طباعة هذه الصفحة

تجارب ناجحة

زهير فدسي ومحمد بوحالة شابان لم تقف العوائق أمام تحقيق حلمهما

بورتريه: جمال كربوش

عندما تعطي الإرادة الفرصة لن تقبل بأقل من المستحيل

 إلى وقت قريب، كان الحديث عن زراعة الموز في الجزائر أشبه بمن ينحت على الماء، أو ضربا من الخيال، لكن تّجربة الرّائدة التي عرفتها ولاية جيجل في شعبة الموز، كانت بفضل المستثمِريْن زهير فدسي ومحمد بوحالة، وقد تركت انطباعات جيّدة وأثرا طيّبا وسط الشباب في الولاية، وهو ما أصبح حافزا لشباب آخرين.
البدايات..
 بداية هذا الاستثمار كانت في الموسم الفلاحي 2016 - 2017، بعد الإرتفاع الجنوني لسعر الموز في الجزائر، الذي ناهز 800 دينار جزائري للكيلوغرام الواحد، وهو ما دفع بالشابين للبحث عن آليات تجسيد هذا المشروع، فكانت بدايتهما بالعثور على مشتلة تزوّدهما بالشتلات، وكان لهما ذلك، حيث عثرا عليها بمدينة البليدة، زوّدتهما بشتلات الموز من نوع «كروند لان»، المستوردة من دولة الإكوادور.
انطلقا في المرحلة الأولى بزراعة الشتلات داخل البيوت البلاستيكية متعدّدة القبب، وكان ذلك بتاريخ 15 سبتمبر 2019، ليدخلا مرحلة العناية بأشجار الموز على مدار العام، باستعمال السّماد والسّقي عن طريق الرش بالتقطير، إلى غاية بداية الإنتاج في 20 نوفمبر 2020، وبعدها تمّ الدخول في مرحلة التسويق، رغم الصّعوبات التي واجهت نشاطهما والمتمثّلة في نقص مياه السقي في فصل الصيف، وكذا الكهرباء لاعتماد المستثمرتين على الرش بالتقطير الذي يتطلّب الطّاقة الكهربائية، وكذا عملية التهوية الخاصة بالبيوت البلاستيكية متعدّدة القبب.
دعم ومرافقة مرافقة الشابين بدأت منذ قبول ملفيهما على مستوى وكالة «أونساج» سابقا و»أناد» حاليا بجيجل، حيث قدّمت الوكالة للشابين الدّعم اللازم لتجسيد المشروع، بزراعة الموز وإنتاج الشّتلات في البيوت البلاستيكية متعدّدة القبب، كما ينتظر منها أيضا تقديم الدعم لهما في مرحلة توسيع النشاط.
في إطار المرافقة الميدانية للمشاريع الفلاحية، وخاصة الفلاحين الشباب، قامت الغرفة الفلاحية لولاية جيجل منذ الوهلة الأولى، رفقة ممثّل شركة «فرتيال» بزيارة ميدانية إلى مستثمرتي فدسي زهير وبوحالة محمد بمنطقة جيمار، وكانت الزيارة تهدف إلى إعطاء الشابين توجيهات ونصائح من أجل السير الحسن للمشروعين.
ولقيت تجربة الشابين صدى واسعا، وهو ما رفع عدد المقبلين على هذه الشّعبة إلى 10 فلاحين، وهم حاليا في مرحلة إتمام الإجراءات، خاصة بعد دخول عدة صناديق في تمويل هذه المشاريع، وكالة دعم وتنمية المقاولاتية «أناد» والصّندوق الوطني للتأمين على البطالة، وهذا سيكون في صالح الفلاحين لتحقيق نجاحات أخرى، هذا مع تواجد الغرفة بشكل دائم إلى جانب الفلاح، حتى في مرحلة تسويق الإنتاج.
جمعية لمنتجي الموز
 لتوفير الإطار القانوني، تمّ تأسيس جمعية ولائية تضم منتجي الموز، التي يتكوّن مجلسها من 23 عضوا، أما مكتب الجمعية فيتكوّن من 09 أعضاء، وانتخب الشاب زهير فدسي رئيسا للجمعية.
تهدف هذه الجمعية إلى إنشاء شعبة الموز على المستوى الوطني وتنميتها، والحصول على تسهيلات لإنجاح هذا النّشاط، وخلق إطار قانوني لحل المشاكل التي يمكن أن تعرقل توسيعه، والتي تتعلق أساسا بعقود الكراء، كون أغلبية الأراضي الممنوحة للاستثمار بعقود امتياز، أو لكون طبيعتها تحمل صفة العقود الجماعية بمعنى «الشيوع»، وهو ما يصعب عملية الحصول على القروض البنكية نظرا للشّروط التي لا تتلاءم مع الطبيعة القانونية لهذه الأراضي.
آفاق واعدة ولكن..
 يتّفق الشابان زهير ومحمد، على أنّ هذا المشروع واعد ومربح، وهو ما يدفعهما اليوم لمحاولة رفع رقم الأعمال، بالبحث عن أراضي فلاحية يمكن أن تكون حاضنة لاستثماراتهما، وبدل البيت البلاستيكي الواحد، يأملان في توسيع النشاط إلى أبعد ما يمكن، في إطار إمكاناتهما المتوفرة.
ويؤكّدان أنّ المرافقة التي حظيا بها منذ بداية المشروع إلى مرحلة الإنتاج والتسويق، أهمّها قيام شركة «فرتيال» بإنجاز تحاليل التربة مجّانا، والتي كانت بداية عملهما وانطلاقة تحضير التربة، وهو ما سهّل لهما عملية استعمال الأسمدة، وكذلك مياه السقي.
لكن تعترض هذا الاستثمار بعض الصعوبات تتمثل في نقص مياه السقي خاصة في فصل الصيف، وربط البيوت البلاستيكة بالكهرباء لتشغيل عملية السقي بالتقطير واستعمال التهوية، للحفاظ على درجة حرارة البيوت البلاستيكية والرطوبة معا، فالبيوت البلاستيكية تحتاج إلى درجة حرارة ملائمة لتوفير جوّ ملائم للموز، وهو المناخ الإستوائي. ولمعالجة المشاكل التي تعرقل هذا الاستثمار الواعد، يقترحان منح تسهيلات في عقود الكراء للأراضي الفلاحية، وتخصيص قطعة أرض لزراعة شتلات الموز حتى تسهّل نشاط فلاّحي هذه الشّعبة، ولِم لا تكوين قطب فلاحي متخصّص في زراعة الموز؟.
المصدر: مجلة التنمية المحلية العدد 4 (بتصرف)