طباعة هذه الصفحة

تعليق الدراسة لـمدة 10 أيام

كسر سلسلة العدوى مع الحيطة من فجوة في البرنامج

فتيحة كلواز

 

- قرار يحفظ لتلاميذ أقسام الامتحانات نفس حظوظ النجاح
 - متحـــــــــوّر «أوميكـــــــــــــــرون» يصيـــــب 20٪ من الأطفــــــــال
كان لابد من اتخاذ القرار المناسب تبعا لتطورات الوضع الوبائي، بعد تجاوز عدد الإصابات اليومية 1500 إصابة. ولإبعاد أي احتمال يكون انعكاسه كارثيا على السنة الدراسية، مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة التلميذ أولا ثم الأستاذ والطاقم التربوي، تم تعليق الدراسة لعشرة أيام، ابتداء من الخميس الماضي، لكسر سلسلة العدوى من جهة ومنع وجود تفاوت في تحصيل البرنامج الدراسي بين التلاميذ والمؤسسات التربوية من جهة أخرى، بغية المحافظة على نفس حظوظ النجاح، خاصة لأقسام الامتحانات النهائية.

 بعد اجتماع «استثنائي» ترأسه الرئيس عبد المجيد تبون لتقييم الوضع الوبائي، بحضور أعضاء اللجنة العلمية لرصد ومتابعة تفشي فيروس كورونا، نهاية الأسبوع الماضي، تقرر تعليق الدراسة وغلق المؤسسات التربوية في الأطوار التعليمية الثلاثة أمام التلاميذ لكسر سلسلة العدوى ومنع تحولها إلى بؤر لانتشار فيروس كورونا، خاصة وان الكثير من الأولياء والأساتذة طالبوا، الأسبوع الفارط، باتخاذ القرار المناسب أمام ارتفاع حالات الإصابة بكوفيد-19 وسط التلاميذ والأساتذة معا.
جاء هذا القرار كنتيجة حتمية لمعطيات وبائية، أكدت تفشي فيروس كورونا في الوسط المدرسي ما أدى إلى غياب التلاميذ والأساتذة بسبب الإصابة، فيما فضل البعض الآخر من المصابين الاستمرار في الدراسة بصفة عادية، بالرغم من الأعراض الظاهرة عليهم، الشيء الذي ساهم في إرباك زملائهم والأساتذة في نفس الوقت. وهو ما أثار الكثير من الاحتجاجات داخل المؤسسات التعليمية بسبب رفض الأولياء تدريس الأساتذة المصابين بالعدوى لأطفالهم، وكذا احتجاج الأساتذة الرافضين لتدريس التلاميذ المصابين بالفيروس، بالإضافة إلى لجوء البعض إلى التشخيص الذاتي وتناول الأدوية دون استشارة طبية، ما يعني عدم امتلاكهم تبريرا طبيا في حالة غيابهم عن المدرسة.
 كما ساهم غلاء اختبار «بي.سي.آر» في عزوف كثير من الأولياء أو الأساتذة عن الذهاب إلى الطبيب، مما زاد الطين بلة في عدم وجود كشف طبي رسمي لتطبيق البرتوكول الصحي لغلق المدارس، حيث ينص على غلق القسم عند وجود ثلاث حالات إصابة وغلق المدرسة عند وجود ثلاثة أقسام مغلقة بسبب العدوى، وهو ما تسبب في فوضى كبيرة انتهت بمنع بعض الأولياء ذهاب أبنائهم الى المؤسسات التعليمية الموبوءة.
عدم تطبيق البروتوكول الصحي المعتمد من طرف وزارة التربية، زاد من حالة الارتباك التي عاشتها المؤسسات التربوية طوال الأسبوع الماضي، بسبب الارتفاع الملحوظ في عدد الإصابات، وبالنظر أيضا الى لجوء بعض المؤسسات التربوية الى الغلق لتسجيلها حالات إصابة تجاوز في بعضها عتبة المئة، كان لابد من اتخاذ القرار المناسب والانسب للحالة التي تعيشها المؤسسات التربوية، وهو ما تم بالفعل بعد الاجتماع الاستثنائي بين رئيس الجمهورية واللجنة العلمية لدراسة الوضعية الوبائية، حيث أفضت إلى قرار تعليق الدراسة لمدة عشرة أيام، بدءاً من الخميس الماضي.
في هذا الصدد، اعتبر المختصون من أطباء وتربويين القرار بالوجيه والأنسب في الوقت الحالي، حيث طالبت جمعيات أولياء التلاميذ في وقت سابق، بغلق المؤسسات التربوية لـ15 يوما وإخضاع المتغيبين لبرنامج دراسي خاص لاستدراك ما فاتهم من دروس.
اتساع فجوة التحصيل
لم يكن الخوف من العدوى السبب الوحيد في اتخاذ قرار تعليق الدراسة لعشرة أيام، فاتساع فجوة التحصيل الدراسي وازدياد التفاوت بين التلاميذ في تحصيل المكاسب المعرفية داخل القسم الواحد، وتفاوت المؤسسات في تطبيق البرنامج الدراسي يؤدي إلى نوع من عدم التوازن المعرفي بين التلاميذ، لأن البعض وبسبب تغيبهم الذي قد يصل إلى 15 يوما، سيكون عليهم مجابهة تأخرهم في البرنامج الدراسي ونفس الشيء يمكن قوله على المؤسسات.
