طباعة هذه الصفحة

الروائـي عبد المالك عـزاوي لـ»الشعب ويكاند»

الكتابـة.. عــزف علـى مشاعــر الأسطـر

ورڤلة: إيمان كافي

 اقـرأ عامـــا واكتب يومــا 

المبـدع بإمكانــه أن يلمـع في أي مكان

أمام الطاقات الإبداعية الشبانية طريق طويل شاق ويحمل بعض الصعاب، إلا أنه حافل بالانتصارات التي تتوّج كل سعي نحو التميز والإبداع، من هذا المبدأ انطلق الكاتب الروائي عبد المالك عزاوي في حديثه لـ»الشعب ويكاند» مؤكدا على أن مسار أي مبدع لا ينبغي أن يتوقف نبضه مهما واجه فيه من مطبات.


-  «الشعب ويكاند»: من هو الكاتب عبد المالك عزاوي لمن لا يعرفه؟
 عبد المالك عزاوي: هو، ابن ولاية عين صالح، خِرّيج جامعة قاصدي مرباح - ورقلة، متحصّل على شهادة ماستر في اللغة الفرنسية. كاتب رواية باللغتين، الفرنسية والعربية وكذا مقالات متنوعة، فنّان منشد، ناشط جمعوي، أُشرف على نادي ‘’ماسترينغ لتعليم اللغات’’، حاليا أنا موظّف بشركة داعمة لمشروع عين صالح غاز، أندفع نحو النّشاط والإنجازات وأسعى دائماً لتقديم التّغيير الأفضل.

-  كيف انطلقت في عالم الكتابة الأدبية وكيف كان مسارك فيها؟
 صراحة.. كان سبب ولوجي لهذا العالم الملوّن بالأدب والفلسفة اللغوية الجمالية هو كثرة القراءة، فأنا قبل أن أكون كاتباً متواضعاً، كنت ولازلت قارئاً نَهماً، استهوتني مقولة ردّدتها شفاه أحد أساتذتي بالجامعة حين قال لي (اقرأ عاماً واكتب يوماً)، عندما عملت بالمقولة وجدت نفسي أغرق في نهر من الأدب والأحرف النّبيلة، حين كتبت أبكيت وأضحكت، تحكَّمت في مشاعر الأسطر التي أكتبها كما يتَحكّم الطّيار في مسار رحلته. حقيقة.. عالم الكتابة أضاف لي الكثير فكرياً وإبداعياً، ترجم شخصيّتي وطاقاتي إلى كوكبة من التّراكيب الجمالية، أشعر أنّني ناجح في هذا المسار، الحمد لله.. أريد أن أواصل في كتابة الرّوايات والمقالات ولن يفضَّ جوعي الأدبي حتى أبلغ حصافة الكُتَّاب المشاهير.

-   ما الذي تطمح إلى تحقيقه في هذا المجال؟
 لمّا كتبت أوّل رواية لي وهي L’héritier de son père (وريث والده) التي ذاع صيتها العام الماضي عن دار أجنحة للنشر والتوزيع، شعرت أنّني بدأت في وضع لَبِنةٍ تساهم في بناء شخصيّتي الأدبيّة، وتُترجم أفكاري، لديَّ العديد من الأفكار الإبداعية والمواضيع والتجارب التي لا تُمنح للفرد إلاّ من طرف مدرسة الحياة، أريد أن أضعها في قالبٍ فكري، ثمّ أدبي، يحتضنها الكِتاب ويحيكها القلم، لتصافح أعين وعقول القُرَّاء، وهكذا سأوصل قصصي وتجاربي عن طريق الكتابة باللّغتين العربية والفرنسية. أريد أن أوصل كتاباتي إلى قلوب المنكسرين، أريد أن أُغَيِّر عاداتٍ شبابيّة غير صحيحة في مجتمعي، أطمح أن يقرأ لي العالِم والباحث، الغني والفقير، التّلميذ والمُدير، الشّاب وصاحب الشَّعر الرّمادي، أعتبر كتابةَ رواية في هذا العمر الشّاب إنجاز أَسْعدُ به حقا.

