طباعة هذه الصفحة

حدث وحديث

اتفـاق بحاجـة إلى وفـاق

فضيلة دفوس
22 نوفمبر 2021

عاش السودان فترة عصيبة بعد أن أدخله قرار قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بإزاحة المكون المدني عن قيادة المرحلة الانتقالية، في أزمة سياسية امتدت إرهاصاتها إلى الشوارع التي انتفضت ضد ما أسمته، بانقلاب العسكريين على المدنيين، وخطفهم للسلطة المؤقتة بغير وجه حق، واهتزت بمظاهرات واحتجاجات للمطالبة بعودة رئيس الوزراء المعزول عبد الله حمدوك الى منصبه والالتزام باتفاق جوبا للسلام الذي وضع خريطة طريق المرحلة الانتقالية.
انسداد سياسي خطير أدخل السودان لأزيد من شهر في متاهة من التوتر والاضطرابات التي أدت إلى سقوط قتلى، بسبب رغبة جامحة للعسكر في الانفراد بقيادة المجلس الانتقالي دون شراكة من أحد.
وبقراره هذا لم يكن البرهان يدرك بأنه يهز عش الدّبور، حيث اعترت البلاد موجة غضب مزلزلة، ولم يتردد الشعب السوداني في الخروج إلى الشوارع، كما فعلها قبل سنتين للإطاحة بالرئيس السابق عمر حسن البشير، لتتواصل الاحتجاجات والمظاهرات والنداءات المطالبة بالعودة إلى المسار الانتقالي والالتزام باتفاق السلام الموقع في عاصمة دولة جنوب السودان، والذي قضى بأن يتشارك السلطة الانتقالية كل من المكون العسكري والمدني، دون أن يكون لأحد منهما الحق في إقصاء الآخر، كما أصرت الشوارع الملتهبة على إطلاق سراح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وعودته إلى منصبه.
المكوّن العسكري الذي أدخل السودان في خرم إبرة، كان يعتقد بأنه قادر على تمديد زمن الانقلابات وبأنه باستطاعته ضمان استيلائه على سدة الحكم رغما عن إرادة الشعب، كما كان الأمر في العهود السابقة، لكن غاب عنه بان الوضع تغير، لهذا سرعان ما وجد نفسه، مع تزايد الضغوط الداخلية والخارجية، في مأزق حقيقي يبحث عن مخرج من المتاهة وعن حل يساعده على استعادة الهدوء من جهة، ولا يفقده كرسي السلطة الذي استأثر به من جهة ثانية، لهذا أفرج عن حمدوك لكن رفض عودته إلى منصبه، وهذا الأمر زاد طبعا من نقمة السودانيين وانتقادات الخارج، ما اضطره في النهاية للعدول عن قراره في اتفاق سياسي وقعه من عبد الله حمدوك ينصّ على استعادة المسار الانتقالي ويحمي مكتسبات السنتين الماضيتين.
التسوية التي جاءت لتطفئ النيران الملتهبة، لم تعجب الكثير من السودانيين الذين قرروا التزام الشوارع ومواصلة التظاهر، لكن عموما، رحبت المجموعة الدولية بالاتفاق السياسي الجديد، ودعت للالتزام بإنجاح المرحلة الانتقالية، فلا خيار أمام الشعب السوداني غير العمل يدا واحدة من أجل عبور هذه المرحلة الصعبة بسلام ووضع أسس متينة وسليمة لبناء السودان الجديد.