طباعة هذه الصفحة

الوزير الأول يختتم اجتماع الحكومة والولاة

نحو إعادة النظر في قانوني البلدية والولاية

حمزة محصول

 تحقيق الأمن الغذائي والصحي في 18 شهرا

قانون جديد للصفقات العمومية

دعا الوزير الأول، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمن، أعضاء الطاقم الحكومة وولاة الجمهورية إلى التجند من أجل تحقيق البرنامج «التنموي الطموح»، خاصة في الشق المتعلق «بالاستثمار»، وأكد أن التعليمات والتوصيات المستخلصة لن تظل حبيسة الأدراج وستحظى بالمتابعة الدورية والمراقبة.
على الرغم من أن الشعار المختار له هو: «إنعاش اقتصادي، توازن إقليمي، عدالة إجتماعية»، إلا أن تحريك عجلة الاستثمار بشكل عملي ملموس، كان العنوان الأبرز لاجتماع الحكومة والولاة، الذي اختتم، أمس، من قبل الوزير الأول وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمن.
وعلى مدار يومين، وبعد توجيهات رئيس الجمهورية، خرجت الحكومة برؤية جديدة لإدارة الشأن العام، قائمة على التحكم الأنجع في الفعل الاقتصادي، من خلال تذليل الإجراءات ووضع قاعدة بيانات محلية ووطنية.
هذه الرؤية، التي فصل الوزير الأول وزير المالية في عناصرها، في كلمته الختامية، ترمي إلى تجسيد ميداني لأهداف برنامج رئيس الجمهورية الذي وصفه «بالطموح والنهضوي».
وتكمل التوصيات التي خلص إليها اللقاء الثالث من نوعه، مخطط عمل الحكومة الذي صادق عليه البرلمان، الخميس الماضي، «خاصة فيما يتعلق بشق الاستثمارات في كافة المجالات التي نعتبرها روافد حقيقية للاقتصاد الوطني كالفلاحة والصناعة والسياحة والصناعة الصيدلانية، والطاقة والمناجم، والمؤسسات الناشئة والمصغرة».
وأكد بن عبد الرحمن، أن مشروع قانون الاستثمار الجاري إعداده يختلف عن النصوص السابقة، إذ سيضمن استقرارا مستداما بما يحفز المتعاملين الاقتصاديين، حيث تمت مراجعته رفقة نصوصه التطبيقية»، قائلا: «إن هذا يعتبر في حد ذاته إنجازا عظيما، إذ كان لدينا قانون الاستثمار ولكن لم تكن هناك نصوص تطبيقية كفيلة بمراعاة كل انشغالات المتعاملين والمسيرين».
وتابع: «نحن بصدد القيام بضبط استعمال العقار بكل مكوناته، سواء كان عقارا سياحيا أو صناعيا أو فلاحيا، ونحن بصدد استرجاع كل العقارات التي منحت ولم تستغل حتى الآن، أو التي منحت بطرق غير قانونية».
وشدد على أن الوقت قد حان لإعادة منح العقار للمستثمرين الحقيقيين، «كما حان الوقت لمنح الأرض الفلاحية لمن يخدمها».
 ولم يخف الوزير الأول وزير المالية، «أن الأهداف المرحلية الكبرى للدولة، تتمثل أساسا في تحقيق الأمن الغذائي، والوصول إلى الأمن الصحي»، قائلا: «كفانا أن نبقى سجناء لتذبذبات وتغيرات أسعار المواد الأولية على الساحة الدولية، فحان الوقت للجزائر أن تسترجع هيبتها في مجال الاكتفاء الذاتي، خاصة فيما يخص الحبوب».
ودعا ولاة الجمهورية إلى مراعاة هذه الأولية الإستراتيجية «التي تعتبر أولية الأوليات في المجال الاقتصادي»، واضعا أجلا زمنيا «لا يتعدى 18 شهرا من أجل الوصول إلى هذا المبتغى وهذا الهدف».
وطمأن الوزير الأول، بأن الإدارة لن تكون عقبة أمام المستثمرين الحقيقيين، ولن تكون خصما لها، «فهي مرافق وفي ونزيه وفعال في إنجاح المشاريع الاستثمارية».
إحصاء شامل
ومن أجل التحكم في تنفيذ المخطط التنموي الاقتصادي، وعقلنة الجانب العملياتي منه، أعلن أيمن بن عبد الرحمن وضع منظومة إحصائية إستراتيجية، تسمح بوضع اليد العمومية على المعلومة الدقيقة بما يسمح باتخاذ القرار الملائم.
