طباعة هذه الصفحة

ترقّب كبير في انتظار الفرج

دفتــــــــــر الشّــــروط يحـــــدّد معالـــــــم السّـــــــوق

هيام لعيون

 هل ستكون سنة 2022، سنة «انتعاش» سوق السيارات، كما هي سنة «الانعاش الصناعي»؟ وهل ستتحقّق تطلّعات المواطن باقتناء «السيارة الحلم»، بأسعار تناسب مدخّراته وطموحاته المالية؟ 

أسئلة ستجيب عنها الأشهر المقبلة، في انتظار الإفراج عن دفتر الشروط الخاص بهذه الشعبة نهاية شهر جانفي الجاري، والتسريع في منح الاعتمادات للوكلاء العازمين على استيراد السيارات، لترافقها عودة القروض البنكية بعد غياب دام 12 سنة.

 

وصفت السّنتان الماضيتان، 2020 ــ2021، «بالبيضاء» بسبب الركود التام في السوق الوطنية للسيارات، صاحبه عدم تسجيل عمليات استيراد، وعدم التمكّن من سنّ دفتر شروط يسمح باستيراد المركبات أو إنشاء مصانع حقيقية في الجزائر، ما جعل الحظيرة الوطنية للسيارات تزداد قدما، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع خيالي في أسعار السيارات المستعملة في السوق الوطنية، بينما تراجعت معاملات البيع والشراء، مع غياب غير مسبوق في العرض، وعزوف المواطنين عن بيع سياراتهم وسط تخوّفات من فقدان البديل.

دفتر شروط نهاية الشهر 

 يتوقّع أن يصدر دفتر الشروط الجديد الخاص بنشاط السيارات نهاية شهر جانفي الجاري، حسب تطمينات وزير الصناعة أحمد زغدار نهاية السنة الماضية، وستتم عملية منح الإعتمادات لوكلاء الاستيراد «فوريا»، وهذا من أجل التوجه نحو تسجيل انفراج في الأزمة «الخانقة»، التي بدأت منذ توقيف الاستيراد سنة 2017، إلى جانب توقيف عملية تركيبها بالجزائر في إطار محاربة سياسة «نفخ العجلات»، التي أضرّت بالاقتصاد الوطني،  وساهمت في استنزاف موارد الخزينة العمومية، لما شهدته العملية من عمليات فساد كبيرة كشفت عنها أطوار محاكمات مسؤولين سابقين ضالعين في العملية وكلف الخزينة العمومية 7 مليار دولار.

وقبلها كان الرئيس عبد المجيد تبون، قد أصدر تعليمة تخص إعداد دفتر شروط جديد و»فوري» سعيا منه للاستجابة لتطلعات الشارع، الذي بات يعاني من اقتناء سيارة خاصة بالنسبة للمواطن البسيط مع الدخول على الخط سماسرة وبارونات السوق، أوصلوا أسعار المركبات إلى أسعار جنونية، كما أمر الرئيس بالإسراع في الإعلان عن الوكلاء الذين يحوزون على الموافقة، وعلى إلزامية توفير شبكة خدمات ما بعد البيع، جهويا وفي المدن الكبرى، كشرط لقبول ملفاتهم.

ولذلك، فقد تمّ تنصيب لجنة لإعداد هذا الدفتر، الذي طال انتظاره، على أن يكون جاهزا نهاية جانفي 2022، لينطلق في منح الاعتمادات للوكلاء في مدة قصيرة، ومحاولة تجنّب كل العراقيل التي عرفتها العمليات السابقة، حيث أنّ دفتر الشروط هذه المرة سيكون مبسطا ومحدّدا لشروط الاستيراد لكل نوع من السيارات، إلى جانب ضمان خدمات ما بعد البيع.

