طباعة هذه الصفحة

وفاء وإخـلاص

سعيد بن عياد
10 ديسمبر 2021

ما أن تنطفئ شمعة حتى تضيء أخرى في مسيرة يومية «الشعب» العنوان الرمز، في المشهد الإعلامي..
اقترن تاريخ ميلاد «الشعب» بالذكرى الثانية لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي أحدثت فارقا في مسار ثورة التحرير المجيدة، ليكون العنوان دعامة إعلامية ترافق الجزائر دولة ومجتمعا ومواطنا على درب الحرية والبناء، لإزالة ما خلفته الحقبة الاستعمارية من خلال المجهودات، التي ما انفكت الدولة الجزائرية تبذلها ولا تزال، قناعة بإنجاز محتوى بيان أول نوفمبر الذي وقّع القطيعة، مع قدر لم يكن محتوما..
بنفس العزيمة والثبات تواصل «الشعب» خوض معركة الأمن الإعلامي، مساهمة بفضل أبنائها الأوفياء، جيلا بعد جيل وبكل ما أوتيت من قوة، في تنمية المشهد الإعلامي الوطني، وفقا لمقاربة تجمع بين الاحترافية والمسؤولية، لا تتردد إطلاقا في حمل رسالتها بكل إخلاص ووفاء تجاه المجتمع بجميع أطيافه في عمل جواري شامل وتجاه البلاد بالتزام يقظة مستمرة ردا على أبواق تستهدف المساس بمصالح الجزائر وهي تقطع مراحل تلو أخرى على طريق التطور والبناء والعلم..
من إصدار جريدة بمادة الرصاص إلى استعمال التكنولوجيات الجديدة للاتصال، قاوم هذا العنوان تغيرات الزمن وتوالي الأحداث، بما فيها أزمات اقتصادية وأمنية مرت بها الجزائر، فبقيت ولا تزال في خندق النهج الوطني لا تلين في شحذ همم أسرتها بكل مكوناتها حول خدمة المصالح الوطنية في كل الظروف..
الأمن الإعلامي التحدي الأكبر الذي تعمل الجريدة على رفعه في كل يوم وفي كل لحظة عبر مختلف الوسائط التي تؤسس لأرضية اتصال شاملة ترتكز على معايير فنية ومهنية، جوهرها قواعد أخلاقيات تنير الدرب للكلمة الصادقة وتحميها من محيط سريع الدينامية، زادته العولمة تدفقا لا منتهي لمعلومات فيها جانب كبير من الأخبار المفبركة والمغالطات، أمر يستوجب دائما المتابعة والرصد باستقاء المعلومة من مصدرها..
التزام قواعد العمل الصحفي مسألة محورية في هذه القلعة احتراما للقراء ووفاء للذاكرة، فالتاريخ يعد من بين أبرز المواد الإعلامية التي تخصص لها المساحة اللائقة إيمانا بواجب الحفاظ على إنجازات السلف على مرّ الأجيال، ونقل رسالتهم وتضحياتهم وإبراز بطولاتهم للأجيال الحديثة، مع حرص على تفكيك كل ما من شأنه أن يثير تساؤلا أو لبسا أو مغالطة، غايتها تقوية مناعة الذاكرة بإعلام حاضر وصادق..
كما تمنح مساحات لكافة النشاطات والمواضيع، بما فيها تلك التي كانت إلى وقت مضى من «مثيرة للجدل»، فمن السياسة إلى الاقتصاد والجامعة، مرورا بالرياضة والثقافة وأحوال المجتمع والمرأة والطفولة، خاصة مركز الشباب في معادلة اليوم.
بين فترات تراجع وأخرى لفتها ضبابية في سنوات مضت، كانت «الشعب» تعرف دوما كيف تخرج من عثرات لتستعيد بريقها في الساحة، متحدية عراقيل ومتاريس تنصب حولها لما فيها من تأثير في الرأي العام الذي تؤكد شهادات كثيرين أنها بوصلتهم وسط زخم أحداث ومنصات تواصل، التي ينشط جانب كبير منها في إثارة نعرات وتسويق خطاب اليأس، في وقت تواجه فيه البلاد مخططات إقليمية لم تعد مؤشراتها خفية على أحد..
كل ذلك الرصيد الهائل المتراكم منذ أول عدد إلى اليوم في عالم الرقمنة، يضيف لهذا العنوان الذي تتعدى حقيقة المنتسب إليه بوفاء مجرد علاقة وظيفة، إنما أكثر من ذلك تبقى جريدة «الشعب» وبحق المدرسة ويجب أن تكون لاحتضان أجيال أخرى في كل المهن الصحفية تأمينا لقوتها الوظيفية في مواصلة حمل رسالة خطّها الآباء المؤسسون بالمعاناة والعطاء ورعاها من جاء بعدهم بالوفاء والإخلاص.