طباعة هذه الصفحة

«الشعب» تستطلع آراء الفاعلين في التربية

النقابات: الاستدراك أو اقتطاع عطلة الربيع للتعويض

خالدة بن تركي

 

- إصابات وغيابات بالجملة والتلاميذ وسائط نقل الفيروس
 ثمنت نقابات التربية قرار إغلاق المدارس لعشرة أيام بهدف التصدي لتفشي متحور أوميكرون وكسر سلسلة العدوى في الوسط المدرسي، خاصة بعد أن تجاوز عدد الإصابات 1500 إصابة، وهو أعلى رقم منذ ظهور الوباء في بلادنا، ما دفع الفاعلين في قطاع التربية إلى المطالبة بتوفير الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لتطبيق البروتوكول الصحي الوقائي بعد عودة التلاميذ، مع وضع مخططات استثنائية تناسب كل الاحتمالات.

أكد الفاعلون في قطاع التربية، أن قرار تعليق الدراسة إيجابي وجاء في وقته لحماية الأسرة التربية من العدوى التي مست معظم المؤسسات التربوية، حيث سجل مؤخرا أكثر من 20 مصابا في مدرسة واحدة، ما يؤكد أن الوضع الصحي متأزم - بحسبهم- وبحاجة إلى الغلق لضمان الحماية لأزيد من 10 ملايين تلميذ، مع ضرورة وضع استراتيجية هادفة تضمن استمرار الدراسة وفق مبادئ أساسية تحمي الأسرة التربوية وتحافظ على سيرورة الموسم الدراسي.
القرار إيجابي والسلامة أولوية
قال المكلف بالإعلام بالنقابة الوطنية المستقلة لموظفي التربية «سناف «فرقنيس نبيل في تصريح لــ»الشعب»، إن القرار إيجابي وسيضع حد لحالة الارتباك الذي عاشته الأسرة التربوية جراء ارتفاع حالات الإصابة بفيروس أوميكرون الجديد في الآونة الأخيرة، مما خلق اضطراب وتذبذب في السير الحسن لعملية التمدرس، خاصة مع ارتفاع عدد غيابات التلاميذ والأساتذة لظهور الأعراض عليهم.
وما عمق المشكل- يقول المتحدث- غياب الإمكانيات المادية والبشرية وغلاء التحاليل دفع هؤلاء للحجر في منازلهم، إلا أن موقفنا هو رصد إمكانيات للمؤسسات التربوية مثل توفير الاختبارات والتحاليل الصحية المجانية لجميع التلاميذ وكذا جميع العمال من اجل إجراءها، ضمانا لحماية الأسرة التربوية من العدوى.
ودعا فرقنيس إلى توفير الإمكانات اللازمة لحسن سير الدراسة، من خلال ضمان ظروف صحية ملائمة تضمن الاستمرار بعد هذا الانقطاع الذي يجب أن يستغل في التعقيم والتنظيف، هذا إلى جانب التكفل بمستحقات الكشف عن هذا الفيروس من اجل إجراء الفحص لجميع العمال في حال ظهور أعراض الإصابة، مشيرا أن ظروف المادية للأساتذة والأسرة التربوية لا تسمح بإجراء تحاليل الكشف عن طريق «بي.سي.أر» أو التصوير بأشعة «السكانير».
وأكد المتحدث باسم نقابة «سناف»، أن الحل لوقف انتشار العدوى يكمن في التطبيق الصارم للبروتوكول الصحي، مشيرا إلى وصول الكثير من التقارير من مختلف المؤسسات التربوية تؤكد «النقص الفادح» في وسائل التعقيم والوقاية، مؤكدا أن الأستاذ يواجهون خطر الإصابة خاصة في مرحلة الذروة، أين سجلنا إصابات كثيرة في صفوف التلاميذ والأساتذة بلغت أوجها في الأسبوع الأخير قبل الغلق.
العمال مستعدون لتدارك التأخير
