طباعة هذه الصفحة

د.أحمد علالي أستاذ بجامعة الوادي:

الجزائري يستهلك 260 كلغ من الحبوب سنويا

زهراء.ب

 

يتراوح معدل استهلاك الجزائري للحبوب، بين 240 و260 كلغ للفرد سنويا، مقابل معدل استهلاك عالمي يتراوح بين 80 إلى 100 كلغ، وهو ما يمثل إفراطا وتبذيرا في الاستهلاك، يقول الأستاذ الجامعي أحمد علالي، يستدعي ترشيد الاستهلاك وتغيير النمط الغذائي بدفع المستهلك نحو خيارات أخرى كالشعير والقمح الكامل، بدل الفرينة البيضاء التي يكلف استيراد مادتها الأولية ملايير الدولارات سنويا، يرمى جزءها في المزابل.

وأوضح الأستاذ علالي والمختص في زراعة التيرتيكال، في تصريحه لـ»الشعب»، أن الوصول للاكتفاء الذاتي في إنتاج الحبوب، يمكن أن يتحقق بالعمل على خفض معدل استهلاك هذه المادة الإستراتيجية، إلى حدود 100 كلغ أو حتى 150 كلغ، ولكن بالاستهلاك الحالي وصلنا إلى مرتين ونصف المعدل العالمي، في وقت تفطنت بعض الدول العربية لهذا الأمر ونجحت في خفض معدل استهلاك الفرد إلى 120 كلغ، باستعمال الدقيق الكامل.
واسترسل قائلا: إذا أردنا تحقيق الاكتفاء الذاتي في نفس المساحة الزراعية، يجب أن نعيد النظر في مكونات الخبز العادي، لأن الخبز الخالي من النخالة يشجّع الاستهلاك أكثر من الخبز الكامل الذي يحمل عدة مزايا فهو صحي بالدرجة الأولى ومدة حفظه طويلة بحكم توفره على نسبة ألياف عالية، تجعله لا يتعرض للتلف بسرعة.
ونبّه إلى أن 70 بالمائة من الجزائريين يعانون من أمراض القولون، السكري، الضغط الدم، نقص (فيتامين د) بسبب خلل في التوازن الغذائي الناجم عن عدم وجود الألياف في نظامنا الغذائي، مع العلم أن هذه الألياف موجودة في القمح الكامل وتساعد في سهولة الهضم عن طريق تنشيط بكتيريا النافعة الحميدة الموجودة في الأمعاء الغليظة تسهل الهضم وامتصاص الأملاح المعدنية والفيتامينات، وهذه تعتمد على الألياف الموجود في القمح الكامل، وتتلف بالمضادات الحيوية.
وأكد علالي أنه لو يتمّ تغيير تركيبة الخبز، يمكن لنا أن ننقص العبء على الخزينة، وتقليص فاتورة العلاج، مشيرا إلى أن دول أوروبية وصلت إلى فرض استهلاك الخبز الأسمر ويوجد بعض الدول مثل سويسرا يزيدون إضافات للخبز مثل طحين الشعير، وبعض الحبوب، لتحسين قيمته الغذائية.
وذكر أنه يمكن في الجزائر، توجيه المستهلك مباشرة نحو استهلاك الخبز الصحي غير المدعم دون إجباره على ذلك، بوضع له عدة اختيارات، وبمفرده يتجه نحو المادة التي تحمل قيمة غذائية جيدة، أو خصائص جيدة، مثل ما حدث مع الماء المعدني فالأغلبية يشترون قارورة 40 دج وبمعدل 10 قارورات يوميا، أو كما حدث مع مادة الحليب في ولاية غرداية التي حققت الاكتفاء الذاتي بـ5500 بقرة حلوب ووصلت إلى توريد الولايات المجاورة، وأصبح عيب من يشتري حليب الأكياس، وهذه الطريقة تجعل المستهلك يعزف عن التبذير ويتجه نحو النوعية.
التخلي عن الزراعة التقليدية
