طباعة هذه الصفحة

الباحث في التاريخ د - اسماعيل بولبينة:

استرجاع متحف بابا مرزوق ليس مستحيلا

حبيبة غريب

 شكّل مصدر رعب كبير لغزاة سواحل الجزائر في القرن السادس عشر، وجعلت منه فرنسا الاستعمارية وهو خارج الخدمة منذ عهود، سببا وذريعة لمخططات احتلالها وسارعت للاستحواذ عليه مع آلاف الكنوز والتحف الأثرية ونقله إلى أرضها ليبقى سجينا ببرست إلى يومنا هذا وهو محل مطالبة شغوفة من قبل الجزائريين. إنه مدفع بابا مرزوق الأسطوري الذي شكل أمس، محور يوم دراسي نظمه المركز الوطني فنون وثقافة بقصر رياس البحر بالعاصمة.
 استرجاع متحف بابا مرزوق ليس بالأمر المستحيل بل يحتاج حسب المشاركين في اليوم الدراسي الى إرادة سياسية قوية وتحرك دبلوماسي جزائري فعال، لأن القضية تتعلق بمسألة استرجاع جزء من التراث التاريخي والهوية الوطنية. 
وبهذا الخصوص، أشار الباحث في التاريخ د - اسماعيل بولبينة أن «مدفع بابا مرزوق كان محل تشويه الحقائق حول تركيبته ودوره وخصائصه كونه في الحقيقة لا يتعدى قطره 25.4 سنتمتر، ولم يستعمل كقذيفة موجهة ضد البشر، كما كان في وضعية تثبيت دائم بحكم وزنه البالغ 12 طنا وطوله 6 أمتار».
ولم يكن مدفع بابا مرزوق الأكبر في العالم بل هناك  المدفع الروسي والألماني والعثماني، وأخذت - يقول د -بولبينة «الدعايات والأساطير حول مدفع بابا مرزوق منحنى خطيرا، حيت قام الفرنسيون بتشويه الكثير من الحقائق حوله، إذ لم يكن المدافع عن المحروسة حين وصولهم لأنه كان خارج الخدمة منذ 1666».
ولم يكن هذا سوى ذريعة منه لتبرير «شرعية» غزو الجزائر واحتلالها، وأيضا لتسهيل عملية نهب الممتلكات والتحف الجزائرية. وبغض النظر عن الحقائق والأساطير التي أحاطت بمدفع بابا مرزوق، تبقى الحقيقة الوحيدة التي لم يستطع المؤرخون التلاعب بها هي «قيام فرنسا بنهب هذه التحفة وتحويلها من الجزائر أرضه الاصلية الى بلاد أجنبية واستخدامها ضمن ممتلكات الغير بالقوة»، يقول بولبينة.
وواصل المتدخل حديثه: «لقد بدأت المطالبة باسترجاع مدفع بابا مرزوق في 1912، الذي استقر به المطاف في برست الفرنسية من قبل المعمّرين الفرنسيّين بالجزائر، وقامت بعدها بسنوات مؤسسة الدراسات التاريخية بأول بحث حول المدفع الأسطوري».
وطالبت مؤسسة القصبة باسترجاع المدفع عام 1996، وفي سنة 2011 تأسّست اللجنة الوطنية لاسترجاع مدفع بابا مرزوق وجماجم الشهداء التي تترأسها المحامية  فاطمة بن براهم، والتي تسعى من خلال مراسلات سواء إلى السلطات الفرنسية أو الجزائرية لاسترجاع المدفع».
من جهتها، قالت المحامية فاطمة الزهراء بن براهم «نحن نبحث عن حقائق تاريخية لأن القانون التاريخي دقيق جدا، وإعادة باب مرزوق واجب وطني لان المدفع يرمز الى كرامة كل الجزائريين».
وترى بن براهم أن القانون التاريخي وحده كفيل برفع كل الملابسات حول تاريخ مدفع بابا عزوز، مضيفة «نحتاج  العمل بقوة والبحث في الحقائق حول المدفع لكن تبقى المعركة الأولى والحقيقية، مطالبة الجزائريين بعودته إلى وطنه»، مضيفة «إنّه يعد أقدم سجين في التاريخ هو جزء من تراثنا والمدافع عن وطننا ايام الغزو الإسباني على المحروسة في القرن 16».
ومن أجل هذا تضيف «علينا أن نعرف طبيعة المدفع القانونية، فهو ليس قطعة فرنسية ولا يوجد لها أي أثر في سجلات برست بفرنسا، وبالتالي لا يمكن للحكومة الفرنسية رفض إرجاعها. إن مدفع بابا مرزوق قطعة منهوبة، وتم نقلها من بلدها الأصلي، كما أنه تحفة تراثية وليس قطعة حربية لأنه غير فعال منذ 1666 والقانون الفرنسي يسمح لنا باسترجاعه».
وفي السياق تقول بن براهم «نعتبر المدفع قطعة تراثية جزائرية وليست فرنسية نقلت عن طريق النهب من موقعها الأصلي، وبقيت محجوزة  بفرنسا دون تسجيلها في الممتلكات الجيش الفرنسي». وبالتالي يمكن حسب بن براهم استرجاع المدفع هو ومفاتيح المحروسة والأرشيف وعديد الممتلكات الثقافية الأخرى، بموجب القانون».
وأكدت رئيسة اللجنة الحاجة لهيئة مشتركة جزائرية فرنسية ترافع من أجل القضية، وتستعين بكل النصوص القانونية الفرنسية والدولية التي تسمح للشعوب باسترجاع ممتلكاتها الثقافية المنهوبة.