طباعة هذه الصفحة

«الشعب» تستطلع آراء المواطنين: 

مطـالب بتوسيـع صلاحيات المجـالس المحلية

استطلاع: سعاد بوعبوش

 تباينت آراء المواطنين حول الانتخابات المحلية بين مهتم وغير مهتم بالفعل الانتخابي، انطلاقا من أن رؤساء المجالس المنتخبة محدودي الصلاحيات فيما يتعلق التكفل بالانشغالات التي تهم حياة المواطن اليومية، ومدى قدرتهم في تجسيدها على أرض الواقع خاصة وأن أغلب الهيئة الناخبة اليوم هي من فئة الشباب الذي يبقى - بحسبهم - مجرد رقم يحرص المترشحون مع كل استحقاق انتخابي على استمالته وإقناعه للذهاب إلى صندوق الاقتراع.

الاختلاف بدا واضحا بين جيلين من كهول وشباب، فضّل الأول التمسك بأمل التغيير عن طريق صندوق الاقتراع واختيار ممثليهم على المستوى المحلي، فيما اختارت الفئة الأخرى العزوف، غير أن هذا لم يمنع من وجود توافق حول نوعية المترشحين ذوي مستوى تعليمي عالي وكفاءات وإطارات في مختلف المجالات وهي نقطة ايجابية سجّلتها «الشعب» في تصريحات مقتضبة للمواطنين بعدة مواقع أهمها الترامواي وقصر المعارض.
في هذا السياق، أكد «أمين. ن» وهو مقاول في الأربعينيات قادم من مدينة برج بوعريرج، أنه سينتخب هذه المرة بالرغم من أنه لا ينتخب عادة إلا إذا تعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مبررا خياره بأن القوائم الانتخابية ببلديته المسماة بـ «الجعافرة» تضم كفاءات مشهود لها بالجدية والصرامة والعمل والطموح في تحسين واقع البلدية والعمل على استحداث وجلب فرص ومشاريع استثمارية قادرة على استحداث حركية تنموية اقتصادية وبالتالي مناصب شغل جديدة والثروة.
واعترف «أمين. ن» أن البعض من المترشحين مدعومين من هنا وهناك سواء من أصحاب المال أو عروشهم، ولكن هذا لا ينفي – بحسبه – كفاءتهم بحكم معرفته واحتكاكه بالكثير منهم، فيما يبقى الميدان هو من سيكشف فعاليتهم في تحقيق الأهداف المنشودة محليا.
في المقابل أثار الأستاذ طارق الباحث في مجال الطاقات المتجددة نقطة تتعلق بصلاحيات رؤساء المجالس المحلية المحدودة والتي تجعل منهم مقيدين في اقتراح مشاريع أو تلبية انشغالاتهم وبقائهم معلقين بقرار الوالي، مشيرا أن هذا القالب الذي وضع فيه المنتخبين لا يشجع على الانتخاب أصلا ما يطرح - بحسبه- إشكالية الفعالية في الميدان وجدوى العملية الانتخابية أصلا إذا كانت اللامركزية في التسيير مقيدة بالإدارة في حين يفترض أن المجلس منتخب ويمثل صوت الشعب.
بدورها المعلمة حسيبة أكدت أنها ستنتخب لأنها ستعطي صوتها لقائمة تعرف أصحابها جيدا وتتمنى أن يتم انتخابهم خاصة وأنها تضم قانونيين وإداريين وماليين ومشهود لهم بالكفاءة في أماكن عملهم ولهم ثقافة سياسية ويدركون جيدا ما ينتظرهم من تحديات من تخطيط وتنفيذ وتقييم للمشاريع واقتراح برامج تزيد من الفعالية والكفاءة للخروج من معضلة التنمية المحلية التي تستدعي – بحسبها- تغييرا في ذهنية التسيير قبل كل شيء.
وتقول حسيبة، انطلاقا من كونها دارسة للحقوق إلى جانب كونها معلمة أنه لابد من توسيع صلاحيات رئيس المجلس الشعبي البلدي ليكون قوة اقتراح وأداة تنفيذ محلية حقيقية، لتتماشى مع التوجه التنموي الجديد وأداء مهامه كما يجب بما يستجيب لتطلعات المواطنين باعتبار أن البلدية تمثل صورة من صور النظام الإداري اللامركزي.
وأشارت المتحدثة أن التعديلات المدرجة مؤخرا والمتعلقة بأحكام قانون البلدية، جاءت من أجل تحقيق الانسجام مع قانون الانتخابات الجديد خاصة فيما يخص كيفية تعيين رئيس المجلس عن طريق الانتخاب، وذكر مختلف الحالات المحتملة بداية من القائمة الحاصلة على الأغلبية المطلقة، وفي حال استحالة ذلك لابد من العمل بالنسبة المحددة بـ 35 % وفي حال عدم تحقق ذلك أيضا يمكن لجميع القوائم تقديم مرشحها واختيار الأكبر سنا في حال تساوي الأصوات، مشيرة أن هذه التعديلات تبقى غير كافية لأن الممارسة الميدانية تكشف الكثير من العراقيل.  
من جهته، تطرقت أماني وأصدقائها طلبة بجامعة باب الزوار، التقتهم «الشعب» بالتراموي إلى نوعية المترشحين للمجالس البلدية، بالرغم من أنهم لم ينتخبوا يوما، وأن هذا الأمر خارج اهتمامهم المنحصر في مستقبلهم والظفر بمنصب عمل أو بتأشيرة للخارج.
 واعتبرت أماني وأصدقائها تسجيل ترشح شباب من خريجي الجامعات سواء تحت لواء أحزاب أو في قوائم حرّة مؤشر جد ايجابي وتجديد للمشهد الانتخابي في نفس الوقت، مؤكدين أنهم يحترمون رغبتهم في الترشح ونيل حظّه في التمثيل والمشاركة في صنع القرار على المستوى المحلي ويساهموا في وضع لبنة مغايرة لمشهد جديد على أساس التشاركية التي تجمع بين كل فواعل المجتمع الجزائري، والاحتكاك مباشرة بالتسيير المحلي للمجالس المنتخبة واكتساب خبرة في هذا المجال لتحقيق طموحات أخرى مستقبلا.
وأشار المتحدثون أنهم في كل مرة تستوقفهم صور المترشحين للاطلاع عن مستواهم ومسارهم المهني، فلم يعد يقتصر الأمر فقط على عمال البلديات أو الأحزاب بل على العكس هناك الكثير من القوائم الحرة التي فضل أصحابها الترشح وحدهم دون الانخراط في أي حزب، وهذا في حد ذاته شيء جديد.
أما الحاج إبراهيم إطار متقاعد والذي انخرط هو الآخر في النقاش المثار حول الانتخابات المحلية، أكد أنه اعتاد مشاركته في جميع الاستحقاقات دون استثناء إيمانا منه بأن التغيير الحقيقي لا يأتي إلا من خلال صندوق التغيير، وان العزوف لا يخدم الجزائر التي تسعى بعد الحراك الشعبي على إعادة بناء الدولة بمؤسسات حقيقية بعيدا عن الممارسات السابقة وبالتالي يتعين  - بحسبه - اغتنام الفرصة، وعدم الاستماع لدعاة المقاطعة.  ودعا الحاج إبراهيم الشباب إلى الذهاب إلى صندوق للتعبير عن رأيه بكل حرية وان كان بـ «لا»، حتى لا يفسح المجال أمام أي تلاعب بالأصوات أو تزوير أو أي ممارسة قد تسيء بالعملية الانتخابية وشفافيتها.