من جهة أخرى، يرى الأستاذ الجامعي أن معدل الإنتاج الوطني من الحبوب والذي يتراوح بين 13 و17 قنطار في الهكتار الواحد، في مساحة تتجاوز 3 مليون هكتار، «ضعيف جدا»، وبعيد كل البعد عن المعايير المقبولة، مشيرا إلى أنه في حال إتباع المسار التقني في نفس المساحة، سواء باختيار الأصناف المناسبة، أو برنامج تسميد مناصب، واستخدام الري التكميلي، واعتماد الدورة الزراعية، يمكن الوصول إلى مردود 40 أو 45 قنطار في الهكتار، وتحقيق الاكتفاء الذاتي دون استصلاح أراضي جديدة.
وأكد أنه حان الوقت، لوقف التعامل مع زراعة الحبوب على أنها فلاحة تقليدية، والتوجّه إلى النمط الجديد وهو الزراعات الإستراتيجية الكبرى، في مساحات تتجاوز 100 هكتار، وليس 4 أو 5 هكتارات، يتعامل فيها الفلاح أو المستثمر معها على أساس زراعات إستراتيجية تتضمن تخصصات وتحتاج توفّر آلات مخصّصة للزراعة المكثفة، فلا يعقل مثلما ذكر «أن يعتمد الزراعة التقليدية في مساحات أكبر من 100 هكتار، بدل استغلال تلك الأراضي بطرق حديثة لإنتاج أكبر مردود، وهذا ما يبقي المساحات الكبيرة حبيسة الطريقة التقليدية وتعطي مردود ضعيف جدا يبقيه بعيدا عن المنافسة».
كما ذكر أن تسعيرة شراء الحبوب السابقة والمحددة بـ 4500 دج بالنسبة للقمح الصلب، القمح اللين 3500 دج، شجعت الفلاحين على التوجّه إلى زراعة القمح الصلب، بدل القمح اللين، التي تستهلك الجزائر كميات كبيرة منه، لأن السعر غير مشجع، ولكن مع قرار رئيس الجمهورية رفع سعر الحبوب، سيزيد هامش ربح الفلاحة إلى أكثر من الثلث، وهذا يعطي لمنتج الحبوب «أريحية» في الاستثمار بزيادة هامش الربح والذي جاء في الوقت المناسب نظرا لارتفاع بعض أسمدة العمق إلى أكثر من الضعف والذي كان سيترجم بعزوف أغلب الفلاحين عن احترام المسار التقني لزراعة الحبوب مما ينجر عنه ضعف المردود، لكن بهذا السعر يقول علالي، «سيشجّع الفلاح على احترام المسار التقني والذي يعطيه مردودا أفضل وهنا تتحقق القاعدة رابح - رابح أي أن الفلاح ينتج بمردود جيد في مساحة أقل والدولة تنقص على عاتقها الاستيراد والتبعية».
ويقترح الأستاذ علالي، تشجيع إنشاء التعاونيات الفلاحية، والنوادي مثل نادي سيرتا، لطرح حلول علمية للمشاكل التي تقف حائلا أمام تطوير إنتاج الحبوب، وتطبيق المسار التقني الصحيح لتحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث تعد هذه التعاونيات فضاء للتشاور واللقاء بين المنتجين، الصناعيين، والخبراء، وقد تمّ تنظيم عدة لقاءات في نادي سيرتا، تم تقديم فيها عدة اقتراحات وحلول علمية لعلاج مشكل نقص مردودية التربة، وتمّ الاتفاق على تخصيص مساحة 300 هكتار للقيام بتجارب يستفيد منه منتجو الحبوب بولاية قسنطينة، ولو تمّ اعتماد هذه الطريقة من قبل المنتجين الآخرين بالولايات الأخرى والمعاهد الفلاحية لانجاز البحوث التي تستنبط المسار التقني جديد، لتبنى الفلاح هذا المسار، وتخلى عن الطريقة التقليدية، واعتماد أصناف البذور القديمة التي أصبح مردودها ضعيف بعد 15 سنة من استعمالها، في حين يوجد أصناف جديدة أصناف جديدة أعطت كفاءة عالية وأثبت نجاحها خاصة في شرق البلاد.
وأكد علالي، أن إتباع المسار التقني يمكننا من التحكم في سعر الإنتاج وهنا تتحقق الفائدة، والشيء الجميل في قسنطينة يوجد فلاحين بالرغم من الجفاف وصلوا 41 قنطار في الهكتار، لذلك ينبغي التعريف بالتعاونيات المنتجة للحبوب لأنها ستكون إضافة للقطاع.