طباعة هذه الصفحة

استغلوا فرصة غياب الرقابة والردع

مافيا تُحكم قبضتهـا علـى شواطئ بومـرداس

بومرداس: ز/ كمال

 خـيمٌ قــــارة على طــــول الشاطئ المركـزي لـرأس جنـات

 يجلسون في هدوء تام يحرصون خيمهم من غزو المصطافين وخوفا من ولوج شاطئ البحر دون المرور على الحواجز الضيقة لدفع فاتورة استنشاق الهواء والتمتع بزرقة المياه، وهم على يقين أن لا أحد يتجرأ لمنعهم من هذا التصرف غير القانوني وغير المبرر لاحتلال طول الشاطئ بتنصيب خيم قارة بثلاثة صفوف، مانعين بذلك العائلات من نصب شمسيات لمراقبة أبنائهم والاستمتاع بحق الاستجمام، رغم كل التطمينات التي وعدت بها السلطات الولائية والمحلية للبلديات الساحلية.
الصورة لخيم شاطئ رأس جنات المركزي مأخوذة خلسة في الفترة الصباحية، حيث كانت أعين البزنسية تراقب كل حركة مشبوهة خاصة بالنسبة للأشخاص الذين لا تبدو عليهم ملامح أو صورة المصطاف المحمل بأمتعة التخييم والسباحة، وحوامل المأكولات ومبردات المياه بل هاتف وجهاز تصوير، مع ذلك جاءت الفرصة بنزول قافلة من المصطافين قادمة من ولاية برج بوعريريج، حيث رافقناهم إلى مدخل الخيم المراقبة من قبل شباب جالسين على كراسي وفي مجموعات متقاربة، وهنا تحرك الجميع للترحيب وعرض الفرص، والتفاوض سرا على الأسعار التي تتراوح ما بين 1000 و1500 دج حسب التوقيت، المدة وقدرتك على التفاوض وكأنك داخل بازار لا تملك حريتك.
 في البداية كان الشاطئ يبدو من بعيد خاليا من المصطافين بالنظر إلى درجة حجب الرؤية التي تسببت فيها طريقة تنصيب الخيم الكبيرة شبه المتلاصقة، لكن وعند اقترابنا من مكان تخييم القوافل الرحل، وجدنا الكثير من العائلات قد دخلت المكان والأطفال يسبحون ويمرحون في حوض الشاطئ الرملي القريب من ميناء رأس جنات.
 وهنا كانت الفرصة سانحة لأخذ صور على عجل، بينما كان حراس المخيم منشغلين في استقبال وتوجيه أعضاء القافلة وشرح مميزات الشاطئ ومتعة الجلوس في الماء على حساب العائلات الأخرى المضطرة للدفع أو الجلوس بعيدا والبقاء خارج صور القلعة المحمية.
هذه الظاهرة المشينة التي حرمت المواطن من حقه الطبيعي في الاستجمام والاستمتاع وعائلته بنسمات البحر للتخفيف من ضغوط العمل أو الدراسة والسباحة بحرية أينما يريد بعيدا عن الرسوم والسرقة المقننة، شكلت لسنوات هواجس فعلية وانشغالات وصلت كل المستويات من أجل التدخل واتخاذ تدابير لتنظيم موسم الاصطياف وحماية المصطافين من المافيا داخل الماء وخارجه الذين يسيطرون على الفضاءات العامة وحواف الطرقات باسم «الباركينغ»، لكن تبقى دار لقمان على حالها، وهو ما شجع مثل هذه المجموعات على احتلال شاطئ بأكمله وليس حيزا صغيرا لعرض الخدمات على المصطاف مثلما تم الاتفاق عليه.
متصرّف الشواطئ.. سمكة أفريل
عمدت مديرية السياحة لولاية بومرداس في إطار اللجنة الولائية المكلفة بالتحضير لموسم الاصطياف المشكلة من عدة هيئات محلية، إلى الإعلان عن مجموعة من التدابير التنظيمية بهدف التسيير الجيد للموسم الجديد الذي أشرف على افتتاحه والي الولاية شهر جويلية الماضي في استعراض كبير حضرت فيه حتى الخيالة وفرق الزرنة والفولكلور، إيذانا باستقبال العيد السنوي لبومرداس التي حرمت السنة الماضية من مداخيل هذا النشاط السياحي والترفيهي بسبب جائحة كورونا، وتقليص المدة إلى أقل من شهر.
هذه المناسبة شكلت أيضا فرصة مناسبة لمختلف المتعاملين والمستثمرين الناشطين في قطاع السياحة والخدمات كالفنادق والمراكز العائلية، وأصحاب المطاعم والساهرين على استقبال الزوار في الاقامات الخاصة، من أجل التعويض عن خسائر السنة الماضية وضمان مصدر رزق طيلة ثلاثة أشهر، خاصة وأن بومرداس تحولت إلى وجهة مفضلة رئيسية وتستقبل سنويا أزيد من 14 مليون مصطاف.
وبهدف مواكبة هذه الحركية وإنجاح الموسم بحسب تصريحات القائمين عليه، اتخذت السلطات الولائية جملة من الإجراءات لحماية المصطافين من كل أشكال التحايل والاستغلال، والتأكيد مجددا على مجانية الدخول للشواطئ ولا أحد من حقه احتكار الفضاءات العامة بطريقة غير قانونية وغير مرخصة، مع تعيين متصرف للشواطئ يقوم بمهمة المراقبة ورفع شكاوي العائلات وانشغالاتهم اليومية من أجل التدخل لوقف هذه التجاوزات وتحرير الشواطئ من قبضة هذه المجموعات.
لكن في نهاية المطاف جرت الرياح بما لا يشتهي الجميع من مصطافين وناشطين في قطاع التجارة والخدمات بعد قرار غلق الشواطئ والفضاءات العامة أمام امتداد الموجة الثالثة من كوفيد19، وهذا إلى غاية نهاية شهر أوت الماضي، حيث استغل محترفو البزنسة ومستغلي الفرص الفراغ الكبير وغياب الرقابة لحكم قبضتهم على رقاب المواطنين، والدليل مظاهر الهدوء والسكينة التي ينشط فيها هؤلاء، واتخاذهم وقتا كافيا لغرس خيم كبيرة بأعمدة حديدية، تبدو للوهلة الاولى أنها موقعا مخصص للتخييم الدائم وليس شاطئا عاما مفتوحا للجميع.