وأوضح بخصوص تأثير هذا التوقف على سير الموسم الدراسي، أنه يجب على الدولة توفير الإمكانات وتزويد وحدات الكشف والمتابعة بالإمكانات المادية والبشرية من توظيف أطباء وشبه طبيين وتوفير الاختبارات التحاليل الصحية والمجانية من أجل تفادي مستقبلا توقيف الدراسة، مع العلم أننا لا نعلم كم تدوم هذه الموجة- يقول المتحدث.
وتساءل المتحدث باسم نقابة «سناف» عن إمكانية استئناف الدراسة على ضوء ارتفاع عدد الإصابات، مؤكدا أن الحل يكمن في توفير الإمكانات الضرورية في مثل هذه الظروف الصحية لتفادى وقف الدراسة في كل مرة، حيث أكد أن عمال التربية بمختلف أسلاكهم ورتبهم مستعدون لاستدراك التأخر الحاصل ورفع التحدي من جديد.
واختتم قائلا، «صحيح أن تعليق الدراسة في مثل هذه الظروف يعتبر قرارا صائبا، بالنظر إلى الارتفاع الكبير في عدد الإصابات عند التلاميذ والعمال، في نفس الوقت يجب على الوزارة حماية العمال، وكذا التلاميذ من هذا الوباء وكذا رفع ميزانية تسيير المؤسسات التربية من اجل توفير وسائل ومستلزمات الوقاية لتطبيق البروتوكول الصحي المدرسي.
التعليق لكسر سلسلة العدوى
من جهته، قال رئيس المنظمة الجزائرية لأساتذة التربية «مجال» بوجمعة شيهوب، في تصريح لــ»الشعب»، إن القرار صائب وجاء لكسر سلسلة العدوى في الوسط المدرسي، وأيضا بناء على قرار اللجنة العلمية لمتابعة الوباء وكذا قرار خلايا الوباء التابعة لوزارة التربية الوطنية، مؤكدا أن جميع النقابات طالبت بوقف الدراسة بعد ارتفاع الحصيلة.
وأوضح المتحدث، أن المنظمة وصلتها تقارير واتصالات تؤكد وجود إصابات كثيرة في المدارس، بخلاف الموجات الثلاث السابقة، خاصة وأن التلاميذ كانوا عبارة عن وسائط نقل الفيروس للكبار، الأمر الذي أدى إلى تفشٍّ كبير في المؤسسات، ما نتج عنه غياب عدد من الأساتذة لفترة تتجاوز 10 أيام وأحيانا أكثر في الحالات الصعبة لدى المصابين.
واعتبر بوجمعة شيهوب، وقف الدراسة يضمن الحماية للأسرة التربوية والتلاميذ، لكن الأمر بحاجة أيضا إلى التعامل الجدي مع الفيروس في المدارس بتوفير وسائل الوقاية من كمامات، معقمات مع الحفاظ على التباعد الجسدي داخل الأقسام، مشيرا في الشق البيداغوجي أن التعليق لن يؤثر على سير البرنامج الدراسي، لأنه حتى في الأيام العادية المقرر الدراسي ينتهي بنسبة  80 إلى 90٪.
وستقدم المقترحات -يقول المتحدث - بعد استئناف الدراسة، حيث أن الأيام التي ضاعت سيتم تعويضها من خلال الاستدراك أو اقتطاع عطلة الربيع، وحتى في حال التوقف لمدة شهر فإن الحلول موجودة، لأن وزارة التربية الوطنية وضعت مخططات لكل الاحتمالات، مشيرا أن الفصل الدراسي سيكون عاديا إذا خفت الإصابات وتمت العودة في وقتها.
قرار نثمنه
من جانبه اعتبر الناشط التربوي كما نواري، قرار تعليق الدراسة لمدة 10 أيام في الأطوار التعليمية الثلاثة، صائبا من أجل توفير الحماية لجميع عمال التربية، خاصة أن حالات الإصابة في تزايد والتفشي السريع للإصابات في الوسط المدرسي ولكسر سلسلة انتشار الوباء في المؤسسات التربوية فهو فيروس سريع الانتشار.
