طباعة هذه الصفحة

الوزير الأول، وزير المالية:

التنمية الشاملة والمستدامة في الصدارة

أكد الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن، أمس، أن التنمية الشاملة والمستدامة المحلية على وجه الخصوص، توجد في صدارة اهتمامات السلطات العمومية قصد تحقيق التوازن بين الولايات وتلبية احتياجات المواطنين.
أوضح بن عبد الرحمن، في مداخلته خلال لقاء الحكومة بالولاة، بأن «مسألة التنمية الشاملة والمستدامة المحلية بالذات في صدارة اهتمامات السلطات العمومية، خصوصا ما تعلق منها بتقليص الفوارق الجهوية والحفاظ على التماسك الاجتماعي».
وأضاف الوزير الأول، بأن تحليل بعض المؤشرات المرتبطة بالموارد البشرية ومدى الالتحاق بالمدارس والبنى التحتية والصحة ودرجة التغطية بالكهرباء والبطالة وكذا التفاوت بين المناطق المتأخرة في التنمية ومناطق الظل، «يشير إلى أن الاستثمارات العمومية كانت غير مجدية، مع فقدان رؤية لتطوير الولاية، ما أدى إلى تركيز الأنشطة وعدم كفاية الموارد المحلية وقلة التحفيز».
وذكر في ذات الشأن، بأن الأهداف المنوطة بالتنمية المحلية، من حيث الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية المستهدفة، تتمحور حول 3 جوانب رئيسية تتمثل في تقوية الجهاز الإداري المحلي، المساعدة في سياسة التوازن بين ولايات الوطن وتلبية احتياجات المواطنين.
وبهذا الخصوص، يتعين على السلطات المحلية النهوض بالريف ووقف الهجرة الريفية، التحكم في التنمية الحضارية وتوجيه جهود الدولة نحو البلديات المحرومة وتشجيع الجماعات المحلية على تلبية حاجتها بنفسها.
وبالمناسبة، أبرز الوزير الأول أن جهود الدولة في عدة ولايات وبلديات كاستمرارية لمساعدات الدولة، تتمثل في وضع تراخيص خصصت كبرنامج استثمار بقيمة أزيد من 18 ألف مليار دينار خلال العشرية الأخيرة، منها 6882.72 مليار دينار موجهة للولايات، أي ما يمثل 36.7 بالمائة من برنامج الاستثمار العام المعتمد للدولة.
كما بلغت برامج التنمية البلدية 877.84 مليار دينار، أي ما يمثل 12.8 بالمائة من إجمالي الغلاف المالي لصالح الولايات، مشيرا إلى أن تلك البرامج والمشاريع أتاحت تسجيل نتائج ايجابية من خلال تحسين البيئة المعيشية وتقليل الفوارق وتعويض العجز القطاعي المسجل، كما كان لها آثار مباشرة على التوظيف.
زغدار: تعميم عقود النجاعة
من جهته أكد وزير الصناعة أحمد زغدار، أنه سيتم تعميم عقود النجاعة وإلزامية النتائج على مستوى المؤسسات الصناعية العمومية من أجل تحسين حوكمتها وتفعيل دورها في الاقتصاد الوطني.
وأفاد وزير الصناعة «أن القطاع الصناعي العمومي يواجه في ظل الوضع الاقتصادي الحالي، العديد من الصعوبات، وهو ما يستوجب إعادة النظر في آليات عمله بغية تفعيل دوره في الصناعة الوطنية والاقتصاد الوطني ككل».
ولتجسيد ذلك، تم اتخاذ جملة من الإجراءات، على رأسها تعميم عقود النجاعة وإلزامية النتائج بخصوص المسيرين، مع دعم مجالس الإدارة بالكفاءات متعددة التخصصات وإخضاعهم لميثاق أخلاقيات يسمح بتعزيز المراقبة واستباق حدوث الأزمات.
وتتضمن هذه الإجراءات أيضا، منح مرونة أكثر في تسيير المؤسسات العمومية الاقتصادية وتحرير المبادرة لمسيريها.
كما يجري العمل على إعادة إطلاق أنشطة المؤسسات الاقتصادية العمومية والوحدات المتواجدة في حالة توقف وتسريع عملية استرجاع الشركات الخاضعة للحجز القضائي للسماح لها باستئناف نشاطها في أقرب الآجال، فضلا عن انعاش الشراكة المؤسساتية وتعميم إنشاء وحدات البحث والتطوير وكذا مخابر الإبداع لترقية الابتكار وذلك بالتعاون مع قطاع التعليم العالي والبحث العلمي.
