طباعة هذه الصفحة

أساتذة يضطرون لنسخ الدروس لتدارك التأخّر

أزمة كتاب مدرسي بعد 10 أيام من بداية الموسم

خالدة بن تركي

طوابير أمام المكتبات الخاصة وديوان الكتب

عادت أزمة اقتناء الكتاب المدرسي لتطرح من جديد، لكن بشكل آخر هذا الموسم الدراسي، متسببة في ضغط كبير على الأولياء، نتيجة تحويل عملية التوزيع إلى المكتبات الخاصة وديوان الكتاب المدرسي، بعد رفض مديري المؤسسات التربوية والمقتصدين عملية البيع، بسبب حرمانهم من فائدة 8%.
أجمع فاعلون في قطاع التربية، أن أزمة الكتاب المدرسي تفاقمت بعد مرور 10 أيام من الدخول المدرسي، بسبب سوء التوزيع، لأن العدد المطبوع يكفي لكل التلاميذ، إلا أن رفض مديري المؤسسات التربوية والمقتصدين البيع، حول عملية بيع الكتاب إلى تجارة وبأسعار مرتفعة.
سوء التوزيع
من جهته الناشط التربوي ومدير متوسطة بولاية المدية كمال نواري، أكد في تصريح لــ «الشعب» أن أزمة الكتاب نعيشها كل سنة، لكنها تفاقمت هذا الموسم بشكل جعل المكتبات وديوان الكتب يعيش طوابير طويلة على مدار أسبوع كامل، وجعل الأولياء في رحلة بحث عنها بين المدارس، المكتبات الخاصة وديوان الكتب، ليقع هؤلاء ضحية سماسرة حولوها إلى تجارة.
قال كمال نواري، بخصوص إشكالية الكتاب المدرسي، إن الكل يعلم أن عملية الطبع والتوزيع تمت قبل خروج التلاميذ إلى عطلة الصيف ووفق تعداد التلاميذ في كل ولاية ومؤسسة تربوية، لكن بعض مراكز توزيع الكتاب الولائية وقعت في عدة أخطاء، من بينها أنها وزعت الكتب المجانية فقط على المؤسسات بسبب رفض المدير أخذ حصة الكتب التي تباع للتلاميذ، بينما في بعض الولايات ألزمت المؤسسات بأخذ كل الحصة أي المجانية والمبيعات.
وأضاف في سياق موصول، أن رفض بعض مديري المؤسسات التربوية راجع إلى مطالبتهم بنسبة فائدة تقدر بـ8% مثل المكتبات الخاصة، إلى جانب سوء تقدير بعض مراكز توزيع الكتاب الولائية «سي.أر.دي.بي» في عملية التوزيع، كونها لم تأخذ بعين الاعتبار المخزون السابق من الكتب في المؤسسات التربوية، وفي حالة الاحتياج نجد مؤسسة بها كتب مكدسة، بينما في مؤسسات أخرى نفد المخزون، ليدخلوا في رحلة بحث عن الحصة التي تلبي العدد الكافي من التلاميذ، وبين هذا وذاك يقع الأولياء ضحية النفاد والغلاء.
لا تأثير على سير البرنامج
صرح كمال نواري، أن أزمة بيع الكتاب لا تؤثر على سير البرنامج ولا ينجر عنه أي مشكل ولا تأخر سير الدروس لعدة أسباب، لأن عملية البيع قليلة في كل موسم دراسي وذلك راجع إلى أن أغلبية التلاميذ يستفيدون من الكتاب، إما بالمجانية «معوز» أو من أبناء قطاع التربية أو من تلاميذ السنوات الماضية، أي كتب مستعملة ليست جديدة، في حين الكتب التي تلقى رواجا في عملية البيع هي دفاتر الأنشطة ذات استعمال مرة واحدة.
ومن الحلول التي اجتهد فيها بعض التلاميذ خلال هاتين السنتين الدراسيتين، خاصة في الطور الابتدائي، شراء كتاب واحد مشترك، خاصة للذين يدرسون في نفس المستوى لكنهم في فوجين مختلفين. والكل يعلم أن الدراسة تتم بالتفويج، وبذلك يتم الاستعانة بكتاب واحد لكل تلميذين كحل للنقص المسجل من جهة وتخفيف الأعباء على الأولياء من جهة أخرى.
وتعتبر الكتب المدرسية المستعملة التي يعرضها الباعة في الساحات العمومية بأسعار أقل مقارنة مع الجديدة، الحل لأزمة الكتاب المدرسي، خاصة لدى الأسر محدودة الدخل التي لا يمكنها توفير كل الكتب لأبنائها، ما يجعلها مضطرة للبحث عنها في أرصفة الشوارع لاقتنائها بأسعار معقولة، لكنها تبقى الحل لأزمة الكتاب المدرسي.
إشراك الجماعات المحلية
