طباعة هذه الصفحة

حي 11 ديسمبر 1960 بعين البنيان (الجزائر)

نصب تذكاري يخلّد الذكرى عرضة للإهمال

سعيد بن عياد

على بعد 16 كلم غربي العاصمة الجزائر، يوجد بضواحي مدينة عين البنيان حي شعبي يعود تاريخ سكانه الأولين بعائلات محدودة إلى فترة الخمسينات.. كان عنوانا للتهميش إبان ثورة التحرير المجدية ومستقرا ليد عاملة يستغلها الكولون حينها في الفلاحة.
إنه حي 11 ديسمبر 1960، وقبلها كان يسمى حي التراب البلدي رقم 14، أخذ اسمه باستحقاق من تلك المظاهرات التاريخية التي صنع دويها أثره في الرأي العام العالمي لصالح القضية الجزائرية في مواجهة الاحتلال الفرنسي.. فقد كان لسكان هذا الحي فضل بالمشاركة في تلك الهبة الشعبية التي انفجر بركانها من بلوزداد (بلكور سابقا) وشرارتها من عين تموشنت ردا على السياسة الديغولية الجهنمية التي كانت تريد الفصل بين الظفر وأصبع اليد.. يد الإنسان الجزائري لكن هيهات..
في 11 ديسمبر 1960، انتفضت مجموعات السكان بدعم من أبناء جلدتهم في أحياء مجاورة لتوقيع الرفض والتأكيد على الالتحام مع جبهة وجيش التحرير الوطنيين.. كان خيار صائب لكن لم يمر بسلام، فقد تحرّكت قوات المظليين الاستعمارية التي كانت متمركزة غير بعيد بموقع يدعى «صاليزون»، يتواجد قرب المحجرة القديمة، وكان في السابق معملا للسردين قبل أن يتحوّل إلى مركز للتعذيب والاستنطاق)..
انتشرت تلك القوات مشحونة بالانتقام ممن رفعوا الراية الوطنية عنوان السيادة في مكان باغتهم سكانه لتحموا في موقف كان عربونه سقوط عدد من الشهداء لا يزال عديد الناس يذكرونهم.. وتعود ذكراهم في كل سنة وسط متاعب الحياة والتطلّع لمشاريع ترفع من مستوى معيشة السكان خاصة القاطنين في الحي العتيق الذي يوصف تارة بالفوضوي وعمره أكثر من ستة عقود في انتظار تسوية قانونية لسكنات بنيت بالعرق والمعاناة عبر إعادة تفعيل مخطط هيكلة لائقة طال انتظارها..
اليوم يوجد نصب تذكاري يخلد الحدث لكنه عرضة لإهمال بشع ولا مبالاة من الجميع سلطات محلية ومواطنين ومجمع مدني.. فقد تآكل اسمنته ولم يعد ممكنا قراءة أسماء الأبطال الذين سقطوا في تلك المظاهرات.. ولعلّ أول إنصاف لهم أن يطلق اسم 11 ديسمبر 1960 على المدرسة القديمة بدل أن يستمر اسمها القديم الصخرة الكبرى، ويكون عرفان متواضع يحمل رسالة للأجيال الجديدة التي ينبغي أن تعلم ما حدث ولماذا حدث تعزيزا لمكانة الذاكرة في نفوس الأطفال رجال الغد.