بالموازاة مع ذلك، تعمل الوزارة، بالتنسيق مع القطاعات الأخرى، على ترقية صادرات المنتوجات الصناعية عبر تحسين القواعد اللوجستية والمرافقة البنكية في الخارج للمؤسسات العمومية الاقتصادية المصدرة والتي لديها قدرة على التصدير.
وتطرق الوزير إلى الورشات المفتوحة من طرف دائرته من أجل إصلاح الإطار التشريعي والتنظيمي المؤطر للاستثمار لتدارك أوجه القصور في التشريع الحالي ومعالجة النقائص والصعوبات الأخرى المتعلقة بالاستثمار وتحسين جاذبية الجزائر للاستثمارات الوطنية والأجنبية.
وبهذا الخصوص، أشار أن قطاعه اقترح مشروعا تمهيديا لقانون جديد لترقية الاستثمار يرتكز أساسا على تجسيد حرية الاستثمار، مع تبسيط الإجراءات الإدارية وتسهيل إنشاء المؤسسات وتعزيز وضوح الرؤية وضمان الاستقرار القانوني، فضلا عن اقتراح هيكلة جديدة لأنظمة حوافز قائمة على مدى مساهمة المشروع الاستثماري في نمو الاقتصاد الوطني.
كما أدرج مشروع القانون الجديد -يضيف الوزير- مراجعة مهام وتنظيم الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار بتعزيز مهامها وجعلها محركا حقيقيا لجذب وتوجيه الاستثمارات الوطنية والأجنبية وإصلاح الشباك الوحيد التابع لها لتقديم خدمات أنجع للمستثمرين.
ومن أهم مساعي القانون الجديد لترقية الاستثمار، تكريس استقرار المنظومة القانونية بمنع التعديلات المتكررة قصيرة الأمد حتى يتسنى للمستثمر التمتع بنظرة استشرافية على الأمدين القصير والمتوسط.
وحول العقار الصناعي الموجه للاستثمار، أشار زغدار إلى إدراج تعديلات على المنظومة القانونية المسيرة له قصد رفع العراقيل ومواجهة حالات الانسداد التي تعرفها عملية منح العقار وتسييره.
في نفس السياق، أكد أن قطاعه يعمل على رفع مستوى عرض العقار الصناعي من خلال الإسراع في إنهاء أشغال تهيئة برنامج 50 منطقة صناعية جديدة عبر الوطن وانجاز مناطق صناعية جديدة على مستوى الهضاب العليا والجنوب وتشجيع المتعاملين الخواص على انجاز وتسيير مناطق صناعية جديدة، مع استغلال الأوعية العقارية الفائضة على مستوى المجمعات الصناعية لتوطين مؤسسات ناشئة ومؤسسات مناولة في مجال نشاط المجمع تسمح بتكوين مناطق صناعية مصغرة تسير من طرف هذه المجمعات.
طبي: مراجعة قانون مكافحة الفساد
من جانبه، كشف وزير العدل، حافظ الأختام، عبد الرشيد طبي، عن إعادة النظر في القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته وكذا تعزيز المنظومة القانونية الوطنية بميثاقٍ لأخلاقيات وسلوك العون العمومي لـ»ضمان الشفافية في تسيير المرفق العام».
وأكد وزير العدل خلال الاجتماع، أنه بغرض «توطيد قيم النزاهة والشفافية في تسيير المرفق العام وتعزيز آليات مكافحة الفساد وأخلقة الحياة العامة، سيعاد النظر في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته وستعزز منظومتنا القانونية بميثاقٍ لأخلاقيات وسلوك العون العمومي، لترسيخ روح المسؤولية وتعزيز مبادئ الحكم الراشد وضمان فعالية المرفق العام، استجابة لتطلعات المواطن إلى إدارة فعالة، مسؤولة وشفافة».
وأوضح أن «أخلقة الحياة العامة يرتبط بمسألة الوقاية من الفساد وأن تجسيد الاتجاه الجديد لبناء هذا الوطن الذي عانى لمدة سنوات من تفشي هذه الآفة التي تسببت في انهيار منظومة القيم والأخلاق في المجتمع يمر عبر مكافحتها».
