طباعة هذه الصفحة

ترجمها علاوة وهبي وصدرت عن دار خيال

نورالدين عبّة يعود بـ «غزالة بعد منتصف الليل»

تقديم: نورالدين لعراجي

صدر للكاتب نور الدين عبة مجموعة شعرية تحمل عنوان «غزالة بعد منتصف الليل.. «أغاني الحب والحرب للثورة الجزائرية» ترجمها إلى اللغة العربية الناقد والروائي الأستاذ جروة علاوة وهبي، صادرة عن دار خيال للنشر والترجمة لصاحبها المبدع والروائي رفيق طيبي، بحيث ستكون حاضرة من خلال الطبعة الخامسة والعشرون للصالون الدولي للكتاب سيلا 2022 المقررة من 24 إلى 31 مارس المقبل بالصنوبر البحري.

تمكّن الروائي والمترجم جروة علاوة وهبي من نفض الغبار على واحد من أهم الشعراء الجزائريين الذين كتبوا القصيدة الحديثة، إلى جانب أبناء جيله مثل جان سيناك، بشير حاج علي، ومفدي زكريا، إلا أنه ظل الوحيد الذي لا يذكره المشهد الادبي في الجزائر، على عكس أقرانه من بني جيله، وبعد وفاته سنة 1996 بباريس، ولولا بعض الاصدارات المسرحية التي كتبها في مراحل معينة من مسيرته الاعلامية والثقافية لبقي نورالدين عبة نسيا منسيا.
ترجم جروة علاوة المجموعة الشعرية «غزالة بعد منتصف الليل.. أغاني الحب والحرب للثورة الجزائرية «إلى العربية، حيث جاءت خالية من العناوين الهامشية التي عادة ما تكون في الاصدارات الشعرية عناوين مفتاحية تميز النصوص عن بعضها البعض، فمن خلال 121 صفحة من الحجم المتوسط جاءت قصيدة واحدة تتحدث عن غزالة التي أرادها الشاعر صاحب الإصدار نورالدين عبة اللغز والهاجس، كما أن الاصدار جاء لا يحتوي لا على مقدمة ولا على فهرس.
يقول الشاعر على لسان المترجم في مقدمة الإصدار أن جاء إلى غزالة من نهاية العالم وهي صورة تقريبية للواقع الذي تعيشه الجزائر في تلك الفترة، كأن غزالة هي الموطن والمنفى في آن واحد، مثلما جاءت به التوطئة التي تضمنت المجموعة وهي لأحد كولون الجزائر ابان الفترة الاستعمارية، حيث جاء على لسانه «ننادي كل العرب بفاطمة أو أحمد أولا لأن لهم أسماء تجعلك تنام، ثم لأنهم ولأنه بالنسبة لي لا أهمية لذلك، إن هؤلاء الناس ليسوا قادرين على العاطفة أيا كان نوعها مثلنا نحن البيض، إنني أعيش بين الأهالي منذ خمسين سنة، هل تعتقدون أنني أعرفهم، صدقوني إن كنتم تريدون أن يسمعوكم فليكن في إحدى أيديكم سوط، وفي الثانية صحن حساء تماما كما مع كلابكم».
وفي الاطار يقول الشاعر نورالدين عبة:
تناديني غزالة
وقد جئت من بعيد
تقريبا من نهاية العالم
هنا حيث السماء، الفضاء
الذي تسحقه الشمس
يكونان في تمام صفرتهما
ثم ينتقل الشاعر إلى شخص آخر من القصيدة المطولة، يحدثه عن وردة تفتح أوراقها وتمنح عطرها ليلا عكس كل الورود والأزهار الأخرى وهي صورة دلالية وظّفها الكاتب اسقاطا للظروف التي كان يعيشها في قوله:
عزيز.. أعرف أن الوردة
تتفتح في ظل هذه الليالي
التي يسكنها باستمرار.. تسكنها
ذكرى شعب
اليوم اختفى
أعرف المكان السري
حيث تحيا ذاكرته
الخالدة اللاتفية

إلى أن يقول في مقطع آخر: تبحث عن معرفة الذي يحدث.. من غير المألوف، وغير العادي فيك.. للأسف لا شيء تفهم في هذا اللايقين.. إنه الصمت الكبير للسهاد.. إنه أرق الليلة لعزلة كبيرة.. لن يكون بعد لحظة.. تكفيك للجرأة.. ذات يوم صرخة في الفجر.
للتذكير يعتبر الكاتب والإعلامي نورا لدين عبة من جيل كاتب ياسين الذي درس معه في ثانوية سطيف، في الأربعينيات، وكان عضوا في حركة انتصار الحريات الديمقراطية، ثم انخرط في الحزب الشيوعي الجزائري واشتغل في الصحافة باللغة الفرنسية، خاصة يومية الجزائر الجمهورية إلى جانب الروائي والكاتب محمد ديب، عبد الحميد بن الزين، أسس قبل وفاته سنة 1996 جائزة أدبية تحمل اسمه تمنح لأفضل كاتب خلال السنة الثقافية، لكنها توقفت بمجرد وفاته.