طباعة هذه الصفحة

حال الدنيا

التكوين الفعّال

سيف الدين قداش
09 فيفري 2022

يُطرح سؤال وجيه في الجزائر بشكل دوري بين قيمة الشهادة ونوعية التكوين، بين جدوى التعليم أو التكوين والعلاقة مع سوق العمل، وهنا يتجلى بالعمق الكافي، السؤال الوجيه، هل نكوّن طاقات المجتمع الجديدة وموظفي المستقبل الذين سيشرفون على الوظائف التنظيمية والإدارية وغيرها بالشكل الفعال والمأمول؟
بلا شك فإن التحول الاقتصادي المرجو في الجزائر بحاجة لطاقات حقيقية تخلصت من ذهنية العبث والاعتباطية في التكوين والتأطير والتأهيل وأضحت تتحصل على تكوين صارم يؤهل خريجيه للعمل الفعال، أو تأسيس مشاريع اقتصادية أكثر جدية وجدوى من ناحية الإصلاح والتحديث الاقتصادي والنمو فيه، وتقديم خدمات أقرب لمشاكل المجتمع ومتطلباته؛ ذلك أن الجهد الحقيقي المبذول يؤتي أكله وكذلك التكوين المحكم والمتقن لمن ألقى السمع أو كان شهيدا.
لقد نجحت ألمانيا في تسيّد أوروبا اقتصاديا والتربع على مرتبة رابع قوة اقتصادية في العالم لسنوات، بفضل استراتيجية واضحة المعالم ركزت على التعليم، التمهين والتكوين التقني في جامعاتها، بحيث أن أغلب طلبتها سنويا هم أصحاب التخصصات المرتبطة بالصناعات والحرف والمهن، من خلال توظيف نظام «الاوسبيلدونغ»، وهو عبارة عن تدريب مهني يمكن القيام به في الشركات أو المتاجر وفي نفس الوقت يكون الطالب ملزما باستكمال دراسته؛ بمعنى العمل والدراسة في الوقت نفسه.
ولأنهم المثال والأنموذج، أجدني اليوم أدعوا، كمواطن متابع لمشاكل المجتمع وتحدياته، لمراجعة طرق التكوين وآلياته في الجزائر، لتصبح أكثر جدية من ناحية المحتوى المعرفي والمستوى الفعال في الأداء لمن يمنحون شهادة أكاديمية أو مهنية تصبح بشكل دوري عبئا على آليات التشغيل، أو على الإدارات والمؤسسات المختلفة عندما يتسرب إليها من يملكون شهادة في تخصص ويعدمون الكفاءة فيه، والأدهى والأمرّ في ذلك أن يحدث ذلك في تخصصات مصيرية تتعلق بحياة الناس أو مصائرهم ومآلات أمورهم.
لقد تجلى أن الجزائر بحاجة لتضحيات في العمل والتكوين والإصلاح وتغيير الذهنيات لتصبح دولة ذات اقتصاد كبير يضاهي مستوى إمكانياتها ولا شك أن الطاقات والكفاءات المكونة بشكل متقن هم وقود ذلك وقوته.