وقال، إن الحكومة على يقين بأنه لا يمكن لأي سياسة تنموية أن تنجح ما لم تكن مبنية على معلومات دقيقة تسمح بصياغة سياسات عمومية من شأنها تغيير الوضع الاجتماعي وتحسين ظروف معيشة المواطن.
كما يرتبط التسيير العمومي بشكل وثيق بالتقييم الصارم للانعكاسات الناجمة عن السياسة التنموية، وهو ما يتطلب رصدا دقيقا للإمكانات والنقائص والاحتياجات.
لذلك، يؤكد بن عبد الرحمن «ستعمل الحكومة على استكمال الإحصاء العام للسكان والإسكان قبل نهاية السداسي الأول لسنة 2022، حيث ستمكن هذه العملية من ضبط التعداد السكاني والخصائص الديموغرافية وتقديم بيانات دقيقة حول مؤشرات النمو الاقتصادي الفعلي».
وأفاد بالعمل على تقوية الشبكة الإحصائية المحلية وإنشاء قاعدة بيانات مرجعية للإمكانات والمؤهلات المحلية لكل بلدية وكذا مؤشرات الانسجام والتناسق الاجتماعي عن طريق مسح إحصائي بلدي شامل.
وسيسمح هذا المسح «بتوجيه سياسات التنمية وتكريس مقومات التنمية العادلة لكافة الفئات والمناطق وتقليص فوارق التنمية بينها، تأخذ بعين الاعتبار المعطيات والمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية لكل منطقة».
وسيقوم الجهاز التنفيذي، خلال الأسابيع القادمة، بإطلاق «عملية الإحصاء الاقتصادي الذي يوفر قاعدة بيانات خاصة بالكيانات الاقتصادية والإدارية من غير الفلاحة، مهما كانت طبيعتها القانونية».
وأفاد بوجود عدة منشآت وهياكل إدارية واجتماعية منجزة وغير مستغلة، وبالتالي وجب إجراء هذا الإحصاء حتى نقف على الاحتياجات الحقيقية للجماعات المحلية.
ودعا ولاة الجمهورية للعمل على المساهمة في إنجاح هذه «العملية التي تكتسي طابعا استراتيجيا، حيث ستسمح لنا بإعداد وإثراء قاعدة المعلومات الاقتصادية التي تحتاجها الحكومة من أجل صياغة السياسات التنموية الوطنية والمحلية».
 استرجاع الثقة
كما جدد الوزير الأول وزير المالية، تذكير الولاة، بالأهمية التي يوليها رئيس الجمهورية لمسألة استرجاع ثقة المواطن، كونها مفتاح كل مشروع تنموي، لكنها «لا تستعاد إلا برفع مستوى نجاعة أداء المرفق العام وتخفيف الإجراءات الإدارية».
كما ينطلق مسعى استرجاع الثقة من «وضع الجماعات المحلية في دورها الجواري الأصلي، لهذا حان الوقت للتفكير بجدية في تجسيد لامركزية حقيقية في تسيير الشؤون العامة من شأنها أن تكون محركًا للتنمية»، يؤكد المتحدث.
 ليضيف، بأن الوقت قد حان لمنح المزيد من الصلاحيات، إلى البلديات قصد تحسين نوعية الخدمات العمومية وزيادة كفاءة أداء الإدارة المحلية وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
 وأوضح بأن التجسيد الفعلي للامركزية يستوجب ضمان وبشكل دائم، «رقابة ومتابعة لعمل الإدارة المحلية ودعمها في تنفيذ مهامها وكذا توفير آليات قوية لتطبيق مبدأ المساءلة لضمان حسن استغلال الموارد المحلية».
وقال في السياق، إن المواطن يتطلع إلى مزيد من الشفافية والمساءلة ويطالب بمزيد من القرب من العمل المحلي، فضلا عن الخدمات وفرص أفضل وأكبر للمشاركة والمساهمة في اتخاذ القرار والتشاور معه حول خيارات أولويات التخطيط والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وخاصة مع فئة الشباب.
وأعلن عن إعادة النظر في قانوني البلدية والولاية، حيث ستنصّب ورشات الإصلاح الخاصة بذلك في الأسابيع القليلة القادمة.
ذهنية جديدة للتسيير
