طباعة هذه الصفحة

«وثائق مالك بن نبي في الأرشيف الفرنسي »

رصــــــــد لتقاريــــــر ومراســــــلات في حــــــق الرجــــــل الرمــــــز

أمينة جابالله

 حمل كتاب «وثائق مالك بن نبي في الأرشيف الوطني الفرنسي» الصادر عن دار الهدى للباحثين رياض شروانة وعلاوة عمارة تفاصيل وحقائق كتبها عملاء فرنسيون، تقصوها من خلال تتبعهم لتحركات المفكر مالك بن نبي في كل من  قسنطينة، وهران والجزائر العاصمة والتي تم تحريرها عن طريق الإدارة الفرنسية، هذا إلى جانب بعض التقارير والمراسلات التي أبانت عن حقد فرنسا الدفين لشخص مالك بن نبي الذي يعد من أعلام الفكر الإسلامي في القرن العشرين. 

قال الدكتور أحمد رباج وهو يستعرض كتاب «وثائق مالك بن نبي في الأرشيف الفرنسي»، بأنّ مالك بن نبي عانى كثيرا من تعنّت السلطات الفرنسية ومن اضطهادها له، ناهيك عن رفضها المتتالي لكل طلب عمل يتقدم به، حيث كان شغلها الشاغل ملاحقته كظله في كل مكان يتواجد فيه، خاصة أثناء حضوره في المنابر الثقافية، مشدّدا على العناية اللازمة أثناء قراءة محتوى الكتاب، مع وجوب تناول الأحداث في إطار سياقها التاريخي مع مراعاة ظروفها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، النفسية والفكرية.. فكل حادثة يجب أن تقرا بالطريقة الانتقالية لاعن طريق القطع والقص، حسب قول ذات المتحدث.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر الكتاب بأنّ السلطات الفرنسية، ووفق قرار استعماري مجحف مفاده إما أن يرضخ مالك بن نبي لأمرهم ويعمل معهم، أو يسعوا لتحطيمه وتدميره معنويا، حيث أنّ الوثائق التي تناولتها سطور الكتاب فضحت هذا الأمر بالأسماء والتفاصيل والتاريخ، وهو ما أوضحه الدكتور في عرضه حين قال بأنّ السلطات الفرنسية قامت بتعيين موظفين مخبرين وجواسيس ليتتبعوا خطى مالك بن نبي في كل مكان، وكل نشاط يقوم به يعملون على تحريره على شكل تقارير ووثائق بلغت مايقارب 199 وثيقة، والتي تنقسم بدورها إلى صنفين: وثائق أنجزتها مؤسسة الاتصالات الشمال إفريقية ووثائق تضمّنت مسائل قضائية، حيث  يعد المفكر الإسلامي مالك بن نبي طرفا رئيسا في حيثياتها وملابساتها.
وأضاف ذات المتحدث بأنّ الجزء الذي أنجزته مؤسسة الاتصالات الشمال أفريقية يتكون من 77 وثيقة، والتي تنقسم إلى ثلاثة أقسام، خاصة بعمالة قسنطينة، ووالجزائر العاصمة، ووهران، وعليه فإنّه تم رصد 58 وثيقة وذلك أثناء تواجد مالك بن نبي في ولاية قسنطينة، و04 وثائق خلال تواجده بوهران، ونحو 14 وثيقة إزاء نزوله في ولاية الجزائر العاصمة.   
أما بالنسبة للجزء المخصّص بالمسائل القضائية فهي التي أكدا الدكتور أحمد رباج بأنّها تتضمّن الجريمة التي اتهم بها مالك بن نبي، وهذا بحسب مزاعم فرنسا بأنه كان يعمل لحساب ألمانيا، والتي رأت من جهتها بأنها جريمة المساس بالأمن الخارجي للدولة الفرنسية، وكما أرجعها بأنّ الأغلبية الساحقة تحتوي مراسلات مخابراتية أمنية بين مختلف جهات الشرطة والقضاء الفرنسي، إلى جانب بعض كتابات مالك بن نبي التي كتبها بخط يده وباللغتين العربية والفرنسية.
وفي ذات السياق، ذكر المتحدث أنّ من أبرز ماحواه في رصيد الوثائق الخاص بالتهمة المغرضة في حق مالك بن نبي، هي مراسلات بخط يده إلى الإدارة.. وتقارير عن محاضراته ولقاءاته الثقافية وحتى عن رسائله إلى عائلته والتي رأت فرنسا بأنّ جميعها يصبّ تحت غطاء التحريض، بما في ذلك مقالاته وقراءة مابين سطورها من طرف العملاء الذين كانت أعينهم لا تزيغ عنه لحظة واحدة، وذلك منذ 1939 إلى غاية 1958.
للإشارة، تمّت قراءة كتاب «مالك بن نبي في الأرشيف الوطني الفرنسي» من خلال محاضرة نشطها الدكتور أحمد رباج بمكتبة «ناجي ميقا بوك ستور»، ومن المنتظر أن يعرف الكتاب طبعة ثانية من دار الفكر بسوريا، والأرجح أنّه سيتم عرضه في الصالون الدولي للكتاب في مارس المقبل، وحسب الدكتور أحمد رباج سيتضمن الإصدار المترقب وثائق متعلقة بمعتقل (بي تي في )، إضافة إلى عدة تفاصيل ومعلومات أخرى عن خفايا فترة اعتقال مالك بن نبي هو وزوجته «بولات فيلبون»، على غرار الأسماء الثقيلة لشخصيات وطنية لها وزنها في التاريخ الجزائري من بينهم زين العابدين، يونس سكوتشة وبوعناني العلمي وغيرهم.