طباعة هذه الصفحة

مستقبل على المحك

سعيد بن عياد
18 جانفي 2022

 

لم يسبق أن عرف الوطن العربي تحديات تضع مستقبله على المحك، كما هو في الوضع الراهن؛ أمر يشكل محور القمة العربية المرتقبة في مارس المقبل بالجزائر، حيث تتجه إليها الأنظار أملاً في إعادة صياغة معالم للتوجهات المستقبلية بمرجعيتها الأصلية، عمادها تمكين الأمة العربية مجددا من العودة إلى الساحة الدولية والإقليمية كطرف فاعل في القرار ودرء كل ما يحيط بها من مخططات تستهدف مكاسب السيادة وحقوق الشعوب في الحرية والتنمية.
ولعل التئام الفصائل الفلسطينية في الجزائر ضمن الدعوة التي وجهها الرئيس تبون لمرافقة الأشقاء الفرقاء على طريق المصالحة، الإشارة القوية لموعد مارس، الذي يمنح الفرصة المواتية للأشقاء العرب للجلوس حول طاولة حوار واحدة تخوض في كل المسائل ذات الاهتمام المشترك وتهيئ المناخ لتبديد كل ما يعترض مسار التكامل والتعاون وفقا معايير تؤسس لأنموذج عربي حديث دون أن يفقد هويته أو يضيّع معالمه.
بالأمس، كانت فلسطين. واليوم ليبيا. وقبلها سوريا، ثم السودان؛ ملفات تثقل كاهل جامعة الدول العربية التي تقف على خط المكاشفة لتأسيس مقاربة جديدة واضحة المنطلقات ودقيقة الأهداف، فتستعيد المنظمة الإقليمية التي تراجع دورها في السنوات الماضية مما عرّض عديد أعضائها للخطر أمام حدة مخططات خارجية سوّقت لها شعارات براقة لكنها مدمرة لما تحقق وقاتلة للأمل في أوساط الأجيال الجديدة، التي بقدر ما تطمح للحرية، بقدر ما تبدي تمسكها بالانتماء لهذا الجسد الممتد عبر الجغرافيا والتاريخ مشكّلا الرقم الصعب في معادلة العولمة.
ليس جديدا جرد مصائب وهزائم وانكسارات الوطن العربي وأحيانا بخيانات من بعض أفراده، واضعين المصلحة المشتركة في المزاد، لولا أن الأطراف الوازنة في طليعتها الجزائر، تعيد في كل مرة تصويب الوجهة إلى البوصلة الصحيحة عنوانها فلسطين، أمّ القضايا، حيث المعركة الكبرى من أجل الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني المكرسة بموجب القانون الدولي لاسترجاع الأرض المغتصبة وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مهمّة تعني كل الدول العربية بالعودة إلى المنطلقات الأساسية انسجاما مع التاريخ والقانون الدولي وعلى الأقل احتراما للمبادرة العربية للسلام التي تبقى الحد الأدنى غير القابل للتنازل.