طباعة هذه الصفحة

الطاقات المتجدّدة والبديلة خيار المستقبل، هارون:

رسم الخطوط العريضة للانتقال الطاقوي

فتيحة كلواز

 هادف: ورقة طريق للمؤسسات الاقتصادية والمستثمرين

يفرض التحول الطاقوي نفسه كخيار اقتصادي مهم ومحوري للانتقال من استهلاك الطاقات الأحفورية إلى مصادر غير تقليدية بديلة وصديقة للبيئة واقتصادية أكثر، ولهذا يلح رئيس الجمهورية في كل مرة على الذهاب إلى مرحلة ما بعد المحروقات لما لها من دور ايجابي في تحريك العجلة الاقتصادية على اعتبار أنها البديل الآمن.
أجمع مختصون أن قرارات مجلس الوزراء الأخير بمثابة ورقة طريق لتجسيد التحول الطاقوي على أرضية الميدان، بالانطلاق من الجماعات المحلية واحترام المواصفات في البنايات من أجل ترشيد استهلاك الطاقة، وتفعيل التوجه نحو استغلال الطاقات المتجددة لتحقيق الكثير من الايجابيات على الصعيد الداخلي والخارجي.

استهلاك 30 ٪
 
اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور عمر هارون في اتصال مع «الشعب»، توجيهات رئيس الجمهورية حول تطوير الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقوية، بمثابة البداية ورسما للخطوط العريضة للانطلاق في التحول الطاقوي خاصة على المستوى المحلي، في إطار مرافقة الجماعات المحلية، المدارس ومرافق أخرى، ليظهر إلحاح رئيس الجمهورية المستمر خاصة في المرحلة الأخيرة على هذا التحول، لأن احتياطيات الجزائر من الطاقات الأحفورية كالغاز تعرف ارتفاعا كبيرا في الاستهلاك خاصة على المستوى الداخلي، ما يؤثر على قدرات الجزائر في التصدير مستقبلا آفاق 2030.
وذكّر المتحدث أن 98 بالمائة من إنتاج الجزائر للطاقة الكهربائية يعتمد على توربينات غازية، مؤكدا انه سبب في  استهلاك داخلي كبير جدا للغاز، يضاف إلى ذلك أن أغلب البنايات في الجزائر غير مطابقة لمواصفات ترشيد استهلاك الطاقة خاصة العزل، ما يرفع استهلاكها للطاقة، ومن هنا وكبداية يجب أن تكون الخطوة الأولى في التحول الطاقوي إعادة تهيئة السكنات التي يتم بناؤها لتصبح أقل استهلاكا للطاقة، من خلال تدفئتها عن طريق العزل الحراري.
في المقابل لابد من إطلاق برامج على المستوى المحلي، وقال المختص في هذا الصدد: «إن رئيس الجمهورية تحدث عن المدارس، المساجد، وعلى كل الإدارات العمومية خاصة في المناطق واسعة التشميس، استغلالها الطاقة الشمسية التي تعتبر تكلفتها منخفضة جدا وكذا الإنارة العمومية.»
لاحظ الدكتور أن انطلاق هذه المشاريع يحتاج إلى عمل دؤوب لكي تحقق الجزائر نتائج ملموسة، ابتداء من 2030، بالإضافة إلى ذلك تم سابقا إطلاق مشروع لمرافقة السيارات لتحويل استعمالها من الغاز الطبيعي أو البنزين التقليدي إلى الغاز المميع «جي بي آل»، إلى جانب برامج أخرى أطلقتها «سوناطراك» لإنتاج الطاقات البديلة بالشراكة مع شركة «ايني»، الايطالية، دون أن ننسى المصنع الخاص بالهيدروجين الأخضر، مؤكدا أنها مشاريع قادرة على وضع الجزائر على سكة الصحيحة من خلال توجيهها نحو استهلاك اكبر للطاقات البديلة بحدود 30 بالمائة آفاق 2030.  

