسن من جودة التعليم.
ويرى محدثنا أن جائحة كورونا ونظام الدراسة بالتفويج تساعد كثيرا على تخفيف حجم المحفظة بتحديد الادوات المدرسية كالكتب مثلا وغيرها التي يجب ان تبقى في القسم، ويكتفي التلميذ بتغيير بعض المستلزمات فقط، ولتحقيق ذلك لا بد من إشراك جميع الفاعلين في هذه العملية لضمان نجاحها ميداينا.
من جهة اخرى، يقترح خرشي إبرام وزارتي التربية والتجارة لاتفاقية أو وضع آلية تقضي بحصول التلاميذ على تخفيضات في اقتناء الادوات المدرسية كل دخول مدرسي، غير أن الحل الأمثل حسب محدثنا هو رفع المنحة المدرسية لمواجهة ارتفاع الأسعار، والهدف من كل هذا هو الحفاظ على مفهوم الدولة الإجتماعية.