- عندما نتكلّم عن الكاتب الشاب عبد المالك نتحدث عن طاقة إبداعيّة في العديد من المجالات، بالإضافة إلى الكتابة، ما الذي تنشط فيه؟
  لطالما نوّعت ولوّنت نشاطاتي، تُعَدُّ موهبتي الصّوتية من أقرب طاقاتي إلى قلبي، اِكتشفتها منذ صغري، وظَّفتها في محافل فنّية ودينيّة، ولازلت أسعى إلى تطويرها، أريد أنْ أجعلها إحدى إنجازاتي، إنّه لمن الحظّ الغزير أن يمتلك الإنسان موهبة، وهي هِبَة من عند الله سبحانه، سأترك بها نقطة ساخنة بحول الله.
كما أنّني محبٌّ طموحٌ لتعلم اللّغات وتعليمها، أنا الآن أستاذ لغة فرنسية، أحببت أن أكون أستاذاً في التّعليم الخاص، أسعى دائماً للتّميز فيما أقدّم، أطوِّر من خِفّتي في التّدريس، ثم أُحكِّم وأرزّن مستواي الفكري، أسافر من أجل التّكوين والتّطوير.. أحبّ كل هذا، وأسعى للإبداع فيه دوماً.
نشاطي الجمعوي وميولاتي الرّياضية، كل هذا يُكسِبني أشياء إضافية في حياتي، كل نشاط يُكَمّل الآخر، لا يمكنني الاستغناء عن أيٍّ منها.
 
- لديك مشاريع ثقافية واجتماعية، تقدمت بها وتنشط فيها حاليا حدثنا عنها؟
  في 2013، حين كان عمري 21 سنة، وقفت على مشروع الأمهات الماكثات بالبيت، مع جمعية العرفان الثّقافية بعين صالح، حرصنا على تكوين مجموعة من الأمَّهات في مبادئ اللغة الفرنسية، الرياضيات واللّغة العربية، وهُنّ بدورهن، يُدرِّسن أطفالهن عن طريق المراجعة اليوميّة في المنزل، الهدف من هذا المشروع  هو مساعدتهن على متابعة أطفالهن بدلاً من السّعي وراء أساتذة الدروس الخصوصية، كانت فكرة ناجحة، تستفيد منها الأُمَّهات وأبناؤهن.
كما أقيم دورات تكوينية في اللّغات، لكل الفئات العمرية بنادي ‘’ماسترينغ لتعليم اللّغات’’ التّابع لجمعية فرسان الثّقافة والإبداع. حاليا أنا مع فئة الموظّفين والإداريين، باستقطابهم، والحرص على تكوينهم فكرياً ولغوياً، بطرق وبرامج عالمية نُكيِّفها بأسلوبنا لتتناسب مع طبيعة المجتمع، وبالاعتماد التّام على قراءة ‘’الرواية’’، أكيد.. أتعب كثيراً في الأمر، لكن النّتائج ممتازة. كذلك، أقيم كل موسم دوراتٍ لطلبة البكالوريا في أسرار التّعامل مع ورقة الأسئلة.
 لديّ أفكار أخرى كلها تصب في مجال الثقافة، للأطفال والبالغين، أيضاً، دورات في فَنِّ القراءة، دورات تعليم الخط للأصاغر.

- المشاريع الثقافية التي يطلقها الشباب في مناطق مختلفة، خاصة التي تعاني نقصا في الهياكل القادرة على احتضان ومرافقة الشباب المبدع أضحت تسجّل حضورها القوي، ما تعليقكم؟
  الملاحظ أن جُلَّ المناطق التي تظهر فيها أدمغة وانجازات فريدة تكون نائية، منسيّة، أو مناطق’’ظِل». اليوم، نشهد توجها لاهتمامات غير مفيدة ببعض الفعاليات الغريبة كالمؤثرين على الشّبكات الاجتماعية أو كحفلات ومناسبات يُصرف فيها مالٌ وفير، لكن، حالة الشّاب المبدع، ككاتب أو مُنشد أو مخترع باتَت مهمّشة، غير محاطة ولا مؤطّرة، ثُمّ إنَّ غياب فعالية دور الشّباب والمراكز الشّبابية زاد من غرق العقول اللاّمعة في غور الوحل. صحيح أن الشّاب الواثق من نفسه بإمكانه أن يلمع في أي محل، لكنْ، أن تحتويه مرافق معنيّة فهذا يعطي الأمر تدرُّجاً أكبر في الإفادة والاستفادة.
 