يرى الأستاذ كمال نواري، أنه يجب المرور إلى الحلول على ضوء استمرار مشكل سوء التوزيع وهذا بإشراك الجماعات المحلية في توزيع وبيع الكتاب المدرسي، أي فتح نقاط بيع في كل البلديات وترك مجال مفتوح للمبادرة وعدم تحديد موعد غلق عملية البيع وبقاء العملية طيلة الموسم الدراسي، لكي يتمكن الولي شراء الكتب لأبنائه في نهاية السنة الدراسية في حال انتقالهم لمستوى أعلى ولم تتغير الكتب، أي بقاءها صالحة لموسم دراسي آخر، ونخفف الضغط في بداية الموسم.
وأكد أيضا، ضرورة التوجه نحو إلغاء التعاقد مع المكتبات المعتمدة الخاصة لبيع الكتب بسبب ارتفاع أسعارها، خاصة التي لا تحترم الأسعار المتفق عليها، مع تحديد نسبة فائدة للموظف الذي يقوم بعملية بيع الكتب المدرسية وتمنح له كمنحة صندوق مقدرة بـ8 بالمائة، وتقديم جميع التسهيلات على مستوى المدارس والهياكل التربوية لضمان سير العملية بشكل أسهل وأسرع.
تعميم البيع الإلكتروني
قال كمال نواري، باعتباره مدير متوسطة، إن تسيير الأزمة ينطلق من الديوان الذي يجب أن يتكفل بنقل الكتب إلى المؤسسات التربوية حتى لا تقع اختلالات في عملية التوزيع. ومع ذلك، فإن العملية جارية بنفس وتيرة السنة الماضية في الطور المتوسط ولم تتوقف، لأن المهم تمدرس التلميذ في ظروف جيدة، خاصة مع الظرف الاستثنائي الناتج عن وباء كورونا.
والأهم في كل هذا- يضيف المتحدث- أن الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية مطالب بتعميم البيع الإلكتروني مثل ما هو معمول به، وهي فكرة جيدة، حيث تصل الكتب إلى العائلات بنفس الأسعار، مع إضافة مبلغ التوصيل إلى البيت. وتم الاتفاق مع مؤسسة «جوميا» الجزائر لضمان سير العملية، ولو تعمم على جميع الولايات ستعود بالفائدة على الجميع.
تأخر الدروس
من جهتها، أكدت أستاذة التعليم الابتدائي بولاية جيجل، أن أزمة الكتاب دفعتهم إلى اللجوء لنسخ الدروس كحل مؤقت من أجل تقدم البرنامج لكن لا بديل عن الكتاب. بينما إذا لم يتدارك التأخير فعدم إنهاء البرامج سيكون نتيجة حتمية لا يمكن تداركها.
وقالت الأستاذة في ذات السياق، إنه مع تفاقم الأزمة وصلتهم أخبار عن استرجاع الكتب من المكتبات إلى المدارس لسد العجز، إلى ذلك الحين نحن كأساتذة «نحاول المباشرة في تقديم الدروس بدون إجبار التلميذ على اقتنائها وذلك بطلب من مدير المؤسسة»، خاصة وأننا تلقينا تعليمة بعدم فرض الكتب على التلميذ إلى حين توفرها.
بدوره الأستاذ عمار بابتدائية ببرج الكيفان، قال إن التأخير يطرح كل سنة، لكنه يتدارك في الأخير. لكن ما لوحظ هذا الموسم الندرة بسبب بيع الكتب بالمكتبات الخاصة، ما جعلهم يقدمون الدروس من خلال نسخها لعدم التأثير على سير البرنامج الدراسي.
من جهتها اشتكت أستاذة بولاية باتنة، من تسجيل نقص بالنسبة إلى كتب الجيل الثاني للسنوات الثالثة والرابعة ابتدائي، كما تم تسجيل انعدام بعض العناوين للسنة الثالثة ابتدائي، ككتب التربية الإسلامية والتربية المدنية، ما سبب مشاكل كبيرة للتلاميذ والأساتذة الذين باتوا مجبرين على نسخ الدروس بصفة يومية.
في المقابل، تشهد بعض المدارس في العاصمة- بحسب تصريح الأساتذة – لـ»الشعب»، وفرة في الكتاب المدرسي يطبعها التفاؤل بانطلاق موسم دراسي ناجح يمتاز بالجد والعمل، إلا أن هذا الاختلال بين المؤسسات التربوية الواقعة في المناطق الكبرى والولايات الداخلية ناتج –بحسبهم- عن سوء التوزيع واختلال في عمليات البيع.
من جهتهم يعيش الأولياء ضغطا رهيبا بسبب رحلة البحث اليومية عن الكتاب المدرسي لمختلف الأطوار، الأمر الذي أثار غضبهم وجعلهم يتساءلون عن سبب الندرة، خاصة بعد رفض مديري المدارس بيع الكتب، استجابة لتعليمة ترخيص بيعها خارج المؤسسات التربوية، ما خلق أزمة توزيع في الكثير من الولايات.