المزج الطاقوي

من جانبه قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن هادف في اتصال مع «الشعب»، إن الطاقات المتجددة من أهم المحاور التي ركز عليها برنامج رئيس الجمهورية وأيضا مخطط عمل الحكومة، لذلك نحن اليوم أمام قرارات وتوجيهات للبدء في تجسيد المحاور التي جاءت فيهما، حيث تسير الجزائر نحو تجسيد الانتقال الطاقوي الذي سيمكنها من الوصول إلى ما يسمى بالمزج الطاقوي آفاق 2030 أين سينخفض استهلاك الطاقات الأحفورية أو المحروقات، لتعطي مكانة أكبر للطاقات المتجددة والصديقة للبيئة خاصة الطاقات شمسية والرياح والمياه الجوفية.
وقال المختص إن هذا القرار سيعطي القائمين على القطاع الطاقوي دفتر شروط واضح من خلال البدء بالهيئات العمومية، حيث تحدث رئيس الجمهورية عن البلديات والمنشآت التربوية والقاعدية في البلديات، ما سيمكن حسبه من الانطلاق في استعمال التجهيزات في نفس الوقت سيعطي البلدية الفرصة لتقتصد في الميزانية المخصصة للطاقة لأنها تمثل نسبة مهمة منها.
وعن إعطاء رئيس الجمهورية توجيهات لاستعمال مواد لها فعالية ومردودية في ترشيد استهلاك الطاقة واستعمال المواد البلاستيكية عوض الخشبية، قال هادف إن الكل يعلم أن الـ «بي في سي» مادة بلاستيكية عازلة لذلك سيكون استعمالها سببا في تقليل استهلاك الطاقة وترشيدها كالطاقة الكهربائية والغاز، خاصة وان ما يتم اقتصاده من الغاز سيوجه إلى التصدير، ما اعتبره احد الأهداف المسطرة للانتقال الطاقوي، في توجيه الثروات الأحفورية أو المحروقات نحو التصدير، عوض الاستهلاك الداخلي حيث يمكن استبداله بالطاقات المتجددة والبديلة كالطاقة الشمسية والرياح.
واعتبر هادف تعليمات رئيس الجمهورية بمثابة ورقة طريق واضحة للهيئات العمومية منها الوزارات الوصية والهيئات اللامركزية في الوطن في الولايات والبلديات، هي تعطي كذلك رؤية واضحة للفاعلين في الانتقال الطاقوي فهذه القرارات جاءت لإعطاء رؤية أكثر وضوحا بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية والمستثمرين الراغبين في العمل في الطاقات المتجددة والبديلة، فكثير من المؤسسات كانت تتحجج بعدم وجود ورقة طريق محددة المعالم والأهداف للاستثمار في هذا المجال.
في نفس الوقت يرى المختص أن هذه التعليمات كانت بمثابة رسالة موجهة لعقد شراكات مع الدول المالكة لتكنولوجيات متطورة في هذا المجال كألمانيا والصين اللتان أصبحتا رائدتان في هذا المجال لاسيما في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

«ديزرتك» .. لا يواكب السرعة

وبخصوص مشروع «ديزرتك»، أوضح المختص الاقتصادي أن إعداده كان في ظروف مغايرة تماما لتلك الموجودة الآن، فاليوم مشاريع الطاقات المتجددة أخذت منحى آخر، حيث تم إعداده كمشروع مندمج وضخم تصل ميزانيته إلى 4 ملايير دولار، وهي ميزانية ضخمة واليوم الأمور تغيرت في العالم من خلال التوجه نحو إطلاق مشاريع صغيرة أو متوسطة.
 وفيما يتعلق بمحطات توليد الكهرباء توجد نماذج ذات تكلفة أقل ولا تتطلب صيانة كبيرة، على عكس مشروع ضخم كـ «ديزرتك» الذي يتطلب موارد كبيرة من جهة التسيير والصيانة، ويضعنا أمام تكنولوجيا قديمة بعد مرور سنتين ، خاصة وأن المجال التكنولوجي سريع التطور والتجدد.