- هل تعتقد أنه أضحى من الضروري تغيير نظرتنا التطوّعية والمجانية إزاء الجهد الفكري تدريجيا والبحث عن مداخيل اقتصادية لتشجيع الاستثمار في المجال الثقافي أكثر؟
 عن نفسي، أنطلق بالعمل التّطوعي بكل نيّة صادقة، انطلقت في التّدريس والتّكوين في اللغات وبعض الأنشطة الجمعوية بشكلٍ تطوعي في 2013، لما مَرَّ وقت معتبر على إنجازاتي، أصبحت هناك تطوّرات في نظرتي الشّاملة عمّا أقدّم، أنشأت ناد لتعليم اللُغات، تابع لجمعية محليّة، وجدت أنّ طاقاتي ازدهرت أكثر، مستواي العلمي والجمعوي والإداري تحسّن، شكّلت طاقماً من الأساتذة الذين لمْ يجدوا مناصبهم الرّسمية بعد، في الإنجليزية والفرنسية والعربية، أصبحت قادراً على تحسّن وفير راتب شهري لهم من خلال مداخيلهم الشّهرية في التّدريس معنا، منحتهم فرصة للتّكون والتّدرب على التّعليم بمناهج عالمية، وأفكار تعليمية فعّالة، أمنحهم في نهاية الموسم شهادة شرفية مضافة. وجدت نفسي صاحب مشروع، لم أتخيل أن أصل إلى تلك النقطة، لكنّني حققت الكثير، حققت الغاية التي رسمتها، فهمت كيف أستطيع أن أجعل من المهنة التي تطوعت بها حلبة متنوعة في العطاء والأخذ، في التكوين والتّكَوُن، في جلب بعض المال ومساعدة البطالين في الحصول على فراغ يرحب بفعاليتهم ويزكي رزقهم ويؤمن لهم بعض المال. فهمت أن العمل التطوعي لو صبرت فيه وطوّرت من مستواي وذاتي من خلاله، سيوصلني إلى محطّة حصيفة بالنجاح، ما نحتاجه هو فقط الاحتضان، الاحتواء، أنطلق بفكري، لكن لما أصل، أحتاج من يعتني بنجاحي، وهذا ما تحدّثت عنه في النّقاط السابقة، النّجاح يحتاج فقط من يعتني به لكي يُفيد الآخرين، أما مسألة الوصول فهي للمخلصين، للأوفياء، للصّابرين، للمجتهدين. الطّاقة الفردية لو استغلت ستعود بخير وفير على الاقتصاد والثقافة والبلد.

- ما هي مقترحاتك لتعزيز هذا التوجّه؟
 أقترح أن تُنشأ مؤسّسات علمية خاصّة بالعباقرة وأصحاب الإنجازات الفردية، تحتضن عقولهم وإنجازاتهم وتؤمنها. هذه المؤسسات تقيم دورات سنويّة في بعض التّخصصات والمجالات التّقنية والأدبية، لاستقطاب أكبر عددٍ من العقول المتواجدة داخل الوطن.
أيضا أن تساعد السلطات العمومية في تكوين هؤلاء العباقرة والنُّشطاء في اللّغات والإدارة وإدارة المشاريع، وتمنحهم فرصاً للدّارسة خارج الجزائر في معاهد عالمية متخصّصة في المجال المتاح لهم، ثمَّ منحهم فرصة التّوظيف داخل الجزائر أو إنشاء مشاريعهم الخاصّة والاستفادة من مداخيلهم المادّية، العلمية والفكرية التي تساهم في رفع الاقتصاد والثقافة والعلم وأن تعمّم ثقافة تعلّم اللّغات قدر المستطاع، كما أتمنى أن نسعى للتّغير دوماً.