طباعة هذه الصفحة

الخيار السّليم

فضيلة دفوس
04 جانفي 2022

 من تونس إلى تشاد مرورا بمالي، قرّرت السلطات الحاكمة في الدول الثلاثة إطلاق حوار وطني هنا واستشارة شعبية هناك قصد إيجاد حلول للتغلّب على الأزمات والتحديات التي تعترض المسار السياسي وتتسبّب في تفاقم المصاعب الاقتصادية والاجتماعية.

في تشاد، أعلن رئيس المجلس العسكري الحاكم ، محمد إدريس ديبي إتنو، الذي وصل إلى السلطة في الربيع الماضي إثر اغتيال والده، انطلاق الحوار الوطني الجامع في 15 فيفري المقبل بمشاركة مختلف مكونات الشعب التشادي داخل البلاد وخارجها لتحقيق المصالحة في البلاد، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء تمهيدا لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية شفّافة وحرّة وديمقراطية.

وقبل تشاد، بدأت السلطات العسكرية الانتقالية في مالي في الأسابيع الماضية مشاورات وطنية تمهّد للانتخابات وعودة المدنيين إلى السلطة.

وقد نظّمت باماكو «المؤتمر الوطني لإعادة البناء»  في نهاية ديسمبر المنصرم بغرض الوصول إلى إجماع وطني حول تاريخ إجراء الاستحقاقات التي ستتوج المرحلة الانتقالية السائدة في البلاد منذ الانقلاب العسكري الثاني، الذي وقع في ماي الماضي، وأيضا إقرار مصالحة وطنية تسمح بمعالجة مشاكل هذه الدولة الإفريقية التي تعيش تردّيا أمنيا بسبب تهديدات الجماعات الإرهابية منذ 2012، والذي انعكس سوءا على الظروف المعيشية للسكان.

وقد وصف رئيس المجلس العسكري والرئيس الانتقالي الكولونيل أسيمي غويتا المشاورات بأنها «حدث ممهّد لمسار نهضة مالي» انطلاقا من قناعته بأن الحوار هو المخرج الوحيد لكلّ الأزمات مهما كان شكلها وتعقيداتها، وغير ذلك فإنّ العنف سيصبح سيّد الموقف.

وعلى نفس الخطى تسير تونس، التي قرّر رئيسها أن الطريق الوحيد للخروج من الانسداد السياسي الذي يعصف  بالبلاد، هو إشراك الشعب في إقرار الإصلاحات الدستورية التي تعيد القطار الديمقراطي إلى سكّته الصحيحة.

وعلى هذا الأساس، بدأت السبت الاستشارة الوطنية الإلكترونية كوجه من أوجه الحوار الوطني،

وكاستفتاء شعبي، ليقدّم المواطنون مقترحاتهم بخصوص الإصلاحات التي عرضها الرئيس قيس سعيّد، واعتمادها لإقرار قوانين سياسية وانتخابية  تسمح بتنفيذ تطلعات التونسيين ولا تعرقلها.

هكذا إذن توصّلت كلّ من تشاد ومالي وتونس إلى أنّ الحوار هو الطريق الطبيعي والصحيح لتبديد الخلافات وتحقيق تطلّعات الشّعوب في بناء دول تضمن أمنها وحريتها وعيشها الكريم، والواجب على المجموعة  الدولية أن تدعم هذا التوجّه، وتوسّعه إلى دول أخرى تواجه مصاعب مشابهة مثل ليبيا والسودان وحتى اليمن.