التّصنيع الحقيقي بدل «نفخ العجلات»

 كل هذه الجهود يرافقها أيضا، العمل الحثيث على ملف تصنيع السيارات في الجزائر، يكون مخالفا للعمل السابق الذي عرف بنفخ العجلات، أي «التركيب المحلي»،  خاصة وأنّه تم الكشف من قبل الوصاية على أنّ الجزائر على اتصال مع شركات عالمية كبرى من أوروبا وآسيا من أجل الذهاب نحو صناعة حقيقية للسيارات، حيث ستراعي هذه الاتصالات التطور الحاصل دوليا في هذا المجال بالتحول نحو السيارات الهجينة.

وأعلنت وزارة الصناعة عن إعداد إستراتيجية ودفتر شروط الخاص، بتصنيع السيارات في الجزائر، حيث أن  العملية تنطلق خلال الفصل الأول أو الثاني من سنة 2022.

وتمّ تشكيل لجنة تقوم بإعداد خطة إستراتيجية واضحة مبنية على صناعة حقيقة فعلية، وهذا من أجل الخروج من دائرة الاستيراد، وستقوم بدارسة الملف وسوف تعلن قريبا عن إستراتيجية تصنيع السيارات ودفتر الشروط الخاص بكل الفروع المتعلقة بذلك، وسيراعي دفتر الشروط المعايير العالمية، وسيأخذ بعين الاعتبار خدمة ما بعد البيع، وإنشاء فروع عبر كامل ولايات الوطن.

أمّا عن تساؤلات تخص تدخل الحكومة في تحديد أسعار السيارات مستقبلا، فقد قطع وزير الصناعة الشك باليقين عندما أكّد أنها لن تتدخّل في الأمر، حيث سيترك للعرض والطلب، لأنّ دفتر الشروط ليس له علاقة بأسعار السيارات، وإنما بالعلامات فقط، بينما سيتم تحديد هامش الربح، وذلك من خلال دراسة وحساب تكلفة الإنتاج.

مواجهة اللوبيات والسماسرة 

 في غضون كل هذا، انطلقت صفحات فيسبوكية تعني بملف السيارات في الجزائر، قبل نهاية السنة في حملات افتراضية لاقت صدى كبيرا من قبل المواطنين، تحمل شعار «أعرف كيف تساوم»، من أجل ضبط الأسعار وكبح فرامل التهاب الأسعار، في وقت وصل سعر سيارة «التو» 230 مليون سنتيم. 

وتسعى الحملة المتواصلة حاليا، إلى تنبيه المستهلك في عدم الوقوع في فخ السماسرة، بينما اعتبرها الخبراء غير كافية، وليس لها القدرة على تخفيض كبير في أسعار السيارات، بسبب سيطرة اللوبيات التي تضارب بأسعار السيارات، كما أنّها حملة تصطدم بواقع العرض والطلب.

هل تعود القروض البنكية؟

 يرتقب أن يعود العمل بالقروض البنكية الخاصة بالسيارات المستوردة، التي تمّ توقيفها منذ سنة 2009، مباشرة بعد استئناف استيراد السيارات الجديدة، حسبما كشف عنه لزهر لطرش رئيس الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية سابقا، بحيث «لن تتجاوز آجال دراسة ملفات الزبائن مدة أسبوع».

علما أنّ إلغاء القروض الموجهة لاقتناء السيارات الجديدة المستوردة تم توقيفها منذ أكثر من 10 سنوات، سنة 2009، ليعود العمل بها مرة أخرى في السنوات الأخيرة، تخص السيارات المركبة بالجزائر. 

ويترقّب الجزائريّون بشغف كبير ساعة الفرج، من خلال عودة استيراد السيارات بعد الأزمة الخانقة التي عاشتها  السوق، وهو تحد رفعته السلطات العمومية لمحو آثار السياسات السابقة التي كلفت الخزينة العمومية الملايير، وبالرغم من الأزمة المزدوجة العالمية الصحية والنفطية للذهاب قدما نحو سياسة الإقلاع الحقيقي في هذه الشعبة من الصناعات.