واعتبر أيضا أن مفهوم أخلقة الحياة العامة وإن كان يتطلب مجموعة من الإجراءات التي تسمح للمواطن بممارسة حق النظر في كيفية إدارة الشؤون العامة عن طريق الآليات التي وضعها الدستور، إلا أن القضاء الإداري يلعب «دورا أساسيا» في بسط الرقابة على أعمال الإدارة من خلال دعاوى الإلغاء أو دعاوى التعويض، مذكرا بهذا الخصوص بعديد القضايا التي يعرفها القضاء والمرتبطة بالمشاريع التي غابت عنها عناصر الرشادة والشفافية، والتي تلوثت بعديد المخالفات المرتبطة أساسا بالتقييم المبالغ الذي تسبب في هدر المال العام أو المحاباة في منح المشاريع وعدم احترام القواعد العامة المتعلقة بالصفقات العمومية من قواعد الشفافية والمعايير الموضوعية أو سوء استغلال الوظيفة أو تضارب المصالح.
في سياق ذي صلة، تطرق طبي إلى حماية المسير المحلي، حيث ثمن بالمناسبة قرار رئيس الجمهورية، المتعلق بالتعليمة التي وضعت ضوابط تتعلق بحماية المسؤولين المحليين، نتيجة المخاوف من الوقوع تحت طائلة المتابعة الجزائية بسبب أفعال مرتبطة بالتسيير بمناسبة أدائهم لمهامهم.
واعتبر أن هذا القرار «سيساهم في تحرير المبادرة والمساهمة في الإنعاش الاقتصادي، على اعتبار أن بعض الأفعال المجرمة تتعلق أساسا بأعمال الإدارة والتسيير، يغلب عليها الطابع المدني وتستدعي أن يتحمل فيها المسير المسؤولية التأديبية أو المالية، بما فيها جبر الأضرار أو تقرير حق إبطال التصرفات أو المستندات الناتجة عن مخالفة الالتزامات المحددة قانونا، دون اللجوء إلى المتابعة الجزائية لما ترتبه من عوائق تثبط من عزيمة المسيرين وإرادتهم، وهو ما تسعى الحكومة إلى تكريسه من خلال رفع التجريم عن أفعال التسيير بتعديل بعض أحكام القانون التجاري وقانون العقوبات».
كما كشف طبي بالمناسبة، عن «التحضير لإعداد مشروع قانون ينظم علاقة الإدارة بالمتعامل الاقتصادي، اعتبارا لتأثيرها على توفير المناخ الكفيل للرقي بالاقتصاد الوطني. كما أن إنشاء محاكم إدارية للاستئناف تجسيدا لمبدأ التقاضي على درجتين، من شأنه أن يسمح بمراجعة ما تعتقد الإدارة أنه خطأ يشوب الحكم الإداري الصادر ضدها».
وأرجع الوزير التفكير في هذه الاجراءات، إلى كون أن العدالة تعرف «حجما متزايدا» للمنازعات المتعلقة بفسخ عقود الامتياز على الأملاك العمومية الممنوحة في إطار الاستثمار لعدم استكمال تنفيذها في الآجال. والملاحظ أنه وإن كانت هناك حالات تقاعس من قبل المتعامل الاقتصادي، إلا أن القضاء شهد منازعات لا يكون التأخير في إنجاز المشاريع راجعا للمتعامل نفسه، وإنما إلى البيروقراطية المؤدية إلى عدم تمكين المتعامل من الرخص الإدارية اللازمة في الآجال.
كما تشهد الجهات القضائية الإدارية منازعات تتعلق بفسخ الصفقات العمومية لأسباب مرتبطة بعدم نضج المشاريع بسبب «إسناد الدراسة لبعض مكاتب الدراسات غير المؤهلة»، هذا إضافة إلى أن القضاء الإداري يشهد قضايا نوعية أخرى منها ما يتعلق بـ»إشكالات مرتبطة بالترقيمات العقارية، لاسيما الأخطاء الناجمة عن عدم إنجاز تحقيقات عقارية معمقة، وكذا أخطاء في الرفع المسحي».
وسجل «تقاعس الإدارة في متابعة قضاياها على مستوى القضاء الإداري أو تقاعسها في اتخاذ القرار الإداري المناسب الذي يدخل في إطار صلاحياتها والإيعاز إلى المواطن باللجوء إلى القضاء لاستيفاء حقوقه»، مضيفا أن «سرد بعض الإشكالات المطروحة أمام القضاء الإداري يهدف إلى التحسيس بآثار هذه الممارسات على مستوى الإدارات العمومية، والتي بتشخيصها يمكن إيجاد الحلول الكفيلة بتجنيب المواطن والإدارة عبء التقاضي وتكاليفه، وذلك ترشيدا لسياسة الإنفاق العمومي، كما من شأنه أيضا أن يكون عاملا لتشجيع مناخ الاستثمار وعدم كبح روح المبادرة».