طباعة هذه الصفحة

حدث وحديث

الوحدة مفتاح الحل

فضيلة دفوس
10 أكتوير 2021

 لازال الانقسام يسبّب متاعب كبيرة لليبيا، ويكبح تقدمها نحو استكمال مسار الانتقال السياسي، بل ويهدد بعرقلة الانتخابات - لا قدّر الله - التي يعول عليها الجميع لطي عقد كامل من التأزّم والعنف والفوضى.
الشرخ الذي أحدثته خلافات وتجاذبات أطراف الأزمة في ليبيا ما زال في اتساع، وفرصة الخروج من النّفق تضمحل مع ما نسجله من تعنّت لهذه الجهة والأخرى، ومحاولة البعض انتزاع مكاسب سلطوية عبر فرض قرارات أحادية، ظاهرها بريء وباطنها ينم عن أنانية وانتهازية وطمع في الاستحواذ على الحكم عبر قوانين وقرارات مفصلة على المقاس، ليبيا اليوم وإن كانت قد تخلصت من صخب السلاح الذي أزعجها لسنوات، فإنها لم تستعد عافيتها بعد، لأن هناك من يريد رهن مستقبلها، ويربط خروجها إلى برّ الأمان بحصوله على مناصب قيادية وإلا فإنّه مستعد للعودة بالوضع إلى المربع الأول، ومعنى هذا أن العملية السياسية الليبية في خطر، إن لم تتحرك المجموعة الدولية لتقيّد أيدي العابثين بمستقبل ليبيا وتفرض إجراء الانتخابات بموعدها وترفض القرارات والقوانين الأحادية، وتصر على أن يحظى الإطار القانوني للاستحقاقات بإجماع وتوافق كل أبناء ليبيا في الشرق والغرب والجنوب.
هناك مسألة أخرى تثير الكثير من المخاوف، وهي معضلة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، فإذا كان هنالك إجماع داخلي وخارجي على حتمية إنهاء وجودهم، فان مسألة الخروج هذه تطرح أكثر من علامة استفهام تتقاطع جميعها في معرفة مكان توجّه هذه القوات، إذ لا يعقل أن تتخلص ليبيا من حملها الثقيل، ليحطّ التهديد الأمني بدول أخرى وتحديدا دول الساحل الإفريقي التي أصبحت للأسف الشديد نقطة استقطاب للإرهابيين والمجرمين.
الأخبار المتداولة من ليبيا عن بدء خروج المرتزقة بقدر ما يريح القلوب، فهو يؤجّج المخاوف من مآل هذا الخروج، المفروض أن يتم بشكل منظّم وعبر آلية ومراقبين يضمنون إجلاءهم، والأهم عدم تنقلهم إلى دول أخرى وفتح جبهات توتر جديدة.
ليبيا اليوم في مفترق الطرق، وعلى الليبيين أن يختاروا الطريق الأسلم والأقصر للتخلص من الأزمة، والتوفيق في هذا الاختيار، مرهون بتجاوز الحسابات الفردية والمناطقية الضيقة وتحقيق الوحدة التي تعتبر بالفعل مفتاح الحلّ، كما أن الجزائر يمكنها أن تلعب دورا محوريا في مساعدة الشقيقة الشرقية على تجاوز معضلتها والانطلاق في إعادة البناء.