طباعة هذه الصفحة

خـبراء في الاقتصـاد:

بقـاء الدّعـــم يطيـــل عـمـــر الجريمـــة ويكرّس النّدرة

زهراء - ب

 يتّفق خبراء في الاقتصاد على أنّ إعادة توجيه الدعم لمستحقيه، سيقلّص جريمة التهريب التي أصبحت تطال بحجم كبير مواد غذائية واسعة الاستهلاك، مسبّبة نزيفا حادا للاقتصاد الوطني وللعملة الصعبة.

 
 ظاهرة تهريب المواد الغذائية المدعّمة إلى دول الجوار تفشّت منذ سنوات، في نظر أستاذ الاقتصاد والخبير في المالية سليمان ناصر، والسبب الوحيد حسب قوله «هو الدعم»، الذي أكّد أنّ استمراره بهذه الطريقة سيبقي مشاكل الندرة، والصفوف الطويلة على الحليب، والمواد الغذائية الأكثر استهلاكا، لذلك يقترح الإسراع بإعادة توجيهه إلى مستحقيه لأنّه يأخذ حصة كبيرة من ميزانية الدولة، ويقف وراء تنامي جريمة التهريب، التي في النهاية هي نزيف حاد للاقتصاد الوطني والعملة الصعبة، فسنويا نخصّص ملايير الدولارات في ميزانية الدعم، (17 مليار دولار عام 2022)، وهو مبلغ كبير بدل أن يستفيد منه مستحقّوه، يستنزف جزء منه من قبل دول الجوار.
وأضاف أنّه مع انخفاض قيمة الدينار فتحت شهية المهرّبين على تهريب هذه المواد لدول الجوار التي وجدت ضالتها في السلع الجزائرية المدعمة لأنّها منخفضة الثمن بالعملة الصعبة، وسعرها أقل تكلفة من السعر الذي يشتري به المواطن الجزائري، وهذا ما يشجع تهريبها بكميات كبيرة.
وقال الأستاذ سليمان صحيح يوجد سكان مهمشين في المناطق الحدودية، ويعانون البطالة وأصبح التهريب مصدر استرزاق لهم خاصة العائلات المعوزة والفقيرة، ولكن ما يشجعهم هو دعم هذه المواد والسلع، وهذا ما يثير فتح شهيتهم على التهريب، لأنه مع انخفاض قيمة الدينار يصبح سعرها قليلا في دول الجوار، وتصبح سلع الجزائر رخيصة الثمن بالنسبة للمواطن التونسي أو المالي أو المغربي، ويكثر الطلب عليها وهذا ما يشجع كثيرا التهريب.
استئصال هذا المرض الكبير يكون عن طريق تسريع إصلاح نظام الدعم، يقول الأستاذ سليمان، وهذا هو مفتاح حل هذه الجريمة، لأن إلغاء الدعم مثلما ذكر يرفع قيمة المواد الغذائية ويقلص تهريبها.
ويعتقد أنّ رفع الدعم سيحقق نتائج كثيرة ولا ينقص جريمة التهريب، حيث سيقلّص من نفقات ميزانية الدولة وتبذير المواد الغذائية خاصة الخبز ونحن من كبار المستوردين للقمح، موضحا أن رفع الدعم سيقضي على جميع هذه الأمراض، إذا اشتعلت الحرب في أوكرانيا سيرتفع سعر القمح أضعافا مضاعفة، وهذا سيؤدي إلى اشتعال الأزمة ويخلق الندرة.
ووافق عضو اللجنة المالية بالمجلس الشعبي الوطني عبد القادر بريش، رأي الأستاذ ناصر، وقال بدوره «جريمة التهريب ستبقى ما دام الدعم موجودا، ولكن يمكننا مستقبلا القضاء على هذه الظاهرة عندما ننقص من السلع المدعمة ونتجه لنظام رفع الدعم».
إضافة ذلك، يستدعي الأمر تشديد الرقابة على المناطق الحدودية، خاصة المصالح التجارية، فحسب تصريحات أحد المسؤولين تم العثور في منطقة حدودية على كمية من مادة الفرينة تفوق احتياجات الاستهلاك المحلي بـ 300 بالمائة، وهذا دليل على التهريب.
وأشار بريش إلى أنّ التّهريب الذي كان يمس بالأمس القريب البنزين بكميات كبيرة، قلت في السنوات الأخيرة في المناطق الغربية والشرقية، انتقل إلى السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية المدعمة، والحل الوحيد لمجابهة هذه الظاهرة حسب رأيه «هو تشديد الرقابة والتنسيق والتعاون بين كل المتدخلين لدعم رقابة الحدود في المرحلة الحالية، وفي مرحلة لاحقة إصلاح نظام الدعم في الجزائر ويصبح المهرب لا يحقق أرباحا، وليس لديه هامش ربح، وهذا سيجعله يعزف عن التهريب، لأن هذه العملية الآن مربحة وأسعار المواد المهربة أثمانها رخيصة في الجزائر وتحقق له أرباحا في أسواق دول الجوار، سواء في الشرق والغرب والجنوب».
ومن بين الحلول الآنية المقترحة، يقول بريش «تكثيف مصالح التجارة الرقابة على المناطق الحدودية وضبط التجارة عند تجار الجملة في هذه المناطق ومراقبة التخزين».