وشدد أيمن بن عبد الرحمن على أهمية إصلاح أساليب تسيير المرفق العام المحلي من «خلال مقاربة عقلانية واقتصادية وفعالة عن طريق إدخال طرق جديدة ومبتكرة في التسيير».
وقال مخاطبا الولاة: «أنتم مطالبون بالخروج من فكرة الحدود الإقليمية للبلديات والولايات، والعمل على الاستغلال الأمثل للمرافق العمومية المتواجدة في الأقاليم المجاورة وكذا الربط المشترك بمختلف الشبكات.
كما أكد على الخروج «من منطق الاتكالية واستهلاك الميزانية، إلى منطق نشط لاقتصاد وخلق الثروة، والدخل المستدام في إطار الاعتماد على رؤية مشتركة للتنمية بين مختلف الجهات الفاعلة والأقاليم».
وفي السياق، أعلن عن الانتهاء من وضع القانون الخاص بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، وسيعرض قريبا على البرلمان، وسيسمح بإضفاء طرق عصرية وأكثر نجاعة لتسيير المرفق العام بفضل الإضافات الجديدة التي ستتيحها هذه الشراكة من عصرنة وإدخال للتكنولوجيات الحديثة.
ودعا إلى عقلنة الإنفاق ومحاربة التبذير وضمان تسيير ناجع للبرامج التنموية على المستوى المحلي، وتفادي التأخير في الإنجاز الذي يؤدي إلى إعادة التقييم وهو ما يثقل كاهل ميزانية الدولة.
 وتحدث الوزير الأول، عن أرقام مهولة ناجمة عن إعادة تقييم المشاريع التي سجلت ولم تنطلق أو تعرف تأخرا منذ عدة سنوات. على غرار خط السكة الحديدية بين تيزي وزو والثنية، سجل سنة 2008، بقيمة 101 مليار دج ليقفز تقييمه النهائي إلى 390 مليار دج.
وقال، إن المشاريع كانت تنطلق دون نضج ولا دراسة، مما جعل الخزينة العمومية المتضرر الأكبر.
قانون جديد للصفقات العمومية
في سياق آخر، أعلن بن عبد الرحمن عن قرار مراجعة قانون الصفقات العمومية، أمام العراقيل التي انجرّت في القانون الحالي وعلى مستوى المرفق العام، وسيراجع إلى جانب قوانينه التطبيقية لجعله أكثر نجاعة وأكثر شفافية وأكثر مرونة .
ودعا الولاة إلى إيلاء أهمية قصوى لضمان تخصيص أفضل للموارد المالية وتحديد للأولويات، وكذا التسريع في إنجاز المشاريع التي تسير بوتيرة أقل من المطلوب، «فلا مجال لتضييع مزيد من الوقت».
وكشف في السياق، عن شروع الحكومة على مستوى وزارة النقل، في استقبال المستثمرين الراغبين في اقتحام مجال النقل الجوي الداخلي، واستغلال الإمكانية الكبيرة لتطوير القطاع وما يمكن أن يلعبه من دور في تعزيز جاذبية الأقاليم، وفك العزلة وإنعاش النشاط الاقتصادي والسياحي.
ودعا الوزير الأول، إلى تشجيع ثقافة التأمين لدى المواطنين، من أجل مواجهة الأعباء الكبرى للأزمات والأخطار، والتي كلفت الدولة 5 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين 2005 و2020.
منتخبون محليون نزهاء
وتحسبا للانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل، عبر الوزير الأول عن أمله في أن تسفر عن مسؤولين محليين ذوي كفاءة ونزاهة بعيدين عن شبهة المال الفاسد، من شأنهم الرفع من أداء التسيير على المستوى المحلي.
وقال إن جهود هؤلاء المنتخبين الجدد ستضاف إلى جهود الولاة «بمعية كافة الإطارات المحلية التي ينتظر منها العمل على إعطاء الدفع اللازم للتنمية المحلية والعمل على التكفل الأفضل بانشغالات المواطنين».
وشدد في الختام على أن التوصيات لن تظل حبيسة الأدراج، «وسنكون ملزمين بالتقييم الدوري لمدى تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه، عبر آليات سيتم دراستها في اجتماعات الحكومة».