وما يجب الإشارة إليه الإجراءات الصحية والبيداغوجية الواجب اتخاذها بعد غلق المؤسسات لحماية المتمدرسين والموظفين وحتى الأولياء، خاصة وأن الكل يعرف أن هناك إجراءات سابقة اتخذت من طرف وزارة التربية قلصت من السنة الدراسية كتعديل في تاريخ الدخول المدرسي من 7 سبتمبر إلى 21 سبتمبر وقرار تعديل في عطلة الشتاء وتقديمها من 16 إلى 9 ديسمبر ثم تعليق الدراسة لمدة 10 أيام مما يلزمنا كأسرة تربوية التفكير في الدروس الضائعة.
وأكد كمال نواري ضرورة تفعيل قناة المعرفة التابعة للتلفزيون الجزائري وتقديم حصص تربوية تعويضية خاصة لأقسام الامتحانات «شهادة التعليم المتوسط «وكذا «البكالوريا» للاستفادة من القنوات التعليمية للديوان الوطني للتعليم عن بعد وأيضا من خدمات أرضيات الدعم المدرسي عبر الانترنت بصورة مجانية عبر عناوين إلكترونية.
وفي الجانب الصحي، يجب التطبيق الصارم للبروتوكول الصحي في المؤسسات التربوية وخارجها، كارتداء الكمامات وغسل اليدين والتباعد الاجتماعي، وكذا اعتماد التلقيح كواجب وطني تضامني وأخلاقي يلزمنا به واجب الأمن الصحي والوقائي لأبنائنا ولبلدنا، مع إعادة تفعيل التعليمة الوزارية المشتركة رقم 1 المؤرخة في 10 جانفي2021 المتعلقة بتعزيز الجهاز الصحي للوقاية ومكافحة كوفيد-19 في الوسط المدرسي وهو رد ضمني على مطلب غلق المؤسسات التربوية وإنهاء الجدل القائم حولها.
ووجه الناشط التربوي، نداء خاصا للأولياء من أجل مرافقة الأبناء وإبعادهم على المخاطر وإبقائهم في البيت للمراجعة واستغلال هذا الوقت في فهم الدروس التي تعثروا فيها في الفصل الأول، خاصة تلاميذ الأقسام النهائية الذين هم على موعد مع امتحانات مصيرية بعد أشهر قليلة.
القرار إجراء وقائي
وقال الخبير التربوي بن زهرير بلال، في تصريح لــ «الشعب»، إن المتأمل جيدا في القرار القاضي بتعليق الدراسة في جميع الأطوار الدراسية لمدة 10 أيام كاملة، يقف على حقيقة مفادها، أن المتحور الجديد «أوميكرون» سريع الانتشار؛ وإذا ترك الأمر دون إجراءات احترازية وقائية فالنتيجة ستكون مخيفة جدا في المؤسسات التربوية.
وبناء على كثير من المعطيات والإحصائيات الدقيقة التي قدمت للمصالح المعنية حول انتشار الوباء في الوسط المدرسي، وكإجراء وقائي تقرر تعليق الدراسة الذي هو» قرار صائب»، نثمنه كخبراء وفاعلين في القطاع، «فحفظ صحة أبنائنا أولى ومقدمة من أي شيء»، والبرنامج الدراسي لن يتأثر بأي حال من الأحوال، لأنه حتى في الحالات العادية لا ينهى بالنظر لكثافته.
ولكن تأثير هذا القرار سيكون على التحصيل العلمي للتلميذ، خاصة في الفصل الثاني الذي شهد إطالة في العطلة الشتوية من جهة، وأيضا تعليق الدراسة لمدة 10 أيام، فالأمر أكيد له تأثير على التحصيل العلمي والمعرفي، لكن دون أن ننسى أن التلاميذ يدرسون في فترة استثنائية وبالتالي عملية التحصيل المعرفي تبقى أيضا استثنائية، فلا يمكننا الحديث عن تحصيل معرفي كامل للمتمدرس، إلا بوجود ظرف صحي آمن وحجم ساعي عادي.
والمؤكد - يضيف الخبير التربوي-، أن الطواقم التربوية من أساتذة وإداريين يدركون حجم التحدي في هذا الظرف، وهو ظرف مشابه لتلك الظروف التي مروا بها في بداية الجائحة، وكانت النتيجة ايجابية لرفعهم للتحدي ونجاحهم فيه، من خلال ضمان إكمال الموسم الدراسي دون مشاكل بيداغوجية.