طباعة هذه الصفحة

تداعيات توقيع مذكرة تفاهم بين بنك الجزائر و«أيوفي”

نحو حلّ مشكلة الضوابط الشرعية في البنوك الإسلامية وتوحيدها

هيام لعيون

 

أكد الأستاذ بجامعة ورقلة سليمان ناصر، أن اتفاقية التعاون التي أمضاها بنك الجزائر مع هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية “أيوفي” بالبحرين، مؤخرا، خطوة هامة في سبيل ترشيد وتقويم مسيرة المالية الإسلامية والصيرفة الإسلامية بالخصوص في الجزائر، وتوحيد الضوابط الشرعية في المجال، من باب أن الهيئة متخصصة في إصدار معايير المحاسبة والمراجعة وضوابط الحوكمة والمعايير الشرعية.


أشار الخبير الاقتصادي لـ “الشعب”، أن الجزائر إحدى الدول التي وُضعت فيها أسس هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية بتوقيع مذكرة لتأسيسها في عام 1990، غير أنه ونظرا للظروف الأمنية التي كانت سائدة في تلك الفترة، وبحكم أن اقتصادنا كان مغلقا، وخرجنا للتو من نظام اشتراكي متهالك، حيث كان من المستحيل العمل في الجزائر، ومن ثمّ ــ يقول المتحدث ــ تمّ الاتفاق بالعمل على ذلك الإطار في دولة البحرين في سنة 1991، مبرزا أن هذه الهيئة “تصدر معايير محاسبية وشرعية فيما يتعلق بالمنتجات المالية الإسلامية، منها المرابحة، المشاركة والإجارة وغيرها، وهي بذلك تضبط نوعين من المعايير، المحاسبية والشرعية، وتحدد الشروط الشرعية لذلك”.
وأضاف، أنه وفي حالة انضمام الجزائر للهيئة سالفة الذكر، فإنها ستكون أول المستفيدين من هذه المعايير، على غرار بنكي البركة والسلام، حيث سيستفيدان من تلك الشروط والمعايير، وذلك عن طريق تعليمات صادرة عن البنك المركزي، وتصبح المعايير الشرعية موحدة، لكن ــ يضيف سليمان ــ فإنه ومن الناحية المحاسبية الأمور صعبة، لأن الجزائر لها نظامها الذي لا يمكن تجاوزه. أما من الناحية الشرعية، وفي حالة ما تقيدنا بها، سيساعدنا في حل مشكل تحديد الضوابط الشرعية، حيث ستكون شبه موحدة في طريقة تقديم الخدمة، نظرا لتقيّد البنوك بشروط “أيوفي” بطريقة التقديم والمراحل والإجراءات.
وبعد أن شدد على أن البنك المركزي لم يشر إلى محتوى الاتفاقية، أكد الخبير أنه وفي حال تبنيه للمعايير الشرعية وأجبر البنوك على تبنيها أيضا، فإن طريقة تقديم الخدمة الإسلامية من الناحية الشرعية ستُوحد، من طرف بنوكنا الإسلامية (وما يسمى بالشبابيك الإسلامية)، وستوحّد كثيراً من شكل تقديم الخدمة أو المنتوج المصرفي الإسلامي مما سيسهّل من عمل هيئات الرقابة الشرعية، وهي الرقابة التي يُثار حولها الجدل في بلادنا، وهو الأشكال المطروح اليوم في الجزائر، خاصة وأن “أيوفي” تضم علماء من مختلف المذاهب ومن مختلف دول العالم الإسلامي، وهو ما يتيح لها إصدار تلك الأحكام الشرعية”.
وأبرز أستاذ الاقتصاد، أن “هناك هيئة أخرى لا تقل أهمية عن الهيئة السابقة، وهي مجلس الخدمات المالية الإسلامية بماليزيا، والتي تقتصر العضوية فيها على البنوك المركزية، ونتمنى بالتالي انضمام بنك الجزائر إليها حتى يستفيد من الخدمات المهمة التي يقدمها هذا المجلس للصيرفة الإسلامية، مبرزاــ في منشوره عبر صفحته الإفتراضيةــ أنه “يقدم معايير تفيد عمل البنوك المركزية في البلدان الإسلامية خاصة”.
 ومن أهم هذه المعايير، ما يتعلق بمعدلات حساب كفاية رأس المال للبنوك، حيث ينجز المجلس معايير لحساب ذلك المعدل بما يتلاءم مع معايير لجنة بازل العالمية المتخصصة في وضع تلك المعايير من جهة، وتتلاءم مع طبيعة وخصوصية العمل المصرفي الإسلامية من جهة أخرى.
وشدد على أن الأمر “سيطوّرها باستمرار كلما أُدخلت تعديلات على معايير بازل الأصلية، وهو ما جعلها تلقى الاعتراف من الهيئات المالية والنقدية الدولية، وتصبح إجبارية التطبيق من طرف البنوك الإسلامية في العديد من الدول العربية والإسلامية بعد تبني البنك المركزي لها في تلك الدولة”.
وكان بنك الجزائر، قد وقع، الأسبوع الماضي، مذكرة تفاهم مع هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية “أيوفي”، بهدف التعاون والتنسيق لتطوير صناعة التمويل الإسلامي في الجزائر.
وبموجب هذه الاتفاقية، يعمل الطرفان “في المجالات ذات الاهتمام المشترك التي تدعم تطوير صناعة التمويل الإسلامي في الجزائر” وهو ما يشمل “التبادل الفعال للمعلومات، تنفيذ برامج بناء القدرات المشتركة في الجزائر والمتعلقة بمعايير هيئة أيوفي، فضلا عن استضافة الفعاليات والأنشطة لتعزيز الوعي بالتمويل الإسلامي في السوق المحلية لصالح مختلف المعنيين، بما في ذلك المهنيون العاملون في المجال التنظيمي والإشرافي في البنوك والمؤسسات المالية وكذلك الأكاديميون وعلماء الشريعة وغيرهم”.