التفاوت الحاصل في البرنامج الدراسي، يترتب عنه فجوة كبيرة بين التلاميذ، ما يعني من جهة أخرى عدم تساوي حظوظهم الدراسية في الامتحانات، خاصة أولئك المعنيين بامتحانات نهاية السنة كشهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا، وهو التخوف الذي أبدته النقابات وجمعيات أولياء التلاميذ. فالمؤشرات الوبائية في الأسبوع الأخير، نبهت الى إمكانية تسجيل تفاوت في تقدم البرنامج الدراسي عبر مختلف المؤسسات التربوية، خاصة في الولايات التي تعرف ارتفاعا كبيرا في عدد الإصابات كالعاصمة، وهران، البليدة، قسنطينة سطيف وجيجل، ما سيكون له، لا محالة، تأثير سلبي على مردود المتمدرسين، بالنظر الى تزامن هذا الأسبوع مع فترة الفروض الفصلية.
في ذات السياق، سيكون التحصيل المعرفي للتلاميذ على ضوء ظرف استثنائي تعرفه الوضعية الوبائية بعد انتشار المتحور «أوميكرون»، في غياب التطبيق الصارم للبروتوكول الصحي في مختلف المؤسسات التربوية بسبب حالة التراخي والاستهتار السائدتين، كان من الضروري تعليق الدراسة لـمدة 10 أيام قد يكون تمديدها ممكنا، بالنظر الى تجاوز عدد الإصابات 1500 إصابة في اليوم ومع احتمال بلوغ ذروة الموجة الرابعة في الأسبوعين المقبلين، بحسب المختصين.
في هذا الصدد، قال عضو المجلس العلمي لمتابعة فيروس كورونا الدكتور إلياس إخاموك، إن الجزائر لن تصل الذروة قبل نهاية الشهر الجاري، لذلك ستتواصل الأرقام في الارتفاع مع تسجيل أرقام أكبر من تلك المسجلة في الموجة الثالثة، مؤكدا ان المتحور أوميكرون يمس الأطفال بنسبة 20٪، حيث سجلت فرنسا تواجد 60 طفلا بالعناية المركزة، بينما في الولايات المتحدة يرقد أكثر من 200 طفل بالعناية المشددة، كاشفا أن الأطفال أصحاب الأمراض المزمنة كالسكري وأصحاب السمنة المفرطة هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض.
توقيف الدراسة لا يعتبر عطلة
 لذلك ولاستكمال السنة الدراسية حضوريا ومنع الصعوبات، بيداغوجية وتربوية، اعتبر المختصون قرار تعليق الدراسة وجيها وصائبا، نظرا لارتفاع عدد الإصابات بالفيروس في الوسط المدرسي، مع التأكيد في نفس الوقت على ان توقيف الدراسة لا يعتبر عطلة بالنسبة للتلاميذ، حيث دعوا الأولياء إلى إبقاء أولادهم بالمنازل من أجل كسر سلسلة العدوى.
 وحثت وزارة التربية في بيان لها، الأولياء ودعتهم «بإلحاح» الى توخي أقصى درجات الحيطة والحذر والحرص على إبقاء التلاميذ للمراجعة في المنزل والتأكيد على تجنيبهم وإبعادهم عن أماكن الزحام والاكتظاظ وعدم الاحتكاك بالآخرين حتى نبلغ الهدف المنشود من هذا التعليق للدراسة.
حملة تلقيح رابعة
وبُغية تسريع حملة التلقيح، أعلنت وزارة التربية عن تنظيم حملة تلقيح رابعة من 23 الى 27 جانفي، من اجل رفع نسبة التلقيح وسط مستخدمي قطاع التربية بكل فئاته المهنية، حيث كشف وزير التربية، في وقت سابق، عن بلوغ نسبة التلقيح 33٪ أي ما يقارب 270 ألف من عمال التربية أخذوا جرعة على الأقل من اللقاح، معتبرا النسبة منخفضة مقارنة بالعدد الإجمالي لمنتسبي القطاع البالغ عددهم ما يقارب 800 ألف.
وفي الوقت نفسه، اعتبر بلعابد التلقيح واجبا وطنيا وأمنيا وأخلاقيا، يساهم في الحفاظ على حياة الفرد والمجتمع ككل، بل هو عامل أساسي ومحوري لعودة الحياة الى طبيعتها، على اعتبار انه الوسيلة الأنجع للتعايش السليم والصحيح مع الوباء، لذلك حرصت الوزارة على إطلاق حملات متتالية للتلقيح رغم العزوف الواضح لمستخدمي القطاع.
ولن يكون العزوف الصفة المميزة لقطاع التربية فقط، بل هو سلوك اتسمت به أغلب فئات المجتمع التي تقاوم بشدة التلقيح وترفض الذهاب طواعية الى مراكز التلقيح، ليبقى الإقبال عليه محصورا في ردة فعل لارتفاع الإصابات فقط. ولمواجهة هذا العزوف، فرضت الجزائر في 25 ديسمبر الماضي الجواز الصحي كشرط للدخول الى أراضيها او مغادرتها، الى جانب اشتراطه لولوج الفضاءات والأماكن والمباني ذات الاستخدام الجماعي، أو التي تستقبل الجمهور مثل الملاعب والقاعات الرياضية والمؤتمرات والتظاهرات.
وبحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة، بلغت نسبة التلقيح 11٪ من السكان، بينما وصلت الى 28٪ بالنسبة لمن هم أكبر من 18 سنة، مؤكدة في الوقت نفسه أن 94٪ من يتوفون بفيروس كورونا من غير الملقحين، ما يعكس الأهمية الكبيرة للتلقيح لتفادي الأعراض الحادة والمعقدة للإصابة، لذلك سيكون رفع الإقبال على التلقيح أكبر رهانا ترفعه الجزائر من اجل المحافظة على تحكمها في الوضع الوبائي ومنع خروجه عن السيطرة.