طباعة هذه الصفحة

المرحوم الحاج رابح درياسة

إرث مادي حفظه جيل الإستقلال

أمينة جابالله

رحل أمس الجمعة عن دار الدنيا إلى دار الحق صاحب الخامة الحنونة ومنبع الكلمات الوطنية والأغاني الملتزمة الهادفة الفنان القدير الحاج «رابح درياسة» عن عمر يناهز 87 سنة، تاركا وراءه رصيدا فنيا معبق بنفحات الأصالة، يحمل في طياته إرثا لاماديا حفظه عن ظهر غيب جيل الإستقلال، وواكب مضمونه جيل الجزائر الجديدة، المنتمي إلى أصل ثابت في الأرض المسقية بدماء الشهداء وفروعه ستبقى إلى الأبد تعانق علو سماء.
حظي المرحوم الفنان الحاج رابح درياسة بمعزة كبيرة ومكانة قديرة في قلوب المجتمع الجزائري والعربي، لاسيما الجالية الجزائرية الساكنة في أرض المهجر، وحظيت معه مسيرته الفنية أسمى معاني الاستحسان وأعلى مراتب الفن الملتزم الموسوم بالتغني بحب وعشق تراب وسماء وأصالة وأبناء ورجال وتاريخ وشهداء وحرائر الجزائر.

الحاج رابح درياسة.. باختصار
رابح درياسة مغن ومؤلف وموسيقي وملحن وكاتب كلمات من رواد وعباقرة الأغنية الجزائرية الأصيلة، متشبع بالطابع الشعبي الجزائري البدوي الأصيل ولد في15 جويلية 1934 بعاصمة الورود البليدة، عرف عن عائلته ابنه المغني عبدو درياسة الذي أعاد في عدة حفلات أغاني والده بل وأبدع فيها وحقق بكل نبرة عانقت المشاعر المقولة الشهيرة «هذا الشبل من ذاك الأسد».

مشواره الغنائي
بدأ مشواره الغنائي سنة 1953 بعد أن عمل في الكثير من الميادين، لكن الفن كان المحطة الأبرز في تاريخه، حيث غنى للوطن والحب والجمال والأغنية الحكيمة. يغني الأغنية البدوية والجزائرية الملتزمة والمحترمة. يحظى الشيخ رابح درياسة بمكانة مميزة لدى الجمهور في الجزائر والخارج لسلامة وعذوبة أغانيه الخالية من الكلمات الماجنة ويحترمه كل الجزائريين بجميع مستوياتهم.

من أشهر أغانيه
كانت له مئات الأغاني والأناشيد الوطنية والقصائد نالت العديد منها شهرة كبيرة داخل الوطن وخارجه، منها يحياو ولاد بلادي، الأغنية التي حيا بها الخضر يوم تأهلوا إلى كأس 1982 وبقيت هذه الأغنية مشهورة إلى اليوم تترددها الأجيال كلما فاز الخضر، كما أدى عدة فنانين بعض من بينهم الفنانة السورية أصالة نصري في أغنية « نجمة قطبية طلت عقب
الليل عليا» الذي كان من أحب الأغاني إلى والدها الذي كان صديقا مقربا للمرحوم.
فهاهي بعض عنواين أغانيه قد اصطفت طواعية في وقفة احترام وتوديع ووقفة تجديد لوعدها بالصمود وكيف لا، وهي منقوشة على جبين تراث أمنا الجزائر:
•الممرضة
• التفاحة
• نبغيك نبغيك
• نجمة قطبية
• القمري
• يا محمد
• يا راشدة    
• يا عبد القادر
•أ ولاد بلادي
• جولة في الجزائر
• الساعة
• ياحجاج بيت الله ومقام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
• أنا جزائري.
 فلا يسعنا المقام إلا أن نترحم على هذه الشخصية الفنية العزيزة التي تغنّت للوطن والحب، والجمال وللأغنية الحكيمة، البدوية الجزائرية الملتزمة، ولن نقول وداعا بل نقول إلى اللقاء يامن اجتهدت لتبقى متميزا في أداء الأغاني عبر محطات الجزائرالخالدة، ونعاهدك بأن أغانيك القديرة ستبقى سارية بين القلوب والحنايا كسريان الدماء في الشرايين، فحتى وإن رحلتَ عنا ستبقى موسيقاك السكن الدائم في ضمير كل جزائري من الحدود إلى الحدود، فيا أرض الجزائر إحتضني جثمان صاحب أجمل الأغاني التي تقلدت مرتبة سفير للفن الهادف الراقي وما أبت بعد رحيل صاحبها إلا أن تبقى نائبة عنه وعن إرثه الذي عاش مخاض الجزائر المستقلة ورأى نور طيفه بوادرالجزائر الجديدة القوية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.